لا يزال العم عيسى عمر الرجل السبعيني، يحلم بالعودة إلى بيته في قرية تل عامر المطلة على بحيرة طبريا، ويقول لحفيدته شام، سيكون لك سطح تلعبين عليه، ويسترسل في وصف جودة التربة في القرية وصلاحيتها لجميع المزروعات، فالحمضيات كما يقول نكهتها من أرض تل عامر مختلفة، التي تحتمل أن تكرر فيها المحاصيل الزراعية مواسم ومواسم دون أن يتأثر انتاجها.
تقول ابنته منى، في كل ربيع أول نشاط كنا نقوم به، تنظيم رحلة إلى القنيطرة، يجتمع الأقرباء من مختلف الأعمار ونتجه إلى روحنا، كما يسميها والدي، ما إن نصل حتى تبدأ قريباتنا المسنات بالبكاء، وكنت أرى بعض الرجال يبكون أيضا، أما نحن الصغار فنتساءل لماذا يبكون…؟. إلى أن كبرنا وعرفنا قصة نزوح أهلنا، ورأينا في نشرات الأخبار العدو الصهيوني يقتل الفلسطينيين واللبنانيين في جنوب لبنان، وتابعناإن المقاومين الذين يدافعون لاسترجاع الأرض المغتصبة.
أقول لمنى: الجولان سوري تاريخياً ووفقاً للقانون الدولي، لن يغير قرار ترامب هذه الحقائق، لكنه سيؤثر بالتأكيد على عملية استعادته. تجيبني منى مبتسمة كمن تؤكد أن أرض أبيها في قلبها وذاكرتها: الجولان أرض سورية احتلها الكيان الصهيوني في حرب حزيران 1967. تبلغ مساحة الجولان الإجمالية 1800 كم مربع احتلت منها إسرائيل 1200 كم مربع. كان تعداد سكانه قبل حرب حزيران 150000 نسمة. هرب من أهلنا أثناء الحرب 30000 مواطن، ثم طرد الكيان الصهيوني في نهاية عام 1967 حوالي 90000 مواطن إضافيين من أهلينا. أصدر الكنيست الصهيوني في كانون الأول 1981 قرارا بضم الجولان على الرغم من قرارات الأمم المتحدة التي تؤكد على هويته السورية وتطالب الكيان الصهيوني بالانسحاب منه وأهمها القرار ٢٤٢ الذي صوتت لصالحه الولايات المتحدة.
ربما تطول رحلة أو معركة استرجاع الجولان، لكننا نؤمن أنه لن يضيع حق وراءه مطالب، والمقاومة لم تزل موجودة، والجيش العربي السوري، الذي صمد لثماني سنوات في أقسى حرب وأصعبها، لن يسكت عن الطغاة في أمريكا وإسرائيل.
لم يزل العم عيسى عمر يحلم بعودته إلى تل عامر، ولم نزل نحلم برفع الظلم عن فلسطين، إن تتابع الحروب وتراكم المعاناة لا يمحو الحقيقة، بأن هناك أرضاً مغتصبة وشعباً مظلوم.
التركيبة الديمغرافية للجولان بشهر آب 2014 تبين وجود 22000 سوري و 30000 صهيوني موزعين في 35 مستوطنة. يشتهر الجولان بمياهه المعدنية و تفاحه و عنبه. يؤمن الجولان ثلث انتاج الكيان الصهيوني من النبيذ و 40% من انتاج اللحم كما أنه يؤمن 35% من الاحتياجات المائية للدولة الصهيونية.
لينا ديوب
التاريخ: الأحد 31-3-2019
الرقم: 16944