تلاميذ المدارس في الظلام.. الحكومة أمام اختبار أزمة التوقيت الشتوي!

تحقيق: ميساء السليمان

مع اقتراب فصل الشتاء، وإلغاء التوقيت الشتوي، وتثبيت العمل بالتوقيت الصيفي على مدار العام، يتجدد القلق بين الأهالي من تكرار المعاناة التي عاشها أبناؤهم في السنوات الماضية، عندما كان يضطر الأطفال للتوجه إلى مدارسهم في ظلام الفجر وبرد الصباح، وخلو الشوارع والأحياء من الإنارة نتيجة الانقطاع شبه الدائم للتيار الكهربائي.

في هذا التحقيق نتابع سلبيات وخطورة العمل بنظام توقيت واحد في سوريا مع ذكر الأسباب، كما نستطلع آراء مواطنين، ونضع كل ذلك في عهدة الحكومة الحالية.
الصباحات ما تزال الآن مضيئة ومعتدلة، إلا أن التجربة السابقة علّمت الجميع أن الإبقاء على التوقيت الصيفي في الشتاء يعني بداية أيام صعبة للطلاب والمعلمين والأهالي على حدّ سواء، فسوريا تعدّ من دول الشرق الأوسط التي تعتمد نظام التوقيتين الصيفي والشتوي، إذ تبعد عن خط الطول الأول (غرينيتش) مسافة خطي طول إلى الشرق، أي بفارق ساعتين عن التوقيت العالمي.

ويجري العمل بالتوقيت الصيفي على مدار العام، بعدما قررت حكومة النظام المخلوع في السنوات الماضية إلغاء العمل بالتوقيت الشتوي الذي كان معمولاً به على مدى عقود في سوريا، واعتماد التوقيت الصيفي على مدار العام، وفق قرار مماثل لما اعتمدته بعض الدول في المنطقة.

وفي ظل تثبيت التوقيت الصيفي، أصبح لزاماً على تلاميذ المدارس والثانويات وطلاب الجامعات والموظفين، الخروج من منازلهم وسط العتمة، لأن الشمس تشرق حالياً في السادسة و30 دقيقة، وفي كانون الأول وكانون الثاني، تشرق عند السابعة و45 دقيقة، في حين يبدأ دوام المدارس عند الساعة الثامنة.

صوت الأهالي!

في لقاءٍ لصحيفة الثورة مع عدد من أولياء أمور الطلاب وطلاب الجامعات، أجمع الأهالي على أن العودة إلى التوقيت الشتوي مطلب إنساني قبل أن يكون إدارياً، لأنه يمسّ صحة أبنائهم وأمانهم.

تقول ميادة أحمد، إحدى الأمهات: “العام الماضي كنا نستيقظ قبل الفجر، نُلبس أبناءنا بسرعة، ونرسلهم إلى المدرسة في الظلام والبرد، لا نريد أن نعيش نفس التجربة هذا الشتاء”، حيث في كل شتاء، ومع تأخر شروق الشمس، يخرج أطفالنا إلى مدارسهم قبل أن يسطع النور، في وقت يكون البرد فيه في ذروته، موضحة أن تجربة السنوات السابقة كانت قاسية على الأسر: أطفال صغار يسيرون في الظلام، وأمهات ينتظرنهم بقلق، ما يعني وحسب رأيها أن استمرار العمل بالتوقيت الصيفي، أننا سنكرر الخطأ ذاته وسنواجه النتائج ذاتها من تعب وإرهاق وضعف في التحصيل الدراسي.

محمد المصري (موظف): “نحن لا نطلب شيئاً جديداً، فقط أن نعود إلى النظام الطبيعي وإلغاء العمل بالتوقيت الصيفي، كون النظام الحالي يؤدي إلى خلل واضح في التوازن الدراسي والعمل الرسمي معاً، فالشمس تتأخر في الشروق، بينما تبقى ساعات الدوام كما هي وتخفيضها لدقائق معدودة لكل حصة درسية، ليبدأ المعلمون والطلاب يومهم في ظروف غير ملائمة.

وبيّن أن نظام التوقيت الحالي يؤدي إلى اضطراب في مواعيد النقل والمواصلات، والارتباك في تنظيم اليوم العائلي، خاصة للأسر التي تضم أكثر من طالب بمراحل مختلفة في المدارس والجامعات والمعاهد.

تقول روان إبراهيم، معلمة في المرحلة الابتدائية: “في الشتاء الماضي كان الطلاب يصلون إلى الصف، وهم نصف نائمين، بعضهم لم يتناول إفطاره بعد، وهذا يؤثر على استيعابهم ويجعل الحصص الأولى شبه ضائعة”. فيما توضح المعلمة آيات أبو عيشة: ” نبدأ الدوام في الظلام ونتنقل في أجواء باردة وصعبة، وتعديل التوقيت ليس رفاهية، بل ضرورة تساعد الجميع على العمل في ظروف إنسانية طبيعية”، وذكرت أن تناغم التوقيت مع ضوء النهار عنصر أساسي في تحقيق الانضباط والنشاط داخل المدرسة.

المرشدة النفسية دارين سليمان قالت لـ “الثورة”: إن الضوء الطبيعي عنصر مهم في ضبط الساعة البيولوجية، ومسألة التوقيت ليست مجرد تنظيم إداري، بل قرار يؤثر في السلوك اليومي والإيقاع النفسي لكل فئات المجتمع، وخاصة الأطفال.

وأشارت إلى أن إجبار الأطفال على الاستيقاظ في الظلام يسبب اضطراباً في النوم وضعفاً في التركيز وزيادة في التعب الذهني. ومن الحلول المقترحة، حسب ما ذكرته سليمان، إعادة اعتماد نظام التوقيتين (الصيفي والشتوي) بما يتماشى مع فصول السنة وموقع البلاد الجغرافي، وإجراء دراسات ميدانية وطنية حول أثر التوقيت على الطلاب والمعلمين في الشتاء الماضي، وتأخير الدوام المدرسي في المناطق الباردة والجبلية لتجنب الصقيع والظلام، فضلاً عن توعية المجتمع بأهمية المواءمة الزمنية بين حياة الإنسان والطبيعة.

وأضافت: “حين ينسجم وقت الإنسان مع ضوء يومه، تزدهر حياته بالراحة والإنتاج، أما حين يُفرض عليه زمن لا يناسب بيئته، فسيبقى في صراع مع ذاته ومع الطبيعة من حوله، والدعوة لإعادة التوقيت الشتوي ليست اعتراضاً، بل وقاية مبكرة من معاناة عاشها المجتمع لسنوات.

سهيل محفوض( مدرّس رياضيات)، قال: الشتاء يقترب، والدرس واضح من الماضي، لا راحة لطفل يبدأ يومه في العتمة، ولا إنتاجية لمعلم يقاوم البرد في طريقه إلى الصف، فلنعد إلى التوقيت الطبيعي، فالوقت ليس مجرد ساعة على الحائط، بل نبض وطنٍ يعرف متى يستيقظ ومتى يستريح.

آخر الأخبار
نائب وزير الاقتصاد: سلامة العاملين أولوية قصوى لا يمكن التهاون بها  حملة فنية لتجميل الجدران العامة في دمشق تركيا: على "قسد" أن تسلم أسلحتها فوراً من دون قيد أو شرط في تصعيد مفاجئ.. أفغانستان تعلن انتهاء عمليتها الانتقامية ضد باكستان ماذا لو خرقت "إسرائيل" وقف إطلاق النار؟ الاتحاد الأوروبي يطبق نظاماً جديداً للقادمين والمغادرين اتّفاق غزّة بين ضغط ترامب وألاعيب اليمين الإسرائيلي المتطرف الليرة أولاً... هل يفتح رفع القيود باب الثقة من جديد؟ بين التعصّب والانفتاح على دمشق.. سيناريو النهاية مع "قسد" الجفاف يهدد موارد سوريا.. و"الطوارئ" تطالب باستجابة عاجلة للإنقاذ مركز الملك سلمان للإغاثة يسير 10 سيارات إسعاف للصحة السورية عدّة جهات تتسابق للدخول بالسوق المصرفية السورية لاعب بحجم وطن.. مازن فندي أستاذ دولي بلعبة الشطرنج عودة الأمل للأسواق مع إلغاء «قيصر» لغة الإشارة .. كباقي اللغات تحتاج الصبر والأناة حين يصبح الحاضر وسيلةً للنجاة من عبء التفكير تلاميذ المدارس في الظلام.. الحكومة أمام اختبار أزمة التوقيت الشتوي! "الموظف العام" شريك في تحقيق التنمية خارطة جديدة لأكشاك العاصمة الكهرباء والنفط مفتاحا التعافي