حين تقامر أميركا بالتاريخ..!!

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
حبر كثير سيسيل، وكلام أكثر سيُسمع على المنابر وفي الأروقة، وجدل لن ينتهي بقرار ترامب الأرعن وما سيليه، وقد يطول أكثر من الحاجة، وبما يفيض عن المقدرة على الاستماع إليه، على حين تبقى الجدوى المنتظرة خارج سياق التفريق بين الممكن والمتاح، وسط سيل لا ينتهي من التعليقات والتوصيفات وربما التحليلات، وقراءة الأبعاد والاحتمالات التي تشكل في نهاية المطاف أقصى ما تستطيع أن تقدمه ردود الفعل.

في القراءة السياسية.. لم يكن من الصعب إدراك حجم وأبعاد الخطوة الأميركية، وتوقيت الإقدام عليها وسط ظروف سياسية تتآكل فيها الهوامش الإضافية، بدءاً من الواقع السياسي ومعطياته.. وليس انتهاء بالقصف التمهيدي المسبق لترويض المنطقة، كي تكون أكثر انضباطاً مع إيقاع التهويد باعتباره الخطوة اللاحقة، حيث تستعجل الإدارة الأميركية خطوات الضغط الممنهج، مروراً بالحسابات الإقليمية والدولية المتداخلة، بما فيها معادلات الربح والخسارة الناتجة عن تداعيات الفشل في تمرير المشروع الإرهابي بمكوناته الأساسية وحوامله الطبيعية، التي شكل فيها الثالوث الأميركي الإسرائيلي السعودي حجر الزاوية.‏

يأتي ذلك متزامناً مع معطيات تطفو على السطح في سياق التجربة التي تتداخل فيها مختلف العوامل، حيث الفارق بين الخطوة الأميركية وما سيليها، يكاد يتساوى في محصلته النهائية، لأن الحسابات والمعادلات التي ضغطت الإدارة الأميركية لتبقى في إطار التنفيذ التدريجي للتداعيات، حيث ردود الفعل الغاضبة والاعتراض شبه العالمي لن تبقى طويلاً، وثمة إشارات واضحة على خطة مدروسة يتم تنفيذها على مراحل، تكون من خلال التعجيل والتمهيد للخطوة اللاحقة، والمتمثلة فيما يسمى صفقة القرن، والتي ستكون محاولة استباقية ورداً على المشروع الآخر، وإغلاقاً لملف الصراع العربي الإسرائيلي، ومحاولة يائسة لتشكيل خرائط بديلة تكون على المقاس الإسرائيلي، وبما يتناغم مع مشهد التراكمات الناتجة عن التشبيك الأميركي مع المشيخات.‏

ما يعنينا أن الخطوة الأميركية التي تمت تبقى تحت سقف المواجهة المفتوحة في المنطقة، والتي تراهن عليها منظومة العدوان بتعدد نماذجها وأشكالها، بغرض الاستثمار في الحالة الناتجة التي كان يراهن عليها معظم الدول المنضوية في سياق الاعتدال العربي «شركاء ترامب» كما سماهم، لتمرير المشهد، وتبرير حالة النكوص الأميركي، وتحديداً فيما يتعلق باستبعاد إقدام أميركا على هذه الخطوة، باعتبارها حالة دائمة للاستثمار السياسي المتعدد الأشكال، وإحدى أدوات الضغط والابتزاز، وصولاً إلى فرض معطيات جديدة تحاول تعويض الرهان الخاسر.‏

الفارق هنا أن أميركا التي أبرزت أوراقها دفعة واحدة، كانت مستعدة إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث أدخلت المنطقة في أتون الصراعات البينية، ووصلت إلى اللحظة التي تجزم فيها أنها الأنسب، وربما التي لن تتكرر، وفق معطيات واضحة بنتها السياسة الأميركية على حسابات ناتجة عن استهلاك مقومات وأوراق القوة في المنطقة، التي تتوازعها هموم ومشكلات يصعب على أي إدارة أميركية قادمة أن تمتلكها.‏

والمعضلة ليست في حسابات آنية، ولا في معادلات يدرك الجميع أنها تعاني اختلالاً واضحاً في معاييرها، وأن ما يصلح في هذه اللحظة قد لا يكون جائزاً ولا متاحاً، وإن جوهر ما تعانيه الحسابات الأميركية يتمثل في المعايير السياسية التي تعاني نقاط ضعف، أساسها أن القضية لا تحل بقرار، والمشكلة لا تنتهي بخطوة، فكل خطوة تحتاج إلى عشرات الخطوات المتممة والحسابات المختلفة والمعادلات المستجدة والقديمة، وكل قرار يستلزم عشرات الشروط، ولن تنتهي المعضلة هنا.‏

وبين خطأ الحسابات الأميركية، ومعادلات الابتزاز القائمة، تتأرجح المواجهة على خطوط الجبهات المفتوحة التي تتوجها ملامح الإصرار الأميركي على الوقوف في الجهة الخطأ من التاريخ… وقوف سيكون مكلفاً لأميركا سياسياً، وتكلفة ضبطه ورسم إيقاعه لا يحددها فقط الطرف الذي فقد أحاديته الكونية، والأهم مصداقيته، بل الأخطر إصراره على الاجترار في كلام تدحضه المعطيات.. وتحاصره الخيارات المفلسة، حيث المقامرة بالتاريخ واللعب بنار معادلاته تعني في الحد الأدنى صب الزيت على هشيم يفيض أصلاً بالاشتعال.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
محروقات طرطوس تكثف مراقبتها وتسجل مخالفات بحق محطات     مرسوم رئاسي بتعيين عبد الرزاق مصطفى كعدي رئيساً لمجلس الدولة  الشيباني يبحث مع ممثلة "الأغذية العالمي" تعزيز التعاون..ويلتقي وفدا صربيا   ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر ؟  خبير مصرفي لـ"الثورة": إجراء عمليات مالية دولية    الشرع يجتمع بقيادات وزارة الدفاع ويزودهم بتوجيهاته  منعاً لاستغلال العيد..وزير الاقتصاد يوجه بتشديد الرقابة على الأسواق   الشرع يلتقي غروسي.. وتوقيع مذكرة تعاون مع الوكالة الذرية  دعدوش: إعادة تقييم واقع المعامل السورية ضرورة للنهوض بالقطاع الصناعي  قداح يتبرع بـ 100 جهاز لغسيل الكلى للمستشفيات العامة  خطاب: الأجهزة الأمنية ستكون خاضعة للرقابة والتفتيش والمحاسبة  "أطباء بلا حدود": مرافق صحية في حمص ودرعا مهددة بالإغلاق لنقص التمويل  توثيق الملكيات العقارية... الملاذ الآمن   قيراطة لـ"الثورة": تصوير جميع السجلات اليومية مع ختمها... سهل الغاب.. خزان سوريا الغذائي تحديات كبيرة تواجه زراعته.. وسكانه يتضورون جوعاً سلل غذائية لمرضى السرطان في ريف سلحب تأهيل شوارع الأسواق التجارية في مدينة درعا 11 مدرسة مدمرة بالكامل و500 بحاجة لترميم 18 تعدياً على خطوط الشرب في الغارية الشرقية الأيتام والعيد .. فرحة ناقصة تنتظر من يُكملها "Microsoft Bing" تحصل على مُولّد فيديو بالذكاء الاصطناعي مجاني يعمل بنظام "Sora" علوان لـ"الثورة": فتح معبر العريضة جزء من الاستقرار الأمني والاقتصادي