اقتصاد ظل وتهرب ضريبي!!

 ثورة أون لاين – علي نصر الله:  

“البسطات” مُصطلح يُشير بوضوح إلى مَشهد غير مُنظم يُشبه السوق وهو ليس كذلك، تَنتشر فيه هياكل مَعدنية وخشبية وبلاستيكية مُسطحة وعمودية، تُعرض عليها البضائع والسلع، وتُسمع فيه نداءات الباعة لتَرغيب الزبائن وجَذبهم، مع مُلاحظة أنّ كل شيء يُباع على هذه البَسطات، ما يَخطر على بال وما لا يَخطر!.

البَسطات تَنتشر بكل المحافظات، بجميع الأسواق، على أطرافها وبمَداخلها، بل وأمام المَحلات والمَتاجر المُرخصة التي تَبيع أحياناً المُنتجات ذاتها، قد تَختلف الجودة التي بحكم اختلافها ستَتباين الأسعار بين التي تُباع داخل المحل وبين تلك التي تُباع خارجه على البسطة التي تَتموضع أمامه، والتي لا يَعترضُ صاحب المحل على الحالة بوجودها الذي قد يكون مُنافساً له ولعمله، لماذا؟.

لماذا لا يَعترض؟ هل لشراكة قائمة بينه وبين صاحب البسطة؟ أم لأنها تَعود فعلياً له، وظاهرياً لا يَعترف بها؟ أم لأنه يَثق بأن الأرزاق مَقسومة، أم لأنه يُؤمن بأن السوق يَتسع للجميع؟ أم لأنه يَعرف بأن لكل سلعة زبون وبأنّ زبائنه لن يَتأثروا بما يُعرض على البسطة من مواد مُطابقة أو مُشابهة لتلك التي يَبيعها بأسعار تُساوي عدة أمثال أو أعلى بعدة أمثال أسعار تلك؟.

البَسطات ليست مُقوننة، وهي سوق مُواز، وهي عنوان واضحٌ للتهرب الضريبي، وهي بالمَعنى الاقتصادي اقتصاد ظل، وهي بالمعنى الاجتماعي مَصدر دخل ورزق تَعتمده شرائح مُجتمعية، وهي بمَعاني البَطالة وقوى العمل حالة تَستقطب قوى عاملة من شرائح عمرية مُختلفة، وهي شكلٌ من أشكال البطالة المُقنعة إذ قد ترى حامل شهادة جامعية يَقف على بسطة؟!.

مُعقدة جداً البسطات، إذا ما نظرنا إليها من هذه الجوانب، ذلك أنها تَعكس حالة اقتصادية ومُجتمعية وثقافية لها مَدلولاتها العميقة إذا أُخضعت للبحث والدراسة وصولاً لاستخلاص نتائج رَقمية، وهي جَديرة بالدراسة المُعمقة!.

قيل لي ذات مرّة – هو كلام عام لا نعتمده، لكن ينبغي ألا نتجاهله – أن معظم أسواق البسطات يُشغلها أشخاصٌ من أصحاب المال، أي أنها تَعود لهم بريعيتها، وأما من يَعمل فيها فَهُم عمالٌ فقط بأجور شهرية يَتقاضونها!.

إذا كان هذا الحديث دَقيقاً، فذلك لا يُلغي وجود استثناءات، بمَعنى أنّ هناك من يَعمل في سوق البسطات ممن لا علاقة لهم بالذين يَمتلكون عدداً من البسطات المَوجودة في هذا السوق أو ذاك.

وأيضاً إذا كان ذلك دقيقاً، فذلك يَعني أنّ تَهرباً ضريبياً مُتعاظماً يَجري، هو غير مَرئي، ويَصعب ضبطه وإحصاؤه بهذه الحالة، لكنّه قد يَعكس تَواطؤاً مُخططاً له بين هؤلاء وبين الجهة البلدية التي تَمنح المُوافقة؟!.

قد يَقول قائل بأنّ المحافظة أو البلدية تتقاضى مُقابل إشغال الرصيف بالبسطات مبالغ مالية شهرية أو سنوية تُعد شكلاً ضريبياً .. وهذا غير مَقبول بالمُطلق ولا يُعترف به، ولا مَكان له بقاموس مَصلحة الضرائب ولا وزارة المالية، ذلك أنّ قرشاً واحداً لن يَدخل الخزينة العامة، وذلك أنه لا يُمكن بناء قاعدة بيانات دقيقة عن عملية الإنتاج والتسويق لأيّ سلعة تُباع على البسطة، وهو ما يُسهم بخلق فوضى إضافية بلغة المال والإنتاج والدورة الاقتصادية التي يُمكن تَوصيفها بغير المُنضبطة بهذه الحالة!.

الأمرُ مُعقد؟ نعم، إنه شديد التعقيد، رغم أننا لم نأت بعد على رصد العديد من الآثار الأخرى للبسطات، الإيجابية منها والسلبية، والسلبية هي أعظم بما لا يُقاس بتلك الإيجابية!.

بالمُناسبة .. في مَنطقة البرامكة بدمشق، أمام مَباني جامعة دمشق وبمُحيطها تَنتشر البسطات، تَأكل الرصيف ولا تترك منه للمُشاة ما يَتسع لحركة 10% ممن عليهم المرور بالمنطقة، فيَضطرون للمشي بالشارع المُزدحم بحركة مرور السيارات، يُعرضون أنفسهم للخطر بالمرور بينها أثناء حركتها لا عند توقفها!.

في شباط الماضي، أُزيلت البسطات من منطقة البرامكة – الجامعة فاتّضح اتساع الرصيف، ارتاحت حركةُ المُشاة، وتَحسنت بما لا يُقاس حركة المرور فَصارت انسيابية لا اختناقات ولا حالة ازدحام .. لكن البَسطات عادت مرة أخرى، وعادت معها كل مَشاهد الفوضى بحركة المُشاة والآليات؟!.

لماذا أُزيلت؟ ولماذا أُعيدت؟ أسئلة تدفع لطرح عشرات الأسئلة الأخرى!.

آخر الأخبار
السفير الضحاك: عجز مجلس الأمن يشجع “إسرائيل” على مواصلة اعتداءاتها الوحشية على دول المنطقة وشعوبها نيبينزيا: إحباط واشنطن وقف الحرب في غزة يجعلها مسؤولة عن مقتل الأبرياء 66 شهيداً وأكثر من مئة مصاب بمجزرة جديدة للاحتلال في جباليا استشهاد شاب برصاص الاحتلال في نابلس معبر جديدة يابوس لا يزال متوقفاً.. و وزارة الاقتصاد تفوض الجمارك بتعديل جمرك التخليص السبت القادم… ورشة عمل حول واقع سوق التمويل للمشروعات متناهية الصغر والصغيرة وآفاق تطويرها مدير "التجارة الداخلية" بالقنيطرة: تعزيز التشاركية مع جميع الفعاليات ٢٧ بحثاً علمياً بانتظار الدعم في صندوق دعم البحث العلمي الجلالي يطلب من وزارة التجارة الداخلية تقديم رؤيتها حول تطوير عمل السورية للتجارة نيكاراغوا تدين العدوان الإسرائيلي على مدينة تدمر السورية جامعة دمشق في النسخة الأولى لتصنيف العلوم المتعدد صباغ يلتقي قاليباف في طهران انخفاض المستوى المعيشي لغالبية الأسر أدى إلى مزيد من الاستقالات التحكيم في فض النزاعات الجمركية وشروط خاصة للنظر في القضايا المعروضة جمعية مكاتب السياحة: القرارات المفاجئة تعوق عمل المؤسسات السياحية الأمم المتحدة تجدد رفضها فرض”إسرائيل” قوانينها وإدارتها على الجولان السوري المحتل انطلقت اليوم في ريف دمشق.. 5 لجان تدرس مراسيم و قوانين التجارة الداخلية وتقدم نتائجها خلال شهر مجلس الشعب يقر ثلاثة مشروعات قوانين تتعلق بالتربية والتعليم والقضاء المقاومة اللبنانية تستهدف تجمعات لقوات العدو في عدة مواقع ومستوطنات “اللغة العربيّة وأثرها في تعزيز الهويّة الوطنيّة الجامعة”.. ندوة في كلية التربية الرابعة بالقنيطرة