الثورة – عبد الحميد غانم:
قال رئيس مجلس النهضة السوري الدكتور عامر ديب لـ”الثورة”: إن “رفع العقوبات ليس عصا سحرية لأن كثيراً من الخطابات تتعامل مع ملف العقوبات وكأنه المفتاح الوحيد للازدهار، لكن الواقع الاقتصادي أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير”.مضيفاً: إن “رفع العقوبات لن يؤدي تلقائيًا إلى نهضة اقتصادية، لأن العقوبات ليست سوى أحد العوائق”، أما “العوائق الكبرى فهي داخلية، مرتبطة بالبنية الإدارية والتنظيمية والاقتصادية القائمة”.
وبين ديب أن النهضة الاقتصادية لا تتحقق بالتصريحات، بل تبدأ من وجود مؤسسات قادرة على استثمار أي فرصة خارجية، وبنية تحتية متينة، ونظام إداري سريع وفعّال، وبيئة تشريعية واقتصادية مشجعة.وشدد ديب على أن من يتعامل مع الاقتصاد يعلم أن الزمن في عالم الاستثمار يعني المال والفرص، بينما في الداخل، نجد أن الرد على كتاب رسمي أو إنجاز معاملة استثمارية قد يحتاج إلى أسابيع، في حين أن الدول الناجحة تحسم مثل هذه الإجراءات خلال ساعات أو أيام. وأوضح أن هذه العقلية البطيئة في إدارة الملفات تجعل أي انفتاح خارجي أو رفع للعقوبات بلا قيمة عملية حقيقية، فلا جدوى من نافذة خارجية مفتوحة إذا كانت الأبواب الداخلية مغلقة، أما المناورات السياسية فهي لعبة الضغط والرسائل.
تحسين البيئة الاقتصادية
وقال ديب: نعم كلنا مع إزالة العقوبات، ولا شك أن أي تخفيف أو إزالة للعقوبات سيساهم في تحسين البيئة الاقتصادية، وسيستفيد منه الجميع من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، لكن إزالة العقوبات وحدها لا تصنع نهضة، بل قد تتحول إلى فرصة مهدورة إن لم تُرفق بإصلاحات داخلية حقيقية، موضحا أن الاقتصاد لا ينهض فقط بفتح الحدود، بل بإعادة ترتيب البيت من الداخل أولاً.
السؤال الأبرز هنا، ما الطريق الحقيقي نحو التعافي؟
يرى الخبير الاقتصادي ديب أن الطريق نحو نهضة اقتصادية حقيقية يتطلب إصلاحاً إدارياً شاملاً يسرّع اتخاذ القرار ويحدّ من البيروقراطية، وتهيئة بيئة استثمارية واضحة وجاذبة وشفافة، إلى جانب تشجيع رأس المال الوطني قبل انتظار المستثمرين الأجانب، وإصلاحات تشريعية واقتصادية تتناسب مع واقع جديد، وكذلك إعادة بناء الثقة بين المجتمع والدولة، وهي الثروة الأهم. واعتبر ديب أن الفرح برفع العقوبات أمر مفهوم، لكن تحويله إلى وهم جماعي خطر، فإذا لم تتغير آليات الإدارة والحوكمة في الداخل، فإن رفع العقوبات – إن حدث – لن يكون سوى عنوان جميل بلا مضمون.
وأشار ديب إلى أن التاريخ الاقتصادي يثبت أن الأمم لا تنهض بالقرارات الخارجية، بل بإرادتها وإصلاح مؤسساتها وبنائها الداخلي، لذلك، فإن أولى خطوات التعافي ليست انتظار رفع العقوبات، إنما الاستعداد له بواقعية ومسؤولية.