اليمنيون بأمسّ الحاجة للمساعدات.. وحياة الملايين في الحديدة على المحك

في الحين الذي تصل به إلى قناعة بأن اليمن قد بات في الحضيض، ولن يتردى إلى وضع آخر أكثر سوءاً مما هو عليه في الوقت الراهن، كشفت تقارير وردت مؤخراً بأن أكثر من 60000 شخص قد أضيفوا إلى قائمة من أصبحوا على حافة المجاعة في مدى الشهرين الماضيين، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عما يمكن أن نفعله لمعالجة هذا الوضع البائس؟
لا شك أن خير ما يمكن التوجه نحوه هو وقف القتال، حيث أعرب لي العديد من المواطنين عن مأساتهم جراء الحرب وما يحدوهم من آمال بوضع نهاية لها. لكنهم يشعرون بخيبة أمل تزداد ترسخا في نفوسهم. إذ إن لتلك الحرب تأثيرها السيئ على 24 مليون يمني الأمر الذي يجعل منها من أكبر الكوارث الإنسانية، بل ستزداد سوءاً كلما طال أمدها.
يحتاج اليمن إلى تضامن من العالم أجمع لاتخاذ قرار بوقف إطلاق النار على نحو فوري، ذلك لأنه تعرض في هذه الحرب إلى تجاوزات وانتهاكات للقانون الدولي بالاستخدام المفرط للقذائف الجوية والبرية التي ذهب ضحيتها الكثير من اليمنيين. يضاف إلى ذلك، الحصار الجائر الذي حال دون وصول المساعدات الإنسانية. ولا ريب بأن وقفاً لإطلاق النار في الحديدة سيكون له آثاره الإيجابية إن جرى تطبيقه فعلا على أرض الواقع. لكن ما يثير فينا الدهشة هو استمرار تلك الهجمات والغارات. ولمعالجة هذا الأمر، يرى اليمنيون ضرورة احترام المعاهدة المتعلقة بتجارة السلاح والتوقف عن بيعه لسائر الأطراف المتنازعة. لذلك فإننا نطالب حكومتنا باستخدام وسائلها الدبلوماسية لإنجاح محادثات السلام القائمة في الوقت الحاضر، مع الأخذ بالاعتبار واقع حقوق المرأة.
لقد وقفت على المعاملة السيئة التي يتعرض لها العاملون في الحقل الإنساني ومحاولات عرقلة أعمالهم التي يقومون بها لمساعدة المحتاجين. ما يستدعي بالضرورة أن تقوم السلطات في كافة أنحاء اليمن بمؤازرة ودعم أولئك العاملين في المجال الإنساني، ذلك لأن المساعدات تمثل السبيل الوحيد للإبقاء على حياة اليمنيين. علما بأن تقارير أصدرتها الأمم المتحدة مؤخراً تؤكد مصرع 17000 يمني من المدنيين الذين لا حول لهم لا قوة.
في هذا الأسبوع ذهبت إلى ميناء الحديدة الذي يتم عن طريقه وصول 70% من الغذاء والوقود، حيث يعيش سكان هذه المدينة مرحلة من الانهيار الاقتصادي التي جعلت الكثير منهم لا يحصل على قوت يومه لأن سبل العيش أصبحت شحيحة، وربما تعرضت منشآتهم للتدمير، أو أنهم لم يجدوا مناصاً من مغادرة أماكن عملهم، وأكدت تقارير بأن 65000 شخص منهم قد غادروا مواقع سكناهم تاركين خلفهم كل ممتلكاتهم ومدارس أطفالهم وألعابهم وأعمالهم لعلهم ينعمون بالأمان، وكان من نتائج الأعمال القتالية أن ما لا يقل عن 3,3 ملايين يمني قد فروا من مواقع إقامتهم ومن بينهم عمال الإغاثة.
قال لي رجل يدعى آدم بأنه كان يوفر معيشته مع أفراد عائلته باستثمار دراجته النارية من خلال استخدامها بالنقل المأجور. لكن الحرب قد حالت دون ممارسته لهذا العمل. فضلاً عن صدور قرارات منعت الأشخاص من التنقل. ويضاف إلى ذلك، أن المواطنين لا يملكون المال لدفعه له علماً بأن ما تتلقاه أسرة مكونة من عشرة أشخاص لا تتلقى سوى 80 دولاراً شهرياً الأمر الذي لا يحقق لها ما تحتاجه من ضرورات الحياة. لكن، ومع ذلك، فإن كل ما يرغبه آدم يتمثل بتحقيق السلام الذي يتيح له العودة إلى عمله مرة أخرى.
لقد أدى عدم تأمين المياه النظيفة إلى انتشار وباء الكوليرا، وقد رأيت أطفالاً يحملون أوان في يديهم لجلب الماء. وفي هذا السياق، قالت لي امرأة اسمها حبيبة بأنها تسير كل يوم ثلاث ساعات كي تستطيع تأمين المياه لعائلتها، والآن يصار إلى إصلاح شبكات الري لتوفير المياه لمئات الآلاف من السكان. وبذلك وصلت المياه عن طريق الأنابيب إلى منزل حبيبة وسواها من المواطنين. علماً بأن هذا الحل يعني أنه بمقدورنا تقديم المساعدة على مدى سنوات عديدة بعد انتهاء الحرب التي طال أمدها. وعندها سيكون لدى الأطفال وقت للذهاب إلى المدرسة ولدى حبيبة وقت لكسب قوت يومها.
لقد كانت المرأة أكثر معاناة نتيجة الأزمات التي عصفت باليمن. وبدا ذلك جلياً فيما تعرضت له من تعنيف منزلي وتحرش عند خروجها في الشارع. وبينت دراسة أجرتها وكالة كير انترناشونال للإغاثة إبان العام الماضي أن الكثير من النسوة يتعرض للتحرش الجنسي. وقال بعضهن بأنهن في الكثير من الأحيان يعدن إلى منازلهن دون الحصول على الإعانات تلافياً للمضايقات التي يتعرضن لها من الرجال إبان الوقوف في أرتال طلب المساعدات. بينما قالت أخريات بأنهن يتحملن تلك المضايقات لأنها الثمن الذي يدفعونه لتأمين حاجتهن المعيشية. وإزاء ذلك وجدنا أنه من الأفضل الفصل بين طوابير النساء والرجال.
ثمة اجتماع سيجري عقده اليوم في جنيف تحضره حكومات متعددة لتنظر في أمر زيادة الاعانات إلى أربعة مليارات دولار لتأمين الاحتياجات الإنسانية في اليمن.
وعلى حكومة المملكة المتحدة والحكومات الأخرى مد يد العون لليمن ليس في سبيل انقاذه من الموت جوعاً فحسب بل لتوفير السبل المعيشية على المدى الطويل وحتى بعد أن تضع الحرب أوزارها.
The Independent

 

ترجمة: ليندا سكوتي
التاريخ: الثلاثاء 26-2-2019
الرقم: 16918

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
تعاون اقتصادي وصحي بين غرفة دمشق والصيادلة السعودية: موقفنا من قيام الدولة الفلسطينية ثابت وليس محل تفاوض فيدان: الرئيسان الشرع وأردوغان ناقشا إعادة إعمار سوريا وأمن الحدود ومكافحة الإرهاب رئيس مجلس مدينة اللاذقية لـ"الثورة": ملفات مثقلة بالفساد والترهل.. وواقع خدمي سيىء "السكري القاتل الصامت" ندوة طبية في جمعية سلمية للمسنين استعداداً لموسم الري.. تنظيف قنوات الري في طرطوس مساع مستمرة للتطوير.. المهندس عكاش لـ"الثورة": ثلاث بوابات إلكترونية وعشرات الخدمات مع ازدياد حوادث السير.. الدفاع المدني يقدم إرشادات للسائقين صعوبات تواجه عمل محطة تعبئة الغاز في غرز بدرعا رجل أعمال يتبرع بتركيب منظومة طاقة شمسية لتربية درعا حتى الجوامع بدرعا لم تسلم من حقد عصابات الأسد الإجرامية المتقاعدون في القنيطرة يناشدون بصرف رواتبهم أجور النقل تثقل كاهل الأهالي بحلب.. ومناشدات بإعادة النظر بالتسعيرة مع بدء التوريدات.. انخفاض بأسعار المحروقات النقل: لا رسوم جمركية إضافية بعد جمركة السيارة على المعابر الحدودية البوصلة الصحيحة خلف أعمال تخريب واسعة.. الاحتلال يتوغل في "المعلقة" بالقنيطرة ووفد أممي يتفقد مبنى المحافظة الشرع في تركيا.. ما أبرز الملفات التي سيناقشها مع أردوغان؟ بزيادة 20%.. مدير الزراعة: قرض عيني لمزارعي القمح في إدلب تجربة يابانية برؤية سورية.. ورشة عمل لتعزيز الأداء الصناعي بمنهجية 5S