يقف الشباب السوري حائرا رغم طرحه لمواضيع إنسانية ورمزية عفوية تشبه الأيام التي عاشها ويعيشها ضمن عروض الأفلام المشاركة في مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة في روح تنافسية على الذهبية والفضية والبرونزية وأفضل إخراج وسيناريو ولجنة تحكيم إضافة لجائزة الجمهور… غرق الشباب بمحبة في أحداث إنسانية رقيقة عذبة فيها من الحب القاسي والحياة القاسية مايوجع القلب ويأسر العقل في أحداث دامية عن شعب أغلى أمنياته الاحساس بالأمن والأمان…. أصبح للحزن كلمات وإيماءات نقلتها عدسات وصور الشباب في أدائهم وتجاربهم السينمائية، وكأن الفجيعة استحوذت على كل مافيهم من أمل وحياة، تلك الفاجعة التي خيمت على قلوب السوريين لسنوات وجعلت الشباب يعيش على شفا حفرة الموت، لكن صدى وصخب الوجدان يجعل من كل هؤلاء الفتية قدوة في العمل والعطاء والرجولة والصبر والصمود، حتى أنهم نسوا التذمر الذي هو حالة سيكولوجية طبيعية لدى فئة الشباب تركوا التذمر واتكلوا على العقل والمنطق، وتركوا للجلسات العذبة الحميمية تأخذهم إلى حيث يجب أن يكونوا بغض النظر عما يمكن له أن يكون ضمن مجريات الحياة التي يعيشونها…. الأسى والحزن الذي يصدر عن العقل أكثر مما يصدر عن القلب جعل الرجولة أصيلة في شباب وشابات سورية، وماترجمه هؤلاء في أعمال كانت أدواتها بسيطة تدلل على أننا مقبلون على سينما واعدة لا يخشى الشباب فيها أي شيء ولن تثنيهم عما وضعوا بداية خطواتهم عليه من صفاء ونقاء لن تثنيهم عنه أي مغريات في المستقبل… سينما واعدة قوامها شباب واعد، فاجأتهم الحياة لكنهم عاشوها بحلوها ومرها ووثقوها بصدق انفعالاتهم وجسدت أعمالهم رؤى إبداعية بخصوصية فريدة في الموضوعات، وكانت جريئة في بعضها، ناضجة في أخرى، وتمتعت برمزية ورؤى فلسفية في بعض الأحيان، ولم تغب صورة المواجهة بين الواقع والأمل والحلم حيث كشفت بذلك عن فوارق يعيشها المجتمع، إلا أن تلك الفوارق لم تفرقه أو تقسمه كما يحاول الارهاب والحروب أن تفعل فعلها في بنيته وتركيبته المتينة المتماسكة منذ الأزل….
هناء دويري
التاريخ: الجمعة 26-4-2019
الرقم: 16965