قد تلقى بعض الأعمال الأدبية والشعرية رواجاً، بدون الاعتماد على تقييم النقاد، وهنا لاينتظر القارئ أن يأخذ رأي ناقد أدبي، حتى يقتني رواية أو قصة أو مجموعة شعرية, لاسيما اذا كان صاحبها متألقاً ومعروفاً، ومن هذه الناحية يختلف الأدب عن الفن التشكيلي، الذي يحتاج لكتابات النقاد حتى يصل لجمهور لايزال في بداية طريق تعامله مع اللوحة كنتاج ثقافي, بسبب طغيان الذوق الأدبي على الحس البصري.
هكذا يقرأ الجمهورالعام نتاجات الأدباء والشعراء، ولا يكترس لكتابات النقاد، التي ترصد حركاتها وتياراتها, رغم أن النخبة المثقفة تقرأ كتابات نقاد الأدب وتتأثر بها، إلا أن هذه النخبة لاتزال قليلة جداً، وأفضل مثال هنا نزار قباني، الذي لايزال الشاعر الأكثر شعبية وجماهيرية، رغم مهاجمة النقاد له، وقولهم بأن جماهيريته، ليست مقياساً لجودة وأهمية وعظمة شعره.
ولأن الفنان التشكيلي ليس نجماً في بلادنا العربية، وشهرته تبقى محدودة، فهو لايتمكن من الوصول والاستمرار في ذاكرة الفن، بعيداً عن كتابات النقاد، لاسيما مع غياب متحف الفن الحديث ومراكز الثوثيق والتأريخ الفعلي, رغم أن لغة الفن التشكيلي الحديث, هي لغة عالمية, لاتحتاج لترجمة، حتى أن مصادرها واحدة, وتشكل مناسبة للحوار الثقافي، وتبادل الخبرات بين الشرق والغرب والشمال والجنوب، وتعمل على تعميق وتدعيم مرتكزات البحث التشكيلي والجمالي والتقني, وبهذه الميزة يختلف التشكيل أيضاً عن الأدب والشعر والموسيقا والغناء.
ورغم بروز هذه المباعدات النقدية بين الأدب والفن، تبقى كل الصنوف الإبداعية, بحاجة لكتابات النقاد، لمعرفة قيمتها على الصعيد الإبداعي، لاسيما وأننا أمام جمهور سطحي، لا تهمه النواحي الفنية, ولا التصنيفات النقدية، وقد لا يرى الأخطاء التوثيقية، ولهذا فالناقد يلعب دوره في حفظ التراث الأدبي والفني, وتصويب الأخطاء، والإشارة إلى الثغرات،للإرتقاء بالذائقة الفنية, والعمل على توسيع رقعة المخاطبة الجمالية والروحية.
facebook.com adib.makhzoum
أديب مخزوم
التاريخ: الأحد 6-1-2019
الرقم: 16877