القطب المنسية في قرار ترامب

ثورة أون لاين- بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
لم يكد الرئيس ترامب يعلن عمّا يشبه التلويح بالانسحاب من سورية -حسب توصيفه- حتى كان سيل التفسيرات والتحليلات يطغى على المعلومات، لكن الصدمة على أطراف منظومة العدوان لم تصل بعد إلى أوجها، فالقرار لا يزال ملتبساً وغامضاً، والتداعيات مؤجلة،

غير أن العاصفة لن تهدأ بانتظار جلاء الحقيقة، حيث الخارجية الأميركية التي نفت علمها بما تحدث عنه الرئيس ترامب كانت المعلومات تشير إلى تلقيها أمراً بوقف التمويلات الخاصة بعملياتها اللوجستية، وليس العدوانية في سورية!!‏

وريثما تتوضح الحقيقة.. ثمة ما يجري على نطاق أوسع من صيغ المشاهدات المنقولة والتسريبات المتضاربة، التي باتت تفتح شهية الكثيرين على الغرق في تحليلات لا يمكن لها أن تتقاطع مع الواقع، بدليل هذا الكمّ من الصيغ القابلة جميعها للتصديق بنسب متفاوتة ومتباينة، حين تكون المقاربة من باب التفاؤل والنظر إليها من زاوية الاحتمالات، وللتكذيب حين تكون مقترنة بالتجربة مع السياسة الأميركية، أو من بوابة المقارنة مع الوقائع التي تكاد تجزم بأن أميركا ليست بوارد الانسحاب من المشروع، بقدر ما هي بصدد المداورة في الزوايا، وخصوصاً مع التراكم الكمّي والنوعي في الطروحات الأميركية التي تبدو حمالة أوجه، وتبتعد بهذا القدر أو ذاك عن الوضوح والحسم في خياراتها.‏

فالمسألة في حسابات ترامب تبدو أقرب إلى الأخذ بها، إذا انطلقت من حسابات الربح والخسارة التي يجيدها، وتتصدر قائمة الاعتبارات إذا ما اقترنت بمفهوم الصفقات التي يبني عليها قراراته، التي لا تكون في أغلب الأحيان منسجمة مع الاتجاهات العامة للسياسة الأميركية، حيث تكون للمبازرة والابتزاز وحتى المساومة على من يدفع أكثر، وإذا ما وجد أن هناك من يمول فلن يتردد في مسح تصريحاته ومواقفه، حتى لو اقتضى الأمر الذهاب أبعد والمغامرة أكثر، وتلك هي المعضلة التي تواجه أميركا في حقبة ترامب، حيث يريد أن يقود العالم بعقلية التاجر.. وأن يدير المشهد العالمي بمفهوم الشركة التي تأخذ بلغة الأطماع أكثر مما تحكمها اعتبارات السياسة ومقتضياتها..!!‏

فالتفاصيل المغفلة من الحيثيات التي تقف خلف القرار الأميركي تبدو أكثر أهمية من العناوين التي جاءت تحتها، لتغدو المشكلة الفعلية في القطب المنسية أكثر مما هي في المخفية منها، وقد تكون أخطر من ذلك، فقصة إعادة المناطق التي تحتلها أميركا ليست وليدة اللحظة، وتعود إلى شهور خلت، حيث كانت السعودية قد تكفلت بتقديم عروض مغرية للأميركي من أجل البقاء عندما انتفت الحاجة لوجوده بعد اندحار داعش، وتعهدها بتقديم ما يلزم كتكلفة افتراضية مسبقة لما تحتاجه تلك المناطق، والحديث الأميركي وفق ما بات معروفاً من تفكير الرئيس ترامب هو رفع سقف الابتزاز للسعودية أكثر مما يعني انسحاباً محتملاً، وهذا ما يفسر مسارعة ولي عهد النظام السعودي للمطالبة ببقاء الأميركيين..!!‏

فالقرار الأميركي المفاجئ للبعض قد يكون في بعض جوانبه وليد الجولة التي قام بها محمد بن سلمان، والتي استهلكت جوانبها المتعلقة بصفقات التسليح، فأضاف الرئيس ترامب إلى القائمة المطالبة بثمن الحروب الأميركية، والرقم الذي أورده هو القاعدة البينية للابتزاز القادم، بعد أن استنفد مجمل الخيارات المتاحة أمامه لتحميل السعودية تكلفة هذه الحروب على مدى عقدين من الزمن، وهو رقم قابل للمداورة والتقاسم مع المشيخات الخليجية، التي يبدو أنها جزء من الدور الوظيفي، ولا تزال تعوّل على الحاجة الأميركية لتلك المهمة، سواء الإرهابية ونشر الوهابية التي اعترفت بأنها تمت بناء على طلب أميركي.. أم ارتبطت بدورها الحاضر وتناغمه في التطبيع مع إسرائيل، وافتعال الحروب في المنطقة وتصنيع العدو بالشراكة المعلنة والمضمرة.‏

هذا ليس نهاية المطاف، بل يشكل في جوهره نقطة ارتكاز لنقاش أوسع وأعمق من تلك الثرثرة الأميركية القابلة للتغيير حسب المجريات، فالأساس في المسألة أن الاحتلال الأميركي لن يستمر، سواء قرر ترامب أم لم يقرر، وسواء برضاه أم جاء بحكم الأمر الواقع، والأمور ليست بهذه البساطة، والكل يدرك حجم الأطماع الأميركية المحكومة بحسابات الاحتلال ذاته، وهي تحاكي واقعاً افتراضياً كانت ذريعته الأولى مكافحة داعش التي انتفت واقعياً، وما يجري في دهاليز مطالب الإرهابيين في دوما جزء من هذا الثمن، كي يكونوا الكتلة الصلبة في القوة التي شكلتها أميركا، باعتبارها القطبة المنسية الأخطر من بين التي تركها خلفه حديث الرئيس ترامب حتى اللحظة.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
رئيس الهيئة المركزية للرقابة : لن نتوانى عن ملاحقة كل من يتجاوز على حقوق الدولة والمواطن   الرئيس الشرع: محاسبة مرتكبي مجازر الكيماوي حق لا يسقط بالتقادم   حشرات وعناكب بالألبان والأجبان   تشجيعاً للاستثمار .. محافظ درعا يتفقد آثار بصرى الشام برفقة مستثمر سعودي  إبراز المعالم الوقفية وتوثيقها في المحافل الدولية بالتعاون مع "الإيسيسكو" معرض دمشق الدولي..ذاكرة تتجدد نحو تنمية مستدامة  "خطوة خضراء لجمال مدينتنا".. حملة نظافة واسعة في كرناز 10 أطنان من الخبز... إنتاج مخبز بصرى الشام الآلي يومياً نداء استغاثة من مزارعي مصياف لحل مشكلة المكب المخالف قرابة  ١٠٠٠ شركة في معرض دمشق الدولي ..  رئيس اتحاد غرف التجارة:  منصة رائدة لعرض القدرات الإنتاجية تسهيلاً لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة في حلب "الزراعة" تمضي نحو التحول الرقمي.. منصة إرشادية إلكترونية لخدمة المزارعين  اجتماع تنسيقي قبل إطلاق حملة "أبشري حوران "   مبادرة أهلية لتنظيف شوارع مدينة جاسم الدولرة تبتلع السوق.. والورقة الجديدة أمام اختبار الزمن السلوم لـ"الثورة": حدث اقتصادي وسياسي بامتيا... حاكم "المركزي"  يعلن خطة إصدار عملة جديدة بتقنيات حديثة لمكافحة التزوير عبد الباقي يدعو لحلول جذرية في السويداء ويحذر من مشاريع وهمية "الأشغال العامة".. مناقشة المخطط التنظيمي لمحافظة حماة وواقع السكن العشوائي "حمص خالية من الدراجات النارية ".. حملة حتى نهاية العام  محمد الأسعد  لـ "الثورة": عالم الآثار خالد الأسعد يردد "نخيل تدمر لن ينحني" ويُعدم واقفاً