ثورة أون لاين – علي نصر الله :
السرور سمةٌ من سمات العيد، والفرح حالةٌ عامّة في العيد، هكذا هي أجواء الأعياد يكون فيها المزاج العام طيباً تغلب فيه مشاعر البهجة والسرور والفرح، وهي ما لا يستقيم الشعور بها والتعبير العفوي عنها – الذي غالباً ما يكون نابعاً من الأعماق – إلا إذا اكتملت العناصر المُكونة للمزاج الذي يكشف عن حالة السعادة والسرور والفرحة والبهجة من عدمها.
أركانُ أو عناصر الحالة النفسية والمادية تلك بقيت منقوصة لدى أغلبية السوريين خلال السنوات الماضية، ما من بيت، ما من أسرة، ما من عائلة في مجتمعنا إلا وقد تأثرت على امتداد الوطن، الجميع ابتُلي بالفقد إما بالأنفس أو بالمال كنتيجة للحرب والعدوان الكوني الذي تعرضت له سورية الوطن والمجتمع، تضررت كل أطياف الشعب، لكنه الشعب الذي بقي صابراً صامداً مُحتسباً، واثقاً بالنصر ومؤمناً بعدالة القضية التي يتمسك بها ويدافع عنها.
بما يُشبه الإجماع أو يُجسده كنّا وما زلنا نسمع ونُردد عبارات واحدة تكاد تتطابق في العيد – الفصح، الفطر، الميلاد، الأضحى – أنّ العيد الحقيقي هو بخلاص سورية من الإرهاب وبعودة الأمن والأمان لها، وهو ما يكشف عن حالة قوامها ألمٌ حقيقي ووجعٌ عميق كابده السوريون لكنه ما زادهم إلا ثباتاً وتصميماً على استعادة ما فقدوه وافتقدوه، وهم يقطفون اليوم ثمرات رسوخ إيمانهم بسوريتهم ووطنهم.
لن نستغرق بتوصيف الحال كي لا نغرق في الجُزئيات التي قد تقودنا أو ينبغي أن تقود لرصد التشوهات الحاصلة تماماً كما لرصد الإسقاطات المباشرة – التي لا تخفى – للأصالة التي بقيت تَميز المجتمع السوري عن سواه رغم قسوة الظروف وشراسة الهجمة التي تعرض لها، في مقابل تعمدنا الاستغراق بما يُردد لسان حال السوريين من أنّ العيد الحقيقي هو في خلاص سورية من الإرهاب التكفيري الذي ضرب بقوة لكنه بقي غريباً لفظته الأغلبية الغالبة، ذلك لما لهذا الاستغراق الذي نتعمده من دلالات عميقة تؤكد صحة وسلامة فطرة السوريين الوطنية.
عندما تَلهج الافئدة وتأتلف الأنفس، بأمر واحد ولأمر واحد، وعندما تجتمع الرؤى والأماني على غاية وأمل الخلاص، انطلاقاً من أن الخلاص بذاته هو العيد فإنّ سورية بخير وستكون، وهو ما يبعث على الطُمأنينة وعدم الخوف، ذلك أن هذا المجتمع الذي مارس الحد الأدنى من طقوس (العيد) خلال الحرب، إنما فعل بمزاج المُتمسك بالأصالة ومنظومة القيم حمايةً لأصل مُكتمل لم يتنازل عنه ويُصمم على استرداده في توقيت استعادة العافية الكاملة للوطن التي نراها قريبة لتَفقأ عيون من أراد أن يجعلها مستحيلة.
لا نتحدث عن أمنيات، بل عن وقائع وحقائق، نعم لا نُنكر أن الإصابة بليغة، غير أنّ تَوَحّدَ السوريين في الصميم على مقولة واحدة يؤمنون بها – العيد الحقيقي بالخلاص – إنما يؤكد وعيهم المسؤول وحرصهم الراسخ بالمحافظة على كل ما هو طيب ورفض الخبيث، وقد نجح المجتمع السوري حتى الآن بالفرز بينهما، بل ربما أنهى مرحلة التوضيب لترحيل ما هو غريب مرفوض، ولتجذير كل أصيل ما غاب رغم محاولات التغييب.
محكومون بالأمل، لا نستسلم لها قاعدةً فيها مقادير مُتماثلة من الألم والمُنى، بل نَعدُ أنفسنا بقيمة العمل والأمل التي لن يكون ناتجها سوى العيد الوطني الحقيقي الذي سيُعيد لأعيادنا المعنى الذي يعتمل الكثير الذي يعكس بدوره الفخر والاعتزاز والكرامة ولا يكتفي بالبهجة والسرور، مخزون الفرح بدواخلنا عظيم، ما زلنا نُراكم، وسنفرح.