ثورة أون لاين :بقلم رئيس التحرير -عـــلي قــاســـــــم : على وقع الميل نحو المهادنة في مناخ السياسة الدولية، يخطو الحراك السياسي السوري باتجاه وضع الأوراق على الطاولة المنتظرة، ويسحب من التداول الكثير من المقولات المصنّعة، فيما تخرج إلى غير رجعة الكثير من الذرائع التي كانت المتكأ للغمز من قناة الحوار، وجدية العمل من أجل الوصول إليه.
فالخطوات التنفيذية تسبق المواعيد والتواريخ المحددة، وترسم السياق الطبيعي الذي يبدو أنه كان مفزعاً أكثر بكثير مما هو متوقع، للأطراف الإقليمية المتورطة في حسابات الحصاد الأميركي التي دخلت في سباق محموم بهدف معاكسة المناخ الدولي بظلاله الجديدة المرتسمة إثر التصريحات التي أطلقها زعيم الدبلوماسية الأميركية الجديد.
وبغض النظر عن السقوف التي تحملها تلك التصريحات، ومساحة ما تعكسه من نيات جدية لكسر مشاهد المواجهة بين الإرادات الدولية، فإن مجرد الحديث عن الحاجة للتعاون كان كافياً لإشعال الهواجس لدى تلك الأطراف التي ترقب التحولات باعتبارها معاكسة عملياً لكل ما قامت وما تقوم به، وتنظر إليه بكثير من الشك، وخصوصاً في المآل الذي يمكن أن يفضي إليه، وما قد يحمله من توجه مناقض لحسابات البيدر لدى المراهنين على دور أميركي مختلف.
في كل الأحوال، كما أن أول الغيث قطرة، فإن أول الرقص الأميركي كانت حنجلة فرنسية، أما في حسابات المرتزقة والإرهابيين والأطراف الداعمة لهم فكان زوغاناً سياسياً وإعلامياً، وفي معادلة المناخ الدولي قد تكون عاصفة، وربما مزلزلة على أكثر من صعيد، وفي الحصيلة أنها مقدمة تمهيدية لعواصف وأعاصير ستكنس الكثير مما علق من زوائد ضررها أكثر من نفعها، واستطالاتها المرضية في الدور والموقع أدت إلى تورّم يهدد الأمن العالمي ما دفع بالاستخبارات الغربية بالتزامن إلى إماطة اللثام عن بعضها، وخصوصاً القطرية منها.
الطوفان المنتظر لم يبدأ عند الإشارات الأميركية المستجدة على أهميتها بالمعيار السياسي، ولا هو رهن بالإيحاءات الأميركية رغم دورها المؤثر على الأرض وفي الميدان لناحية الإقدام أو الإحجام في دعم الإرهابيين والمسلحين، بل من خلال اليقين المتزايد بأن الخطوات السورية نحو إنجاز برنامج الحل السياسي، تسحب البساط نهائياً من تحت أقدام المتشدقين بالشعارات الزائفة، وجاء سماح الداخلية السورية لكل من يريد أن يشارك بالحوار كأحد العوامل المؤججة لمخاوف تلك الأطراف التي أسقط في يدها وبدأت برحلة التباكي!!
على الضفة الأخرى يغرق الوضع العربي في صورة التشاؤم القائمة، وقد ذهبت التوقعات به أدراج النظرة السوداوية التي تظلل مختلف تفاصيل التطورات القائمة، بعد سنتين ونيف على شرارة الهشيم في نار أكلت الأخضر قبل اليابس.
ويقسو الصقيع العربي بوجهه الاقتصادي، بعد أن دفع شتاؤه السياسي بالأوضاع إلى أتون منعطف قد يكون الأخطر والأصعب في تاريخ الوضع العربي، وهو يحمل تباشير انفراط العقد المبرم بين أبالسة العناوين المزيفة، وشياطين التفاصيل الموهومة، فجاءت الاستدارة الغربية الصادمة لتعيد صحوة اندثرت منذ سنوات.
غياب الأفق السياسي, وتداعيات الصراع الكامن في تحديد الهوية الجديدة, يرخي بظلاله القاسية على الاقتصاد والآفاق الاجتماعية والإنسانية والفكرية، ليزيد من وطأة الانحسار المتزايد للمعادلات السياسية التي روجت لمناخات كاذبة كانت حصيلتها الأولية ما تشهده الساحة المصرية بعد عامين، وما تخبئه مفاجآت الأرض التونسية و الميدان الليبي التي تمطر أُوكلها في مالي.
a.ka667@yahoo.com