أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب

الثورة – غصون سليمان:

حضرت أراجيح الطفولة الحائرة بين مكان وآخر على استحياء بالأرياف والتجمعات السكنية، فالأرواح التي كانت تنتفض مرحاً ولعباً وشقاوة، غيبتبها قسوة الحياة، وضيق العيش، وترك الأمكنة، وقلة الأمان.
طفولة بأعمار مختلفة، عبرت كل الدروب التائهة في ربوع الوطن، من غربه إلى شرقه، ومن شماله إلى جنوبه، تبحث في دفاترها عن ذكريات متناثرة، عن شهقة أم تركت وليدها هنا، ولمسة يد أب حنون، وضمة وداع أخيرة بين شقيقين.
بعض الطفولة لم تعد على قيد الحياة، وبعضها الآخر ميتم بين جدران السكون، وآخرون تتقاذفهم عيون الشفقة استغلالاً واستعباداً، فيما الوعي لا يتجاوز حدود الحاجة المؤقتة بعيداً عن كل مواصفات البر والإحسان.
في إحدى المسارات القريبة والغريبة، اتكأت بجسدها المتعب على حوافي جدار آيل للسقوط، تمضغ قطعا من الخبز اليابس، دنوت منها بشكل هادئ لكن نظراتها أوحت بالخوف وعدم الرغبة من الاقتراب!!
قلت: لا تخافي أريد مساعدتك، من أنت.. ما اسمك.. وبأي صف أنت.؟ تسمرت عيناها بي، كأنها لم تسمع ما ذكرت وبقيت صامتة حذرة لا تنبث بحرف.
كررت السؤال مرة أخرى، لما أنت هنا في هذه الخرابة المهجورة.. أين أهلك.. أبوك وأمك وأخواتك..؟ وما إن ذكرت هذه الكلمات حتى انهالت بالبكاء الغزير، مع صوت مخنوق يكاد يفجر بوابات المآسي بكل ما فيها من ترانيم الوجع.
ومع هدأة روعها قليلاً، قالت بعيون زابلة وحروف تتلعثم بنطقها.. اسمي “عفراء”، هجرت المدرسة منذ سنوات، أبي وأمي وأقربائي وأبناء حارتي قضوا في إحدى المجازر البشعة، قتلوا جميعهم بدم بارد، وكل ما بقي بذاكرتي هي تلك الصرخات المتداخلة بين نحيب الكبار والصغار.
عفراء بعد أن استعادت وعيها وذاكرتها بعض الشيء، أفصحت كيف وجدت نفسها في مكان آخر، بمنطقة سكنية أخرى بديلة غير تلك التي كانت فيها، عند أناس من كبار السن رجل وامرأة، هم أيضا كانوا قد فقدوا عدداً من أبنائهم وأحفادهم على مدى سنوات الحرب الظالمة المجرمة على بلدنا.
بالتأكيد حين نشير إلى واقع الطفولة المشردة البائسة الحزينة، في هذه الأيام المباركة ليس من باب التشاؤم، بل لأن مباهج العيد وتجلياته العظيمة عنوانه فرح الطفولة البريئة التي تزين طقوسه بحضورها وجمالها وغنجها ودلالها.
هي عنوان الحياة ماض وحاضر ومستقبل.. هي من يعطي المجتمع صفة “مجتمع فتي”، وهي من يحرك مشاعر الحنين لبيوت الأهل والأجداد.
نعم لا تكتمل طقوس العيد من دون ضحكات الأطفال وأنسهم وشقاوتهم، فهم النبض والميزان بين زفة الفرح ومزمار الحزن.
نأمل من الله تعالى أن يحفظ لنا البلاد والعباد.. ورهاننا يبقى دائماً وأبداً على وعي الشعب وغيريته بالحب والعطاء والتسامح.. وأن يكون القانون الحق سيد الأحكام.

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار