الثورة- ناديا سعود:
أكد الباحث الاقتصادي عبد العظيم المغربل أن إلغاء قانون «قيصر» يشكل منعطفاً حاسماً في المسار الاقتصادي السوري، مشيراً إلى أن الخطوة ستنعكس مباشرة على سعر الصرف والقطاع المصرفي، عبر تعزيز الثقة وخفض الطلب على النقد الأجنبي.
وأوضح المغربل في تصريح خاص لـ«الثورة» أن رفع القيود سيسهّل عودة حوالات المغتربين ويفتح قنوات المقاصة المالية الدولية، ما يتيح للبنوك السورية استئناف علاقات المراسلة وعمليات التحويل عبر نظام SWIFT، الأمر الذي سيخفّف من ضغوط سوق الصرف ويُسهم في استقرار السعر نسبياً، ومع ذلك، شدّد على أن التعافي الكامل يتطلّب إعادة هيكلة البنوك وتعزيز الامتثال التنظيمي والمعايير المصرفية الدولية.
وفيما يتعلق بانعكاسات القرار على القطاعات الإنتاجية، أوضح أن رفع العقوبات سيؤدي إلى انخفاض تكاليف استيراد الماكينات والوقود والمواد الأولية، وتحسّن سلاسل الإمداد والتوريد، ما يتيح إدخال تكنولوجيا إنتاج متطورة إلى قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة، ويساهم في زيادة الإنتاج وخلق فرص عمل جديدة.
جذب الاستثمارات
أما بشأن خطط الحكومة لجذب الاستثمارات بعد رفع القيود، فأشار المغربل إلى أن المرحلة المقبلة تتطلّب إصلاحات سريعة تشمل توفير بيئة قانونية مستقرة وضمانات ضريبية واضحة، إضافة إلى حزم حوافز موجهة للقطاعات المنتجة، مع تسهيل فتح الحسابات المصرفية والمراسلات الدولية لتقليل المخاطر أمام المستثمرين.
وتوقّع المغربل أن يشهد قطاع التجارة الخارجية تحسّناً ملحوظاً مع زيادة واردات المدخلات الصناعية والزراعية وتحسّن الصادرات الزراعية والنسيجية تدريجياً، مدعوماً بانخفاض تكاليف الشحن والتأمين، الأمر الذي يعزز دوران البضائع ويقلّل من تأخيرات الاستيراد.
كما أشار إلى أن القرار سينعكس إيجاباً على الأسعار والقدرة الشرائية للمواطنين، من خلال انخفاض تكاليف الاستيراد وتحسّن الإمداد بالسلع الأساسية، ما يؤدي إلى تراجع التضخم المستورد تدريجياً وزيادة المعروض السلعي، لكنه نبّه إلى ضرورة اتباع سياسات نقدية ومالية منضبطة لتجنّب تضخم نقدي جديد.
وفي سياق تهيئة البيئة الاقتصادية، دعا المغربل إلى حزمة مؤسساتية متكاملة تشمل تحديث قواعد مكافحة الفساد، وتعزيز الرقابة المصرفية والامتثال الدولي، وضمان حقوق الملكية والعقود، وبناء منصات إلكترونية لتسهيل التراخيص والتعاملات التجارية.
عودة الانفتاح
وأشار الباحث إلى أن تخفيف العقوبات سيساهم أيضاً في عودة تدريجية للشركات الأجنبية والسفارات إلى دمشق، مع تحسّن الأجواء السياسية وتزايد الثقة الدولية.
أما بخصوص الأموال السورية المجمدة في الخارج، فتوقّع المغربل أنه بعد رفع العقوبات ستبدأ الحكومة مفاوضات قانونية ودبلوماسية لاستعادتها عبر القنوات القضائية والاتفاقيات الثنائية، مع إمكانية تخصيص جزء منها لتمويل مشاريع البنية التحتية وإعادة الإعمار، شرط أن تتم العملية بشفافية وإدارة مشتركة لبناء الثقة الدولية.