مئتان أو ألفان فهذا لا يغير في الصفة شيء، محتل وسيبقى كذلك ولو كان عدد قواته جندي أعور، القصة ليست بعدد جنود الاحتلال الأميركي على الأرض السورية، طالما كان الهدف واحدا وهو عرقلة حل الأزمة في سورية.
هنا لا يقاس عدد قوات الاحتلال الأميركي بحاملي الجنسية الأميركية، لطالما جند بالمال آلاف مؤلفة من الإرهابيين المحليين والأجانب لقتال الدولة السورية، وتنفيذ أجندته الخاصة في سورية، وطالما أن هناك غير أميركي أشد عداء للوطن من الأميركي ذاته، ولديه أجندات تمزيقيه تفوق حينا المخطط الأميركي.
المناورة الأميركية والتكتيك في سحب قواتها من عدمه من سورية، يصبّ في منحيين اثنين، الأول هو حالة من رفع الصوت بهدف قبض ثمن ما في مكان ما، أقل تكلفة من التواجد على الأرض السورية، وهو صراخ لأخذ الجميع «إن استطاعوا الى ذلك سبيلا» الى بازار المقايضة، وقبض أثمان ما في أماكن يكونوا محشورين فيها أكثر من سورية، مثل أفغانستان وايران أو فنزويلا واليمن.. والثاني الانسحاب الأميركي يعني تغيرات دراماتيكية متسارعة يكون المنتصر فيها الدولة السورية وبشكل جلي، وهم لا يريدون إعطاء هذه الفرحة أو إعلان النصر بهذا الشكل المعلن وعبر احتفالية تبين هزيمتهم بهذا الشكل الفج.
من المؤكد أن لا تأثير عسكريا لتلك القوة الأميركية المحتلة، وإنما التأثير أو الهدف منها هو سياسي.. فإذا كان الهدف من تحالف « الأكراد» مع الأميركي انتهى مع اعلانهما القضاء على السبب وهو «داعش» الإرهابي، فما مبرر الاستمرار لو لم يكن هناك هدف أبعد من الهدف الوهمي، وهو إقامة كيان كردي منفصل عن الأم سورية؟!.. أو للمقايضة لاحقا والضغط على الحكومة السورية بشأن أمور لم يستطيعوا تحقيقها بالقوة والإرهاب؟!.
تبقى التخمينات كثيرة وعميقة، بعمق اللامنطق والتخبط الأميركي في سياساته، ولكن الجلي والواضح أن الحكومة السورية والجيش العربي السوري سيستعيد السيادة والسيطرة على كل حبة تراب من سورية، سواء أكان ذلك بالتفاوض أو بالنار، فمن صمد وقهر الإرهاب وداعميه ثماني سنوات لن يتراجع في الأمتار الأخيرة من عمر المعركة النهائية في الحرب الإرهابية، ولن يكل في الثواني المتبقية من عمر الأزمة.. وسورية لا تجني محصولها من بيادر الآخرين، ولا تنتظر انسحاباً طوعياً لمحتل حتى تكون السيد على أرضها.. وما ذاك العدد الذي تركه ترامب في سورية إلا مشاريع جنازات مستقبلية في بلاده.
منذر عيد
Moon.eid70@gmail.com
التاريخ: الأثنين 25-2-2019
رقم العدد : 16917