التصعيد الأميركي ضد المقاومة.. قراءة في التوقيت

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم

قد لا يكون التصعيد الأميركي المتواتر تجاه المقاومة بمحورها وأطرافها ودولها وليد المصادفة أو جديداً في سياق التجربة الطويلة، لكنه في التوقيت يحمل ما هو أكثر من المعتاد في ظل تسخين تقوده واشنطن، ومن دون توقف،
حيث لا تترك فرصة أو مناسبة إلا وتعمل على استغلالها للإفصاح عن نياتها وغاياتها، التي تعكس قراراً أميركياً واضحاً بتوتير الأجواء بصورة لا سابق لها.‏

الارتباط بين المتغيرات الميدانية والتصعيد الأميركي يبدو واضحاً حتى من ناحية التوقيت، لكنه لا يكفي عملياً لقراءة كل ما بين السطور التي تفيض فيها المواقف الأميركية عن الحاجة الفعلية لتدشين مرحلة التسخين المباشر، وتناوب أركان الإدارة الأميركية في توازع الأدوار والمهام، وانتقال التركيز من سورية والعراق باتجاه أبعاد تتجاوز الجغرافيا، لتصل إلى عمق المشهد الإقليمي، ولا تتوانى عن خط رسائل تتقاطع في نهاية المطاف رغم تباينها في بعض الجوانب.‏

فالعودة للنبش في الماضي واستحضار أوراق كانت قد نسيتها إدارات أميركية متعاقبة، أو في الحد الأدنى لم تدرجها في سياق نشاطها التقليدي، تدفع إلى الجزم بأنَّ التركيز على المقاومة اللبنانية يعود في جذره الأول إلى الرغبة في إعادة التصويب الأميركي باتجاه نقاط ارتكاز إضافية، لم تكن حاضرة في الماضي القريب، وهي تتسق إلى حدِّ التطابق مع التحريض الإسرائيلي باتجاه المقاومة، بعد أن شعرت أنَّ كل الاشتراطات الإسرائيلية لفك الارتباط المصيري بين أطراف محور المقاومة لم تصل إلى نتيجة، خصوصاً أن الزوبعة التي أثارها الرئيس ترامب حول الاتفاق النووي لم تعطِ ما كان مأمولاً منها.‏

هنا يأخذ التوقيت بعده الأخطر والأكثر وضوحاً في عوامل التصعيد الأميركي، حيث يتزامن مع جملة من التطورات أو الأحداث المترابطة، أولها مذكرة الجلب الأميركية لرؤساء أركان بعض الجيوش العربية إلى واشنطن، والمصافحات التي اقتضتها مع الإسرائيلي، والتي دفعت اللبناني إلى الانسحاب منها. وثانيها الحديث الأميركي الملتبس عن مراجعة فعلية تتجاوز حدود الراهن من الأحداث والأخذ بالحسبان الماضي كقرينة إضافية من أجل تجميع الذرائع. وثالثها لهجة التصعيد الإسرائيلي والتهديد والوعيد التي عادت إلى الحضور في مفردات خطاب العدوان، كجزء من الحالة الوظيفية المنوطة بالكيان الإسرائيلي. ورابعها العقوبات التي تستحدثها الإدارة الأميركية، والتي يراها الكثيرون قصفاً تمهيدياً يحضّر المنطقة للجولة الجديدة من التصعيد.‏

في المعلومات التي تنشرها بعض مراكز البحوث الأميركية هناك تركيز واضح على الغوص في تفاصيل القوة التي تمتلكها المقاومة والإضافات النوعية التي استحصلت عليها، سواء من ناحية الخبرة العملية أم من ناحية ما تعلق منها بسياق تطوير قدراتها وتحديث وسائلها القتالية، وهو تركيز لا يبدو عفو الخاطر أو محض المصادفة، بقدر ما يعكس ميلاً واضحاً نحو الاستعداد الذهني للحقبة القادمة، وتوفير مناخات تميل تلقائياً إلى قبول المزيد من الذرائع الأميركية، وتحضير الأرضية لنقل جبهات المعركة، وتحريك إحداثياتها جغرافياً وسياسياً.‏

آخر الإشهارات العلنية لتلك المراكز ما تسرب من عناوين وضعتها الاستخبارات الأميركية بشكل عاجل على أجندة الدراسات الطارئة أو المستجدة، والمتعلقة جميعها بعوامل وملحقات المعلومات التفصيلية عن القدرات ومساحات الجبهات المحتملة والامتداد الجغرافي والتقني وسيناريوهات المواجهة، ومحاولة الإجابة عن أسئلة من النوع الافتراضي، وفي مقدمتها كيف يمكن جرّ إيران إلى حرب مباشرة، تكون مقدمة أولية لنقلها إلى العمق الإيراني؟! وكانت أول مؤشراتها إضافة «دولة الأهواز» إلى مفردات السياسة الأميركية وإدراجها ضمن مصطلحات خطابها المباشر، والتي ستكون أحد عناوين الدراسات التي يعكف على وضعها أحد أشهر مراكز البحوث الأميركية الخاضعة مباشرة لسلطة البنتاغون الأميركي.‏

على المنحى ذاته ليس من باب المصادفة أن يأخذ التشبيك السعودي مع الأميركي والإسرائيلي بعداً إضافياً ينسحب على بقية الجبهات المشتعلة، ويكون اليمن جزءاً من الحالة التحريضية ومتمماً وظيفياً على الأقل للتصعيد الأميركي الإسرائيلي المتزامن على محور المقاومة، بعد أن شعرت بأنَّ البساط السياسي والميداني المكافئ ينسحب من تحت الأقدام الأميركية في سورية والعراق على حدٍّ سواء، حيث الحدود المشتركة تميل باتجاه بسط سيطرة مطلقة للجيش السوري وحلفائه على جانبي الحدود، وهو ما يفسر جزئياً هذا الاستهداف المباشر للحشد الشعبي في العراق الذي طال قياداته مباشرةً والتهمة كالعادة الإرهاب، والمفارقة أن تكون الكويت منصة الاستهداف التي تذكرت من دون سابق إنذار أنَّ أحد قيادات الحشد مطلوب لديها، وتطالب بتسليمه!!‏

بين التشبيك والتصعيد تقف عارضة التوقيت كحالة متفردة في سياق البحث عن إجابات من خارج الصندوق، الذي تعمل واشنطن على إغلاقه بأدوات تقاسمت الأدوار الوظيفية بمقاسات تفوق قدراتها، وإن بدا لبعضها أنها محاولة لتجديد الصلاحية التي تنتفي مع نهاية أو أفول أي مشروع غربي، من دون أن تأخذ بحساباتها أن المتغيرات الميدانية لمحور المقاومة وحواملها الأساسية التي حسمت المشروع الإرهابي راكمت خبرات وقدرات وتجارب ستحسم نتيجة أي تصعيد، حتى لو كان التسخين يأخذ حيزاً جغرافياً مختلفاً وربما أوسع من سابقه.‏

a.ka667@yahoo.com ‏

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة