النـار .. والمعـادن !

ثورة أون لاين – خالد الأشهب
بصدمة وذهول مريرين, تابعت على شاشة فضائية الجزيرة قبل يومين محاضرة ألقاها مثقف سوري «حلبي» بارز في الدوحة القطرية, تحدث فيها عن الشأن السوري وعما أسماه «الثورة»,

وهالني كيف أن الرجل استخدم كل طاقاته المعرفية والرقمية البحثية في الاستدلال على ضرورة التغيير في بلاده, لكنه تنكر وعلى نحو ظاهر لكل منطق فلسفي أو معرفي ينظم ما يجري فيها, دلل بالمعلومة والرقم على كل فكرة تغيير أراد البوح بها ولم يدلل ولو بمعلومة واحدة على أن ما يجري في سورية هو ثورة.. وهو يعلم قبل الكثيرين غيره أن لا ثورة ولا من يثورون!‏

عجبت للبعض من هؤلاء المثقفين كيف لم يتبينوا حقيقة الأشياء باكراً وقبل غيرهم من العامة, فساروا في ركاب المبهم من الحدث إلى أن صدمتهم الوقائع فجفلوا في الأرض واقفين, ثم لم يلبثوا أن فروا إلى الأمام.. إلى سوق النخاسة وتحت إبط بدوي جاهل!‏

دائما, كانت الشدائد والمحن التي تتعرض لها المجتمعات المختلفة مقاييس لمعايرة أشياء كثيرة, بعضها يتصل بالفرد وبعضها الآخر يتصل بالمجتمع ككل, مقاييس لمعايرة الوعي العام مثلاً, أو لقياس مستويات التحمل والصمود, ومقاييس للفرز وإعراب الغث عن السمين وإظهار حقائق الأشياء كما لم تظهر من قبل, ولتنكشف أصالة بعضها وصلابة مكوناته, في حين ينكشف زيف بعضها الآخر وهزاله فيسقط سقوطاً حراً ومدوياً!‏

ومن طبيعة المتغيرات الاجتماعية العاصفة في أي مجتمع أن تتصل مباشرة في تداعياتها ومظاهرها بالحالة الثقافية السائدة التي تؤشر إلى مستويات الوعي العام, وبالنخب الثقافية التي يضمها المجتمع ويفترض أنها تقوده بحراك منظوماتها المعرفية والأخلاقية, ومن المفترض هنا, سواء في أدبيات الفكر السياسي أو في تجارب الشعوب وحراكها الاجتماعي أن تتفوق النخب الثقافية والمثقفون على العامة في مجال الوعي العام.‏

ولعلني أمام الحدث السوري وأمام ما يجري في بلادنا منذ ما يقرب السنتين, وأمام طابعه الاجتماعي المتقدم أكاد أجد نفسي أمام صدمتين متتاليتين ومن طبيعة واحدة..‏

الأولى أن شطراً لا بأس به من النخب الثقافية والمثقفين في سورية كانت متراجعة متخلفة أمام الحدث وخلفياته وتداخلاته.. ليس عما يفترض بهذه النخب من دور ووظيفة فحسب, بل عن الوعي العام الذي أظهره السوريون بعامتهم, إذ عجزت هذه النخب عن أن تلعب دورها التاريخي المفترض بها بوصفها طليعة أولاً.. ثم باعتبارها المالكة للجزء الأكبر من الحقيقة ويفترض بها أن تكون الرائدة في عملية التغيير.. سواء أكان هذا التغيير سياسياً أم كان دفاعاً عن الوطن, خاصة أن العدوان الخارجي الذي تتعرض له سورية بات واضحاً جلياً كما الشمس.‏

والثانية أن رجل الشارع السوري فاجأ مجتمعه مثلما فاجأ العالم بارتقائه فوق العصبيات التي قيض لها أن تعصف به وتذهب بمجتمعه إلى الفوضى, ورغم تعدد وشراسة القوى الدولية والإقليمية التي استهدفته.. ورغم المستويات العالية للصنعة الإعلامية المضللة التي عبثت بعقله وبتركيبته النفسية والمعرفية, إلا أنه أظهر صموداً غير متوقع أمام كل هذه الاستهدافات, وامتلك إدراكاً راقياً لحقيقة ما يتعرض له ويخطط للنيل منه.‏

أحياناً.. أحياناً فقط, لا يجد المرء إلا أن يعترف بالحاجة إلى النار كي يكتشف طيب المعادن وخبثها؟‏

آخر الأخبار
وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى إطار جامع تكفله الإستراتيجية الوطنية لدعم وتنمية المشاريع "متناهية الصِغَر والصغيرة" طلبتنا العائدون من لبنان يناشدون التربية لحل مشكلتهم مع موقع الوزارة الإلكتروني عناوين الصحف العالمية 24/11/2024 رئاسة مجلس الوزراء توافق على عدد من توصيات اللجنة الاقتصادية لمشاريع بعدد من ‏القطاعات الوزير صباغ يلتقي بيدرسون مؤسسات التمويل الأصغر في دائرة الضوء ومقترح لإحداث صندوق وطني لتمويلها في مناقشة قانون حماية المستهلك.. "تجارة حلب": عقوبة السجن غير مقبولة في المخالفات الخفيفة في خامس جلسات "لأجل دمشق نتحاور".. محافظ دمشق: لولا قصور مخطط "ايكوشار" لما ظهرت ١٩ منطقة مخالفات الرئيس الأسد يتقبل أوراق اعتماد سفير جنوب إفريقيا لدى سورية السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص