ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم
قالها الإبراهيمي ولو جاءت متأخرة لبعض الوقت، «لا يوجد كلمة من ذلك صحيحة»، في ردّه على التقولات وحرب التسريبات..
وفي قوله ما يكفي للعودة إلى كثير من الدفاتر المحالة إلى التقاعد المبكر.. قديمها وجديدها، وتصفّح الأوراق المنسيّة فيها، وتلك التي ما زالت قيد التداول، ليس للاستدراك، بل كقرينة إضافية على سيل الكذب المتواصل.
نقرّ والعالم أيضاً، بأنه آن الأوان لتقويم الاعوجاج… وهو إقرار يتكرر بين الفينة والأخرى… ليس للحاجة إلى معرفة الاتجاه، فأكثر من يعرفه، بل يحدّده هو البوصلة السورية بثوابتها الوطنية، وعناوين السيادة والقرار المستقل.
نقرّ ونستدل وفي فرصة لا تتكرر دائماً وقد تكون الأخيرة، لعل الكذبة وتجار الاسترزاق على الدم وشركاء الضغينة والحقد وعتاة الإرهاب، يعيدون حساباتهم بعد أن أحرق جلّهم أو أغلبهم مراكبه منذ زمن بعيد، ويضعون النقاط التائهة على حروفها المنتظرة خلف التكهنات والاستنتاجات والتفسيرات والتأويلات.
في العرف السياسي والدبلوماسي الذي افتقدناه منذ لحظة التخطيط الأولى للحرب الكونية، كان من المتاح المراجعة لبعض الهنات وأحياناً للكثير من الأخطاء في السياسة والإعلام، لكن اليوم لا عرف يمكن الاحتماء به، ولا دبلوماسية يمكن اللجوء إليها للتقاصّ، أو للمحاسبة.
الحبل ما زال على الجرار، وحبكة الكذب التي بدأت لم تهدأ، ومن تأخّر لبعض الوقت او تستّر بغطاء الموضوعية ينزلق اليوم إلى مستنقع الانخراط في اللعبة ذاتها، فيكون أحد أجنحة الاستهداف وهو أكثر مراوغة حين يتلطى بغطاء من الادعاء الفاضح، ومن التخفّي تحت عناوين ذهّبت ببريقها ما انكشف منها وما انفضح من خفاياها.
ما وقع فيه المبعوثون والموفدون يتكرر ليس في حسن النية أو سوئها، ولا في مقاربة صراع الإرادات وتوافقاتها، وإنما في التراخي وأحيانا في التردد وفي بعضها على الأقل بالتثاؤب في التصدّي لأباطرة الافتراء في السياسة والإعلام، وقد أيقظوا حروبهم واستلوا سهام الدجل والتجنّي فضاعت الهيبة في سراديب الاجتزاء، والمصداقية في ثقوب الادعاء.
لذلك ربما محطة دمشق ليست كسائر المحطات ولا هي لإدراج قائمة جديدة من الادعاءات، حيث لا مكان لها ولا دور، وهي تحاكي وضعاً فاعلاً على مستوياته المختلفة، والقرار فيه ينطلق من الثوابت الوطنية التي تقدّم مقارباتها للوضع في سورية من قاعدة الإيمان والثقة بأن ما يقرّره السوريون وحدهم هو الذي سيقرر الاتجاه، وما يوافقون عليه سيكون الحكم الفيصل.
ما حصل عليه الإبراهيمي في محطة دمشق أنه أضاف إلى مساحات معارفه وخبراته ومداركه السياسية والدبلوماسية، حيزاً افتقده في عالم السياسة والسياسيين منذ عقود، وهي أن السيادة الوطنية بمعيار التمسّك السوري كانت وستبقى الحصن الذي يقي أمماً وأوطاناً ودولاً مما يحاك لها ومما يدبّر في كواليس التآمر، وهو ما قد يلتبس على الكثيرين فهمه، وخصوصاً أولئك الذين سهل عليهم الوطن وهانت بنظرهم السيادة واستسهلوا تأجير قرارهم.
وسيضيف إلى أوراقه الكثيرة التي جمعها بعد أن جال مغارب الأرض ومشارقها، أنه حين يحضر إلى دمشق، يرمي خلفه ما يقوله ساسة الدجل وإعلام الفتنة ودبلوماسية النفاق، ليحل مكانها مقاربات جديدة ومختلفة، لأن في دمشق للسياسة والإعلام والدبلوماسية منهجاً آخر، ومفردات أخرى، وربما معان لم يسعف تواضع مقدرات الكثيرين على التآلف معها، ولم تُتح لهم الفرصة للتعرف عليها من قبل!!!
a.ka667@yahoo.com