بما أن أزمة بلدان العالم الثالث، فضلاً عن أزمة الإنسان العربي هي أزمة ثقافية في أحد أهم وجوهها، و كون المثقف يحمل الهم الثقافي بمعظم تجلياته وهمومه، فمن باب أولى أن يكون العمل وتركيز الجهد، فضلاً على إنعاش الوسط الثقافي،
على فكرة تغيير النظرة النمطية للعمل الثقافي وللفعل الثقافي.. و لهذا نعمل ونكتب، تاركين لقادم الأيام أن تبلور هذه النظرة فعلاً وعملاً على أرض الواقع..
يعتبر العمل الثقافي في ظاهره من الأعمال السهلة لكنه في الحقيقة والواقع والتطبيق من أشق الأعمال التي يجب العمل عليها والشغل عليها والتعب عليها لأنها تمس شخصية الإنسان الحضارية والإبداعية، ويجب العمل عليها من قبل من يمتلكون ناصية الإبداع ويحملون الهم الثقافي والإنساني بأرقى صوره وتجلياته.
وكون المثقف يعيش هذا الهم الثقافي على الصعيد العام والإبداعي، وعلى الصعيد الشخصي، فإنني سوف أحاول مقاربة هذا الأمر فيما يلي، والسؤال التمهيدي قبل الولوج إلى متن الجواب هو، ما وجه العلاقة بين الإعلام والثقافة ؟
وفي الجواب هي علاقة عضوية هامة فالثقافة تحتاج إعلاماً للتعبير عنها ونشرها وتعميمها وإيصالها، والإعلام يحتاج مادة ثقافية وأداة أو حاملاً ثقافياً ليقف على رسالته السامية..
لاتزال الذاكرة القريبة تحتفظ بالكثير، كنقطة استعادة وارتكاز أساسية لها، أهمَّ البرامج الإذاعية والتلفزيونية والنوافذ الأدبية التي كانت تكاد تكون النافذة الرئيسة «بعد الكتاب», في عصر لم تكن فيه العولمة ووسائل الاتصال منتشرة ومتوفرة كاليوم، والتي كانت تقدم وجبة ثقافية دسمة للمريد الذي كانت لديه هذه الوسائل الثلاثة الوسائل الأهم والأكثر ثقة وتداولاً وانتشاراً في تعميم ونشر المادة الثقافية.
وفي صياغة الخبر الثقافي، حسب الشريحة المعنية بتوجيه الخبر الثقافي إليها../فيس بوك/مشاهد تلفزيون/قارئ صحيفة /أم مجلة معرفية ثقافية متخصصة في الثقافة وضروبها.
نسأل: من يصوغ المادة الثقافية، والخبر الثقافي؟ في مؤسساتنا الثقافية والإعلامية..
وكيف يتم إسناد هذه المهمة ولمن..؟, وما الروائز التي ينبغي الارتكاز إليها في اختيار القائمين على الصفحات الثقافية أو البرامج الثقافية، أو المادة والخبر الثقافيين؟
– الرائز الأول: اختيار الشخص المناسب أي من يحمل الهم الثقافي وتكون لديه الإمكانية والشغف والمبادرة والقدرة على محاورة الأديب أو المثقف، لأن العمل في المجال الثقافي يحتاج رغبة واضحة يؤسس لها الهم الثقافي والمقدرة الثقافية في الأساس, أذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر: «ملحق الثورة الثقافي», الذي بلغ أوج انتشاره ورقيه وعصره الذهبي عندما أتى جديداً وفي سياق تكوُّن مثل هذه الوسائط الثقافية الإعلامية و قيام أولي الأمر عليها من «أهل البيت» كما يقال مثال «محمد عمران.. فايز خضور الخ..كتاب في جريدة «أدونيس درويش الخ…المجلة الثقافية: عادل يازجي ومروان صواف الخ، وفي الإذاعة: البرنامج الإذاعي المشهور»الشعر والليل موعدنا» و« كاتب وموقف» وإعلاميون مثل جمال الجيش خالد أبو خالد عبد الرحمن الحلبي الخ… الأمر الذي يدعونا لننظر بتركيز على الأسماء التي يجب أن تقوم على إدارة تحرير الأقسام والصفحات الثقافية، والمطالبة بشدة عقب نشرة الأخبار كما توجد نشرة رياضة وجوية واقتصادية فلا بد من نشر خبر ثقافي يكون متمماً لذهنية الخبر لدى المتلقي، وفتح الباب بجدية أمام المهتمين المجددين في تكوين أو الإعداد للبرامج الثقافية الأدبية تحديداً والمختصة بتكوين وجبة ثقافية دسمة متكاملة أو مختصة.
في النهاية لنا كلمة: الثقافة سلوك، ومن امتلك معظم نواحي المعرفة والثقافة، ولم ينعكس في سلوكه ثقافة وأخلاقاً ورقيا فهنا الطامة الكبرى والتي ستعيدنا إلى ما قبل الكلام هذا كله ألا وهي الحاجة للعودة لتعريف وفرز من هو المثقف حامل وناهض العملية الثقافية سواء في المؤسسات الثقافية أو الإعلامية..
ليندا إبراهيم
التاريخ: الجمعة 10-8-2018
رقم العدد: 16758