كمن لايعرف ماذا يريد يبدو ترامب الذي يخوض معارك الضجيج على أكثر من اتجاه وموقع، تارة في سورية التي يقول عنها إنها رمل ودماء، ولم يذكر ما دور الولايات المتحدة ومن معها بالموت والقتل المجاني الذي كان لسبع سنوات، وتارة أخرى في العراق مهددا ومتوعدا، لم يترك مكانا إلا وصال وجال حوله، وزع ما يريد من وعود ووعيد، ومن ثم عاد إلى الداخل الأميركي ليتحدث عن جدار يفصل الولايات المتحدة عن دول الجوار، ويعطل المؤسسات الفدرالية هناك حتى يحصل على التمويل المطلوب لبناء هذا الجدار.
بكل الأحوال هذا التقلب الذي يبدو متنافضا في القراءات الأولى ليس هكذا، فهذا هو السلوك الأميركي الذي يعني أن المصلحة تحكمه وتقوده إلى حيث يريد، فلا الشعارات ولا الاستراتيجيات التي تدعي أنها إنسانية بذات فائدة، فكل شيء متاح تحت شعار دعه يعمل دعه يمر، مهما كان الثمن.
قرار ترامب الذي جعله يقف في واجهة الضجيج الإعلامي حول الانسحاب من سورية، سحب قواته المعتدية أثار نقاشا وضجيجا أميركيا وغربيا أكثر مما يجب، بعضهم رأى فيه محاولة للهروب مما يعيشه في الداخل من مآس وكوارث كما في فرنسا، وآخرون يبحثون عن دور لهم، حاولوا أن يصلوا إليه فلم يحسنوا على الرغم من كل الضجيج الإعلامي، بالمحصلة هذا الصخب إن دل على شيء، فإنما يدل على أن الولايات المتحدة تبدل حلفاءها وترميهم كما لو أنهم أشياء مستعملة لايمكن إعادة استخدامها، وترامب يجيد الصخب الإعلامي، ويعرف كيف يصرفه في بازار ليس نظيفا.
ديب علي حسن
التاريخ: الأحد 6-1-2019
الرقم: 16877