السورية للتأمين تسير نحو إعادة الهيكلة.. وتغيير شكلها القانوني…زهراء: لا بد من صندوق يساهم فيه كل من له عمل بالشأن الزراعي.. ليتحول إلى شركة تأمين مستقبلاً
إن كانت مختلف الأطراف المعنيّة بالتأمين الزراعي قد تذوّقت هذه المسألة ومضغتها نقاشاً وحواراً، وبلعتها قناعة ورغبة، فإنّ هضمها ما يزال عسيراً، وكي تنتشر أغذيتها جيداً في الجسد الزراعي كان لابدّ من ضمان هذا الهضم.
واسترسالاً بالمُضيّ في هذا الاتجاه، أكد مدير عام المؤسسة السورية للتأمين المهندس إياد زهراء للثورة، أنّ المؤسسة تعمل اليوم على موضوعٍ طموح يتمثّل بإعادة هيكلتها وتغيير شكلها القانوني بما يمكنها من الانطلاق بموضوع التأمين الزراعي، الذي جرى البدء فيه مع 2019 بدراسته بشكل حقيقي بعد التواصل مع مختلف الأطراف التي يمكن أن تقدم بيانات وإحصائيات حقيقية بمختلف القطاعات الجغرافية السورية، الذي يمكن أن يتحوّل (التأمين الزراعي) إلى رديف للصناديق المحدثة المدعومة من الخزينة العامة، التي تدعم المنتج الزراعي، من خلال إيجاد نقطة شراكة حقيقية مع المصرف الزراعي التعاوني، لضمان تغطيات مقبولة للمحاصيل الاستراتيجية، أو المهمة القابلة للتصدير، ويمكن أن تجلب القطع الأجنبي، والمنتجات التي تدخل في عمليات الصناعات الغذائية.
إعادة هيكلة، وتغيير الشكل القانوني للسورية للتأمين كي تتمكّن من الانطلاق بموضوع التأمين الزراعي، هو الحاضنة الأساسيّة لضمان عملية الهضم، ومن ثم توزيع الغذاء الضامن لغطاء تأميني يشمل بالنهاية الإنتاج الزراعي ككل، أو في البداية – على الأقل – المحاصيل الاستراتيجية القابلة للتصدير.
وقال: نحن على تواصل مع وزارة الزراعة، ولكن هناك تبدّلات في المواقف أو ردود الأفعال، تبعاً لتطورات معينة، ففي الفترة الماضية – مثلاً – كان هناك تركيز على البطاطا الربيعية والبندورة، الآن جاء موسم البطاطا، فاختلف الأمر.
حالياً يقولون : سنزرع كل بقعة جغرافية من سورية، وفي الوقت الحاضر لدينا محدّدات لكل منطقة، ووقتما تتجهز هذه الأمور ستكون الصورة أوضح.
وأضاف نحن الآن نرى أن يكون الأمر في إطار صندوق، والصندوق بعد خمس سنوات من إدارته يتحوّل إلى شركة تأمين حقيقية، لكن حتى الصندوق كي يعمل في إطاره الصحيح، لابد من توفر البيئة الصحيحة، فاليوم الكادر الزراعي وكادر المهندسين الزراعيين سيعملون بهذا الأمر، وسيكونون طرفاً في العملية، حتى كل مركز زراعي أو وحدة إرشادية ستكون معنا فهي طرف، وطرف أمين في تقديم البيانات الصحيحة، فسيكون هناك ارتباط وثيق مع وزارة الزراعة، والمصرف الزراعي التعاوني، الذي يمكن أن يعطينا قاعدة البيانات الأسهل اليوم لكل شخص متعامل مع المصرف الزراعي، وسيكون جزءاً من هذه العملية مستقبلاً.
ولكن ما هذا الصندوق الذي يعنيه زهراء، والذي يمكن أن يتحوّل إلى شركة تأمين مستقبلاً..؟
في الواقع فكرته تقوم على أن يساهم فيه بنسبة معينة كل شخص يعمل بالشأن الزراعي، وكل فعّالية لها علاقة بالزراعة كأسواق الهال، والصيدليات الزراعية، ومراكز الغراس والزهور والنباتات، وما إلى ذلك.. يساهمون بمبالغ مالية شهرية أو سنوية لتغذية هذا الصندوق.
وكان زهراء قد أشار إلينا في وقتٍ سابق إلى أنّ هناك دراسات كاملة كانت قد أعِدّت منذ 2013 و2014 على أساس إقامة صندوق تساهم فيه جميع الأطراف المعنية بالزراعة والإنتاج الزراعي، غير أنّ اتحاد الفلاحين وقتها رفض أن يدفع مساهمته لظروفٍ معينة، فتوقف الأمر عند هذا الحد، أما اليوم فالوضع مختلف، ولا بد من تضافر الجهود من أجل ضمان حق المزارع البسيط، وبالعموم فالقطاع التأميني المالي موجود، ولكن المشكلة هي أنّ أي شركة تأمين لا تستطيع بمفردها أن تغطي الخسائر والأضرار الزراعية التي قد تكون باهظة جداً، فهي بذلك تتعرّض لمخاطر الإفلاس، قد تستطيع هذه الشركة أو تلك أن تلتزم بتغطياتٍ جزئية، ولكن لا نريد تغطيات جزئية، يجب أن تكون شاملة وكلية، وأحد من المزارعين لا يستطيع أصلاً أن يتحمّل القسط التأميني إذا كانت التعويضات جزئية، ولذلك لابد من تكوين محفظة مالية ضخمة تصب فيها مصادر تمويل مختلفة، وتتراكم فيها مؤونة لا تقل عن دورة مناخية كاملة، أي من 7 إلى 10 سنوات، وعلى جميع المستفيدين من الإنتاج والعمل الزراعي ودون استثناء أن يساهموا في ذلك، كالشركات الزراعية، والصيدليات الزراعية وباعة الأسمدة، ومصانع الصناعات الزراعية، ومنتجو رقائق الزراعات المحمية البلاستيكية، والبائعون لها، لاسيما وأن هؤلاء تفيض أرزاقهم كلما أمعنت العواصف بتدمير البيوت البلاستيكية وازدادت خسائر الفلاحين، لذلك الكل سيشارك لنكون جميعاً كدائرة واحدة، نساهم في درء الخطر.
هذا الصندوق هو الذي يقول عنه زهراء اليوم بأنه يمكن أن يتحوّل إلى شركة تأمين في المستقبل، وهذه هي النواة الأصح لإقامة شركة خاصة بالتأمين الزراعي، بل يمكن لهذه الشركة أن تمارس أعمال إعادة التأمين أيضاً، إذ يمكن لها أن تكون على شكل مجمّع لتغطية التأمين الزراعي على حساب قطاع التأمين كله، أي أنها بذلك تتمكّن من تفتيت الخطر الكبير الذي لا تستطيع شركة تأمين أن تتحمّله بمفرها، وشركة إعادة التأمين لا بدّ أن تتصف بمركز مالي ضخم حتى تتمكّن من ممارسة أعمالها بشكل قوي، وتكون مهيّأة لحماية شركات التأمين، التي ستقوم بالتأمين على نفسها في شركة الإعادة من الأخطار الكبيرة، وتعتبر المواسم الزراعية من أكثر الأمور القابلة للتعرّض إلى أفدح المخاطر.
دمشق – علي محمود جديد
التاريخ: الثلاثاء 30-4-2019
رقم العدد : 16967