ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير علي قاسم : يقر الأوروبيون بأن «جهادييهم» جاؤوا إلى سورية فرادى وجماعات.. ويداور الأميركيون حول دورهم في تدريب القتلة والمرتزقة، و تبقى الحصيلة واحدة ما دام الممولون من مشيخات الخليج قد فتحوا صناديقهم بأمر اميركي وشرط أوروبي، منذ زمن ولا يريدون إغلاقها.
جميعهم اعتادوا الكذب، ويمارسونه، في العلن كما هو في السر، حتى وهم يعترفون ويقرون بأنهم كانوا يعرفون، نراهم يكذبون.. في اتفاقهم المعلن او المخفي وفي اختلافهم الظاهر منه والمضمر يدركون أنهم يكذبون، ولا ينكرون .. في وعود والتزامات أدواتهم ومرتزقتهم يكذبون فيها، وكلهم يعرفون كذب الآخر بينهم، والتباين الذي يطفو على السطح لا يظهر إلا ليؤكدوا انهم يكذبون.
فقد بات من المسلم به أن لا أحد في العالم يصدق أن فرنسا لا تعرف أن «مجاهديها» الذين ربّتهم كل هذه السنوات وتعاملت معهم باتوا على الأرض السورية منذ أشهر، وقد سهلت وصولهم بعلمها وبأيدي استخباراتها، ولا أحد يقتنع بأن أميركا لا تعرف بمعسكرات تدريب الإرهابيين والمرتزقة وقد أشرفت عليها وتديرها مخابراتها ودوائر القرار فيها، ناهيك عن بريطانيا السباقة دوماً إلى التمويل والتسليح.
وفي الوقت ذاته لا أحد يمكن له ان يصدق أن مشيخة قطر تعمل من رأسها أو تدير قرارها، أو أنها قادرة على مناكفة أميركا ولو بالإيحاء، أو التجرؤ على الأوروبيين ولو من خلف الستار، إلا بالضوء الأميركي والضمانة الإسرائيلية، وحسب المطلوب منها مرحلياً.
الأخطر أن لا أحد منهم بريء، من يعلم ومن يدعي أنه لا يعلم.. من ساهم بشكل مباشر أو كان خلف الستار، ولا أحد فيهم غير معني، من كان في رأس الحربة أو في ذيلها، ومن كان في قيادتها أو كان وقوداً لها، وارتضى أن يكون أداة فيها، وما يكذبون فيه، ويتكاذبون عليه قد حفظه القاصي والداني، خبرته الدوائر ومراكز البحث والاستقصاء، تداولته وسائل الإعلام وتقصت حوله ما ظهر منه على مدى العامين المنصرمين أو ذاك الذي كان يتم التخطيط له قبل ذلك بكثير.
ما قاله لافروف «اليوم» عن محاولة ممولي الخارج إعاقة الحل السياسي، وما قالته روسيا عموماً في أكثر من مناسبة عن رفض التدخل الخارجي وأن يكون الحل بأيدي السوريين، واضح لا لبس فيه ولا غموض.. فالحل السياسي لا يستوي مع التمويل والتحريض والتسليح، ولا تصلح فيه الوصفات الخارجية ولا القرارات المعلبة، ولا هو لأولئك الذين ارتهنوا للخارج واستقووا به لتحقيق ما عجزوا عنه بالافتراء والتهويل والادعاء.
كما أن من يبحث عن الحل السياسي لا يمكن أن يلتقي مع من يدعم الإرهاب، حيث الاعتدال في التنظيمات الإرهابية كذبة.. والفارق بين المتطرفين والمرتزقة الذين ينطوون تحت راياتها بتدرج أطياف تطرفها، كذبة أيضا، يعرفها محترفوها الأميركيون، ويتقن تفاصيلها الشركاء الأوروبيون، ولا تغيب عن ذهن هواتها من الأدوات والمرتزقة.
وما قالته التطورات والأحداث، وما أفصحت عنه الكواليس والمنابر على حد سواء: إن هذه سورية.. والحقيقة فيها ليست حائرة، ولا هي ملتبسة، بل هناك من يلتبس عليه تاريخه، ويحتار في دوره، وهناك أيضاً من يغرق في أوهامه، ويتوه في حساباته، وقد أدمن الارتزاق، واستسهل المتاجرة بالأوطان على طاولة ليست للبيع ولا هي للشراء!!!.
الطريق إلى الحوار لا يمر من هناك، ولا يريده محترفو الكذب، وقد لا يعرفه هواته ومنتفعوه، ونستطيع أن نجزم أنه لا يعنيهم، ولا يبحثون عنه، لأنه يتعارض مع ما يعملون عليه، ويتناقض مع ما يتاجرون به.
a.ka667@yahoo.com