الثورة- زهور رمضان
يتميز أبناء البلد بابداعاتهم أينما وجدوا في رحاب الوطن، ففي سلحب بريف حماة الشمالي تولد الحكايات العظيمة ويولد التفوق والأمل منذ الصغر وتسطع النجوم الصغيرة التي ما زالت تحمل اسم مدينته إلى العلا وإلى أبعد مدى، حتى صار مذكوراً على كل لسان وفي ذاكرة السوريين انطلاقاً من ساحات الشطرنج العربية والعالمية اتخذ طريقه إلى النجومية وحقق اسماً لا ينسى.
رسالة نصر متنقلة
في سلحب ولد مازن فندي الذي أدهش المتابعين ودخل إلى قائمة الأبطال، إنه بطل صغير بحجم وطن حمل رسالة نصر متنقلة من سلحب إلى العالم أجمع تقول: إن القامات لا تُقاس بالأعمار، ولا تحسب بالساعات بل بما يزرعونه من أثر في الذاكرة والتاريخ.
براعة نادرة
لا يمكن أن نصف مازن فيصل فندي بأنه من أصغر أبناء سلحب، حيث دخل من الصف السابع مقتحماً أرض معارك الشطرنج، بل هو أصغر قامات سوريا لأن إنجازاته تقدر بحجم الوطن، لا بل تجاوزت حدود الوطن، وأثره تعدى حدود الخيال.
وعن بداياته يتحدث مازن فندي المولود في عام 2013 أن قصته بدأت بلحظة، عندما انتبه والده الدكتور فيصل إلى براعته النادرة في تحريك القطع على رقعة الشطرنج، التي سرعان ما تحولت إلى حلبة قتال صامت بين لاعبين متنافسين على الفوز في اللقب ضمن ميدان تتجسد فيه العبقرية والذهن المتفتح، ومن هذه اللحظة العابرة بدأت الحكاية لطفل كسر قواعد اللعبة، محطماً الأرقام القياسية مثبتاً أن البطولة لا تقيدها السنين.
وذكر مازن أنه منذ أربع سنوات بدأ في اللعب في الحارات والأزقة وأصبح يطور مهاراته ويتدرب بشكل نظامي ليحقق الإنجاز تلو الآخر.
استثناء مدهش
رغم أنه لم يتجاوز بعد سن الثانية عشرة، فقد فاز مازن في المركز الأول في بطولة الجمهورية تحت 18 عاماً فكان هو الاستثناء الذي أدهش الجميع محققاً تكريم وزارة التربية بحماة تقديراً لموهبته الفريدة، كما فاز في بطولة العرب للرجال بالمركز الثاني مكرر رابع في السنة الماضية، وأيضاً حصل على لقب أستاذ بالاتحاد الدولي للشطرنج، ثم حمل علم سوريا إلى كازاخستان عام 2024 ليعود بالفضية الآسيوية في بطولة تحت 12 عاماً، كما كتب لنفسه في سلطنة عُمان صفحة مشرقة جديدة بانتزاع المرتبة الثالثة مكررعالمياً في بطولة الهواة وسط أبطال من النخبة قدموا من 64 دولة.
أصغر لاعب
بيد أنه لم يكتفِ بذلك، فقد خاض بطولة العرب الفردية للرجال في الشارقة 2024 ليظفر بالفضية بالتساوي مع أساتذة كبار وأصبح أصغر لاعب في تاريخ البطولة واضعاً اسمه في سجل اللاعبين الكبار، ومضيفاً ميداليتين برونزيتين إلى مسيرته في الكلاسيك والرابيد قبل أن يتوج عام 2025 بلقب أستاذ الاتحاد الدولي للشطرنج FM ليغدو أصغر مدرب شطرنج معتمد في الوطن العربي.
اسم من ذهب
تعجز الكلمات عن وصف التفوق الذي حققه مازن فندي البطل الاستثنائي بكل ما للكلمة من معنى وأبعاد، حيث يمكن أن نسميه أسطورة الشطرنج السوري وفخر الصناعة السورية بدون منازع يقارع أبناء العالم الذين تدربوا بأهم الأكاديميات العالمية للشطرنج ونهلوا علومهم من أفضل المدربين المحترفين على مستوى العالم ولكنه أثبت للعالم بأسره أن الأبطال يولدون من رحم المعاناة رغم الظروف ورغم غيابه عن الجولة الأولى بسبب تأخر وصوله للمشاركة وخسارته نقطة المباراة المحزنة لنا كمتابعين لهذا البطل ولكن أثلج الصدور بصموده وقدم أجمل الأدوار العالمية ولعب خمس جولات حقق من خلالها أربع انتصارات وتعادل مع أفضل اللاعبين على مستوى العالم ضمن فئته وحفر اسمه بماء الذهب على صفحات الشطرنج العالمي فاتحاً الباب على مصراعيه ليكون محط أنظار أهم الصحفيين العالميين وأبطال الشطرنج على مستوى العالم.
كل هذه الإنجازات لم تكن لتولد بهذا الشكل لولا عين أب وأم رأت بريق الموهبة في ابنهما فآمنا بها ورعياها حتى اشتد عودها، وقوي عضدها وكانا السند والداعم لصنع البطولة، باعثان فيه بطلاً صغيراً بحجم وطن رسالة حب من سلحب للعالم تقول: إن القامات لا تُقاس بالأعمار بل بما يزرعونه من أثر في الذاكرة والتاريخ.
يذكر أن وزارة التربية بشخص السيد وزير التربية والتعليم الدكتور “محمد عبد الرحمن تركو”، كرّم الطالب مازن فندي، لحصوله على المركز الثالث في بطولة العالم للشطرنج لفئة تحت 12 عاماً، والتي أقيمت في دولة كازاخستان.