شكّل السابع عشر من نيسان محطة مضيئة ومنعطفاً حاسماً في تاريخ سورية التي عمّدت استقلالها بدماء أبنائها، فالجلاء هو ثمرة نضال السوريين وتتويج لكفاحهم المرير والطويل في مقارعة الاحتلال الفرنسي والمخططات الاستعمارية والصهيونية الهادفة إلى تقطيع أوصال الوطن العربي واقتطاع أجزاء منه، وتكريس حالة الانقسام والتجزئة التي أفرزتها اتفاقية سايكس – بيكو التي وضعت سورية تحت نفوذ الانتداب الفرنسي، حيث خاض الشعب معاركه المصيرية وقدموا نموذجاً في التضحية والفداء انطلاقاً من مسؤولياتهم الوطنية وإيمانهم بأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، فكان السابع عشر ميلاد فجر جديد تم فيه جلاء آخر جندي فرنسي عن أرض الوطن ليكون اللبنة الأولى لبناء سورية الحديثة والمتجددة والاستمرار في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتأكيد على اللحمة الوطنية وترسيخ الهوية والانتماء وتماسك البنية الداخلية.
لقد استطاع الشعب بإمكاناته المتواضعة وعزيمته التي لا تلين وإرادته القوية كسر هيبة المستعمر الفرنسي وإجباره على الرحيل والانتصار على الطغاة، وها هو اليوم قادر على استعادة ما تبقى من جولاننا المحتل واستعادة الحقوق المغتصبة بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد وبحكمته وبصمود شعبنا وتضحيات جيشنا الباسل، مستلهمين معاني الجلاء وقيمه من أجل طرد الإرهابيين الذين يعيثون فساداً ودماراً وخراباً والعمل على محاربتهم وتطهير البلاد من رجسهم ومن جميع الغزاة الطامعين بأرض الوطن وصولاً نحو تحقيق الجلاء الأكبر.
منذ فجر الجلاء استطاعت سورية أن تكرّس نفسها كلاعب إقليمي وأن تجعل من دورها رقماً صعباً في المنطقة والعالم لا يمكن تجاوزه وأن تكون صمام الأمان للمنطقة واستقرارها والداعم الأول لحركات التحرر والمقاومة فيها، وهو ما جعلها هدفاً للتآمر من قبل القوى الاستعمارية والصهيونية والرجعية في المنطقة، والدليل على ذلك ما نشهده منذ سنوات وحتى اليوم من حرب إرهابية تشنها القوى الظلامية والتكفيرية على الشعب السوري مستخدمة أبشع أساليب القتل والتخريب والدمار بدعم واضح وصريح من الاستعمار القديم الجديد وأدواته في المنطقة من ممالك و مشيخات الخليج والعثمانيين الجدد.
في ذكرى الجلاء يؤكد الشعب السوري إصراره على الوقوف بوجه كل المخططات التآمرية ورفضه الذل والخنوع وتمسكه بخيار الدفاع عن الوطن ودحر مؤامرات الأعداء ومخططاتهم الاستعمارية مهما تبدلت أشكالهم وتغيرت أدواتهم وتلونت شعاراتهم ليتثبت أن طريق الاستقلال والسيادة والخلاص من الاستعمار لا بد أن يُعبّد بدماء الشهداء.
بسام زيود
التاريخ: الأربعاء 17-4-2019
الرقم: 16959