استهداف الإرهاب للمحاكم اعتداء على حقوق وحريات الأفراد والمجتمع.. المستفيد من تدميرها هو المجرم والسارق…

ثورة أون لاين: ‏لايختلف اثنان على ان العدالة هي العدو الاول للمجرم.. لذلك فإن مرفق القضاء هو حاجة ماسة لكافة المواطنين (باستثناء المجرمين واللصوص) لانه يخدم الكثير من حاجات الناس الضرورية وتسيير امورهم..

فالامور الشرعية والمدنية والزراعية والتجارية والجزائية والادارية بحاجة الى محاكم مختصة، وكذلك تنظيم الوكالات هو من الحاجات الملحة للمواطنين لتثبيت حقوقهم وقضاء حاجاتهم.‏‏

‏‏

‏‏

‏‏

منذ الايام الاولى للهجمة الارهابية الحالية التي تستهدف سورية الوطن والدولة والمجتمع تم حرق القصر العدلي في درعا بتاريخ 20 /3 / 2011 وبقية المحاكم وقصور العدل في المحافظات تباعا.. فهل لنا ان نتساءل ان كان لهذا الاستهداف أي دلالة على عمل مدروس ومبرمج.. اذا قلنا: (نعم له دلالة) فهل من واجبنا أخلاقيا وقانونيا ووطنيا وشرعيا تحديد الموقف ممن ارتكب الجريمة.. واذا قلنا: (ليس له دلالة) فهل نستطيع ان نبين على ماذا بنينا ؟‏‏

دعوة للتفكير‏‏

احد دعاة الحرية المزعومة قال في سياق الاجابة على هذه التساؤلات: «حدث ذلك نتيجة حالة غضب.. وليس للامر أي دلالة اكثر من ذلك «!‏‏

سألته: لنفترض ان رأيك صحيح هل يسمح القانون الوضعي او الشرعي في أي مكان بالعالم للغاضب أن يدمر الممتلكات العامة ويضيع حقوق الناس المادية والمعنوية من خلال حرق ملفات التقاضي ؟!‏‏

أجاب: في حالة الغضب لا يفكر الغاضب بالقوانين.. اضافة الى اجراءات التقاضي‏‏

سألته: هل انت مطلع على محتوى تلك الاضابير والاحكام التي صدرت لتتمكن من اصدار هذا الرأي.. اما بالنسبة للأحكام التي لم تصدر بعد فهل لديك المقدرة على قراءة الغيب حتى تقول انها ستكون غير نزيهة ؟!‏‏

أجاب: لم اطلع على محتواها، ولكن المكتوب مقروء من عنوانه..‏‏

قلت: لنفترض ان رأيك صحيح.. ولكن هل يقبل المتقاضون، خاصة الذين ضاعت حقوقهم لضياع شهادات الشهود مثلا الذين، ربما، مات بعضهم وسافر بعضهم الآخر.. هل يقبل هؤلاء بفعلة من قام بحرق اضابيرهم.. هل قاموا بتوكيله ليفعل ما فعل نيابة عنهم.. الا يحق للمرء ان يتوقع ان هناك مستفيدين من اتلاف هذه الاضابير.. مجرمون مثلا مرفوعة ضدهم دعاوى يريدون طمس الادلة.. ورأوا انها فرصتهم (وفي القانون أول سؤال يطرح هو: من المستفيد من ارتكاب الجريمة..وهو أول شخص يتم البحث عنه).‏‏

قال: ربما يكون في هذا الكلام شيء صحيح، ولكن ليس كله.‏‏

سألته: الم يكن هناك داعمون ومبررون لهذه الافعال والتصرفات من الخارج.. ؟!‏‏

قال هناك متعاطفون.‏‏

قلت له: التعاطف صفة انسانية خيرة يستحقها الخيّرون وليس المخربين الذين يحرقون المحاكم واضابيرها وسجلاتها..‏‏

وسألته ان كنا نستطيع ان نفكر فيمن رسم وخطط والمستفيد قبل ان نفكر بالمنفذ (الغاضب) الذي ربما تم استئجاره او التغرير به..‏‏

ماذا حدث في درعا !‏‏

المحامي العام في درعا تيسير حسن الصمادي اكد ان اول شيء تم استهدافه في درعا مع بداية الاحداث هو القصر العدلي، حيث بدأت الاحداث في المحافظة بتاريخ 18 / 3 / 2011 وتم احراق القصر العدلي بتاريخ 20 / 3 / 2011، وخاصة القسم الجزائي منه الذي يشمل محاكم الجنايات واستئناف الجنح والتحقيق والاحالة وصلح الجزاء والسير، وقد تم احراق محكمة الجنايات بشكل كامل، اضافة الى ديوان المحكمة، الامر الذي ادى الى احتراق جميع الدعاوى القائمة في المحكمة، ويتجاوز عددها (1300) دعوى وقسم كبير منها لموقوفين بجرائم مختلفة، كذلك تم احراق معظم سجلات المحكمة، وهناك صعوبات بالغة في اعادة ترميمها لمعالجة اوضاع الموقوفين وغيرهم.‏‏

ويضيف المحامي العام: تم حرق محكمة استئناف الجنح بدرعا ومعظم الدعاوى المنظورة امامها وذهب الحريق بحوالي مئة الف قرار تعود الى ما يقارب 20 عاما. كما تم احراق المحكمة الشرعية والجمركية ومستودع الامانات، ما ادى الى فقدان الكثير من الامانات والادلة الجمركية، وكل ذلك حدث في توقيت وتاريخ واحد.‏‏

وقامت المجموعات المسلحة بسرقة العديد من المحاكم التي استطاعت الوصول اليها في معظم النواحي والمناطق (عدلية نوى محكمة صلح الحراك محكمة صلح داعل محكمة صلح بصرى الشام المسيفرة..) كما يؤكد السيد الصمادي.‏‏

كيف تعاملت الوزارة ؟‏‏

وزير العدل الدكتور نجم الاحمد.. اكد ان: «جميع قصور العدل والمحاكم ضمن المناطق التي شهدت اعمالا ارهابية خلال الازمة احرقت وخربت» .. و قال: الوزارة لم تقف مكتوفة الايدي ازاء ماحدث لجهة تأمين البديل عن هذه المحاكم والقصور العدلية بشكل مباشر والعمل على ترميم ما خرب منها بالتعاون مع بعض الموظفين والمحامين والقضاة وأهالي تلك المناطق، حيث عمدت الى نقل الاضابير الى اماكن آمنة بما يحفظ حقوق المواطنين.‏‏

واكد ان الاضابير التي تعرض قسم منها للاحتراق مؤرشفة الكترونيا، وقد شكلت الوزارة لجانا ضمت عددا من القضاة بهدف ترميم الدعاوى غير المؤرشفة واعادة الامور الى وضعها الطبيعي، مبينا ان الوزارة تعمل ضمن الوضع الراهن بأسلوبي عمل مختلفين.. الاول يعتمد على التخطيط لنظام قضائي عادل مستقر ومستقل، بحيث يتناول عشرات السنين القادمة، وكأن الازمة غير موجودة، والثاني يرتبط بالاحداث ارتباطا مباشرا ويتعامل معها وفقا للظروف الاستثنائية الحالية من خلال حلول عاجلة بعيدة عن الاجراءات الروتينية والبيروقراطية.‏‏

تأمين بدائل‏‏

المحامي العام في درعا السيد تيسير حسن الصمادي قال: قامت الوزارة بعدد من الاجراءات لمواجهة الكارثة الحاصلة منها استئجار مستودع للعدلية نقلت اليه الدعاوى المتبقية كما استأجرت مقرا جديدا لاستمرار عمل المحاكم وعدم توقفها وتم نقل جميع المحاكم المتضررة اليه وتمت المباشرة بترميم الدعاوى التي تعرضت للحريق من اجل معالجة اوضاع المواطنين، والموقوفين بشكل خاص، لكن المقر الجديد تعرض للحرق والتخريب من جديد بتاريخ 23 / 7 / 2012 ما جعل دوام القضاة والموظفين في هذا البناء صعبا، وتسعى الوزارة لاستئجار بناء بديل.‏‏

كارثة قسم المعلوماتية‏‏

ولفت الصمادي الى الكارثة التي حلت بقسم المعلوماتية واتمتة محاكم درعا الذي تم احراقه بعد ان عملت عليه الوزارة مدة اربع سنوات لربط محاكم (الصنمين نوى ازرع يصرى الشام) عبر دارات نحاسية وتم تجهيز محاكم الصلح المدني والبداية المدنية والاستئناف المدني، وتم العمل بالبرنامج ابتداء من تسجيل الدعاوى وصولا الى القرار النهائي آليا، وهي تجربة فريدة على مستوى القطر اوقفتها يد الارهاب.‏‏

وتحدث عن ان خطورة احراق المحاكم والاضابير والسجلات تكمن في ضياع الوثائق وشهادات الشهود التي قد لا يمكن استعادتها بسبب وفاتهم او سفرهم..الخ مما يؤثر في ضياع حقوق المواطنين.‏‏

ملجأ للمتضررين‏‏

عن محاكم ريف دمشق وما قدمه لها المجرمون الفارون من وجه العدالة والتكفيريون المدعمون من الخارج بالمال والسلاح والاعلام والتغطية السياسية حدثنا المحامي العام بريف دمشق القاضي زياد الحليبي الذي اعتبر ان استهداف المحاكم خلال الازمة هو استهداف لحقوق واموال الناس، لأن المواطن الذي ضاع حقه او سرق ماله او اعتدي عليه فان الملجأ بالنسبة له هو القضاء، لذلك فان استهداف العدالة هو استهداف لحقوق وحريات الافراد، وهو استهداف للقيم والاخلاق وبالتالي لايدمر هذه الحقوق الا الخارجون عن القانون والساعون لضياع حقوق الناس، وهم شركاء بسرقة الحقوق وضياعها.. فما شهدناه خلال السنتين السابقتين من حرق واعتداء على المحاكم هو عدوان واضح وصريح على حقوق المواطنين واموالهم.‏‏

ويرى الحليبي ان القضاء هو الضامن الاكبر لاستقرار البلاد ومحاسبة الفاسدين والمجرمين، وهو الملجأ للمتضررين واصحاب الحقوق، اما المستفيد من تدمير المحاكم فهو المجرم والسارق والسالب لحقوق الناس والدولة واملاكها واموالها.‏‏

جرائم غريبة ودخيلة‏‏

وعن اضرار المحاكم والعدليات و دور الوزارة قال محامي عام ريف دمشق: (لم يتم حصر اضرار المحاكم والعدليات حتى الآن بسبب الوضع الامني غير المستقر في بعض المناطق) وقد تعاملت الوزارة مع الازمة وفق الامكانات بشكل ايجابي لتلافي الاضرار الكبيرة التي لحقت بالمحاكم من خلال ايجاد حلول اسعافية للمحاكم المنكوية للحفاظ على حقوق المواطنين وايجاد البديل.‏‏

وقال ان الازمة ادخلت انماطا وصورا من الجريمة غريبة ودخيلة على مجتمعنا، حيث دخلت الجريمة المنظمة بأبشع صورها، الامر الذي دفع الوزارة للقيام بواجبها وتعديل العديد من النصوص الجزائية لتتصدى لمثل هذه الجرائم ووضع العقوبات الرادعة لها.‏‏

ورأى القاضي الحليبي ان استهداف سورية وخلق الازمات لها هو لاضعاف دورها الرائد واخراجها عن مسارها المجابه لاطماع الغرب.‏‏

إرباك العمل القضائي.. هدف للمجموعات المسلحة‏‏

المحامي العام الاول بدمشق القاضي احمد البكري قال: هناك شيء من الارباك في العمل القضائي حاليا نتيجة الاحداث المؤسفة التي يشهدها بلدنا الحبيب، حيث ان عددا من قصور العدل والمحاكم تم استهدافها مباشرة من المجموعات الارهابية المسلحة بالحرق والنهب، وتجلى ذلك بداية باحراق القصر العدلي بالكامل في محافظة درعا، ثم استهداف القصور العدلية والمحاكم في بعض المحافظات، مثل ريف دمشق وحلب وريفها وادلب ودير الزور، وقد تم اما لغايات شخصية من قبل المسلحين او للاضرار بالممتلكات العامة او لاثارة غضب بعض الناس وتحريضهم، كون الآلاف منهم قد ضاعت حقوقهم مع احتراق هذه القصور، اضافة لتضرر البنى التحتية العامة و الخاصة و تدميرها.‏‏

غرامات مالية كبيرة ضاعت مع وثائقها‏‏

واوضح القاضي البكري ان ذلك الاستهداف ادى الى فقدان عدد لا بأس به من وثائق كتاب العدل والدعاوى الشرعية و المدنية، اضافة لعدد من الدعاوى الجزائية التي يتضمن بعضها غرامات بالملايين تعذر تحصيلها بسبب حرقها او سرقتها، وهذا كله يؤثر في سير العدالة في المجتمع واعاقة العمل في بعض المحاكم، كما حصلت ايضا حالات اعتداء على بعض القضاة والعاملين في القصور العدلية وتم قتل بعضهم وخطف آخرين وتعرضوا للتعذيب والتنكيل، اضافة لتهديد بعضهم وسرقة ممتلكاتهم الشخصية في اطار العنف المنظم الذي استهدف الكوادر القضائية و الادارية، وكل ذلك موثق بشكل دقيق وحسب الاصول.‏‏

وهذا كله اثر في حقوق المواطنين من حيث ضياع بعضها وتأخر البت بحسمها نتيجة عدم تمكن القضاة و المحامين وعدد من المواطنين من الوصول الى قصور العدل والمحاكم والدوائر القضائية التابعة لها.‏‏

وجراء ذلك عمدت الوزارة الى تأمين اماكن بديلة لقضاة هذه المحاكم في اغلب العدليات المتضررة لتسيير امور المواطنين في القضايا المستعجلة ومعالجة قضايا الموقوفين واخلاءات سبيلهم، اضافة الى ضبوط (الاحضار موجودا) والحيلولة دون تعطيل العدالة في المناطق التي تشهد بعض التوترات.‏‏

الجديد المستعجل‏‏

وقال المحامي العام الاول بدمشق ان الوزارة تسعى حاليا وبشكل سريع للآتي:‏‏

ـ أتمتة العمل القضائي وادخال الحاسوب لكافة المحاكم وجميع الوثائق التي تهم المواطنين.‏‏

ـ تكليف عدد من القضاة للبت بقضايا المواقيف المطلوبين لمحافظات يصعب الوصول اليها للبت بوضعهم وطلب اوراقهم بواسطة الفاكس من هذه المحافظات.‏‏

ـ جرى تشكيل لجنة خاصة لمتابعة جميع القضايا والافعال التي اودت بحياة وممتلكات المدنيين من اجل صرف التعويضات للمتضررين.‏‏

ـ اعادة ترميم القصور العدلية بهدف متابعة العمل القضائي والاصلاح وطي صفحة من الحزن في وطننا الحبيب.‏‏

واخيرا اكد البكري ان الجسم القضائي رغم كل ما سبق ذكره قوي ومتماسك، والعمل لم يتوقف لحظة واحدة.‏‏

يذكر ان عدد القضاة الذين استشهدوا خلال الازمة وصل الى خمسة قضاة وثلاثة عاملين في الجسم القضائي.‏‏

المصدر- جريدة الثورة- تحقيق: هلال عون‏

آخر الأخبار
دلالات سياسية بمضامين اقتصادية.. سوريا تعزز تموضعها الدولي من بوابة " صندوق النقد الدولي والبنك الدو... سجال داخلي وضغوط دولية.. سلاح "حزب الله" يضع لبنان على فوهة بركان لجنة لتسليم المطلوبين والموقوفين في مدينة الدريكيش مصادرة حشيش وكبتاغون في صيدا بريف درعا The NewArab: الأمم المتحدة: العقوبات على سوريا تحد يجب مواجهته إخماد حريق حراجي في مصياف بمشاركة 81 متسابقاً.. انطلاق تصفيات الأولمبياد العلمي في اللاذقية "لمسة شفا".. مشروع لدعم الخدمات الصحية في منطقة طفس الصحية وزير المالية: نتطلع لعودة سوريا إلى النظام المالي الدولي وقف استيراد البندورة والخيار رفع أسعارها بأسواق درعا للضعفين 34 مركزاً بحملة تعزيز اللقاح الروتيني بدير الزور البنى التحتية والخدمية متهالكة.. الأولوية في طفس لمياه الشرب والصرف الصحي    تستهدف 8344 طفلاً ٠٠ استعدادات لانطلاق حملة اللقاح الوطنية بالسقيلبية  بعد سنوات من الانقطاع.. مياه الشرب  تعود إلى كفرزيتا  جولة ثانية من المفاوضات الأمريكية- الإيرانية في روما أردوغان: إسرائيل لا تريد السلام والاستقرار في المنطقة جنبلاط: هناك احتضان عربي للقيادة السورية واقع مائي صعب خلال الصيف المقبل.. والتوعية مفتاح الحل برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ...