بين داعش والخراب..!!

ثورة أولاين- بقلم رئيس التحريرعلي قاسم:

لم يكن الخيار المر بين خلاص الرقة من ربقة داعش، و الخراب والدمار الذي حول المدينة إلى ركام، وأهلها إلى ضحايا غارات التحالف الأميركي أو رهائن يتقاسمهم داعش وبعض مرتزقة أميركا، قراراً لأهل الرقة.. بل جاء قسرياً، حيث من هرب من إرهاب داعش لاحقه خراب ودمار وقتل من طائرات التحالف،
ومن نجا من الاثنين كان مصيره الارتهان للمساومة الرخيصة أو المحاصصة السياسية كجزء من صفقة تبادل الأدوار، أو كحصيلة أولية للتسليم والاستلام بين داعش والتحالف الأميركي.‏

الرقة مدينة اغتالتها حتى اللحظة «بروباغندا» أميركية بالغت في تقمص دور المخلّص، وهي البقعة الجغرافية التي تم تسليط الأضواء عليها، والتي كابدت وعايشت فظائع التنظيم الإرهابي، تعايش اليوم حالة الخراب والدمار، التي بدأت وسائل الإعلام الأميركية والغربية عموماً الحديث عن مدينة من ركام وخراب.. لم يبق منها ما يضيف إلى الرصيد الأميركي ومرتزقته أي أوراق سياسية، طالما شكلت حتى وقت قريب النموذج الأكثر حضوراً في سياق البحث عن منفذ يتيح للمرتزقة أن تساوم على مقعد أو دور، ولو كان في العربات الخلفية أو الملحقة بقطار الحديث السياسي.‏

لن ندخل في سياق المساومة التي بدأت تطفو على السطح قبل أن يُنفض الغبار عن الركام المتبقي، ويظهر ما تحته.. ويتكشف ما خلفه من صور مفزعة للحال السياسي الذي وصلت إليه التطورات، والتي أفضت إلى ما هو أكثر مرارة من الإرهاب ذاته..!! حيث الفارق يظل ضمن هوامش الحديث المفزع عن التداعيات، فالخطاب الأميركي وأدواته يسهب في شرح إحداثيات الخرائط التي يريد تشكيلها، بعد أن باتت الرقة بدمارها وخرابها إحدى الغنائم التي يمني التحالف الأميركي النفس بها بعد طول انتظار، وبعد أن برزت جملة الخفايا التي حاول الأميركي أن يتركها طي الكتمان أو أن يبقيها خارج التداول.‏

العناوين الكبيرة التي أعدت لها مسبقاً «احتفالية» التحالف ومرتزقته، تشي بأنها تعويض أولي عن ردود الفعل الدولية والإقليمية الباهتة على اندحار داعش عن الرقة، حين عجزت عن تسويقه أو التغطية على العلاقة المشبوهة والتنسيق المتواصل بين داعش وقيادة التحالف، والاتفاق حتى على التفاصيل الصغيرة، والتي كانت التوقعات تنحو باتجاه تضخيم الحدث وتحويله إلى نقطة انعطاف رسمت واشنطن له سيناريوهات كبيرة، وكانت تعول عليه للتمهيد للخطوة اللاحقة المتمثلة بتقاسم النفوذ وإعادة الانتشار لداعش في مناطق ربما تجاوزت الحيز الجغرافي للإقليم، وما بعده.‏

الاستنتاج الأميركي المتسرع كان له تداعيات مباشرة في قراءة متطلبات المشهد الميداني، حيث كان هناك خلط واضح في العلاقة بين السيطرة على الرقة، وانكماش وجود داعش، الذي افترض في المقدمات الأولية أن يكون النهاية التي يعوّل عليها الغرب من أجل نعي التنظيم سياسياً، ولو استلزم الأمر أكثر من ذلك عملياً، وجرت الحسابات الأميركية على هذا الأساس، وأخذت حيزاً واسعاً من الاهتمام الأميركي، ليكون التوقيت مطابقاً لتلك الحسابات، وعملت بأقصى طاقتها لتأخير سيطرة مرتزقتها على الرقة، لكن الانهيار السريع للتنظيم وعدم قدرة أميركا على مشاغلة الوقت ريثما تنجز ترتيباتها المسبقة، أدخلاها في متاهة المعادلات المستحيلة التي طالما جاهدت من أجل تجنبها.‏

وهذا ما يمكن استنتاجه من سياق المحاولات الأميركية المحمومة لعرقلة تقدم الجيش العربي السوري في البادية، وصولاً إلى دير الزور، حيث بدت أميركا أكثر المتفاجئين، وربما أول الخاسرين من هذا التقدم، وهو ما دفعها لتسطير هذا الركام والدمار والخراب في الرقة، بأمل تنظيم المعادلة السياسية والميدانية وفق أجنداتها الخاصة، كي تدوّن خطواتها اللاحقة على لائحة التغيير القادمة، فبدا الرصيد الأميركي من السيطرة على الرقة خالياً من أي نقاط يمكن تسجيلها ميدانياً أو عسكرياً إلا من الركام، وربما هذا يفسر استنجادها بالسعودي الذي يعرض خدماته الإرهابية في الرقة، والإسرائيلي الذي يعربد بعدوانه كل يوم.‏

المفاضلة بين داعش والخراب والدمار في الرقة تبدو جائرة، وتقود في الأغلب إلى اختلال في الحسابات والمعادلات، فأي مقارنة ستكون ظالمة للرقة وأهلها وكل السوريين، لكن في الوقت ذاته، لن يكون هناك فرق كبير بين أن تكون أميركا ومرتزقتها في الرقة، واندحار داعش، فهذا من نسل ذاك، وتلك من تنظيم وتنسيق هذا، وفي الحالين داعش لم يخسر دوره الوظيفي، حيث المهمة الجديدة- وإن تغير لبوسها- قادمة، وربما تمت المباشرة فيها، لكن أيضاً أميركا لم تربح، ومرتزقتها لم تنجح في ترجيح كفة، طالما كان من المستحيل أن ترجّح.. حتى لو بعد حين.‏

a.ka667@yahoo.com ‏

 

آخر الأخبار
الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها