واقـع التعليـم المهني في درعـا.. محاولات مسـتمرة لجعلـه رديفــاً للأقســام الجامعيــة رغــم ضعف الامكانـــات..بين سعي التربية لإنعاشه.. وهامش اهتمامات الوزارة..؟!
شهد التعليم المهني والتقني تطورا ملحوظا على كافة المستويات و في كافة مراحل التعليم و التدريب و خاصة قبل الاحداث التي شهدتها سورية و لكن بعد الحرب على سورية تعرض كغيره إلى محاولة تدميره و العودة به إلى الوراء ولكن صمود جيشنا و تضحياته حافظت قدر الإمكان على اغلب الممتلكات وبصورة متفاوتة التي طالها التآمر الهمجي, و الذي استهدف كل مقدراتها، و رغم سعي تربية درعا الدائم بتقديم ما في خزائنها من مستلزمات لانجاح التعليم المهني إلا أن الازمة فرضت حصارها على المضي في طريق العمل المثمر الذي عاشه التعليم المهني قبل الحرب والذي تمثل بتأمين كل ما يلزم التربية من مستلزمات المدارس إضافة للمشاريع العملية المنفذة من قبل الطلاب في باقي الاختصاصات أي إن الفترة الذهبية أتت عليها الحرب مما ألحق بهذا القطاع التربوي الضرر الذي تبدى بنقص الكادر المهني من جانب والآلات القديمة والتي ركنت جانبا للصدأ والنسيان, لكن رغم ذلك كان ناتج ما تبقى من مستلزمات للعملية التربوية التعليمية مقبولا تبدى من خلال مشاريع طلابية رائدة تتمثل في معارضهم السنوية على مستوى المحافظة والقطر..
51 مدرسة مهنية و25 نسوية
بلغت عدد المدارس المهنية في تربية درعا 51 مدرسة موزعة على اختصاصات مختلفة منها ثانويات مهنية صناعية مدة الدراسة فيها ثلاث سنوات تشمل تقنيات الحاسوب والتقنيات الإلكترونية والكهرباء وميكانيك وكهرباء المركبات ومهنة اللحام وتشكيل المعادن ومهنة التصنيع الميكانيكي (الخراطة والتسوية) ونجارة الأثاث والزخرفة (التصميم والديكور الداخلي) والآليات والمعدات الزراعية.
أما فيما يخص التعليم المهني النسوي بلغ عددها 25 مدرسة: 19 داخل الخدمة، و6 مدارس خارج الخدمة, مدة الدراسة فيها ثلاث سنوات إلى جانب مهنة وحيدة تعنى بخياطة الملابس.
خمس ثانويات صناعية بدرعا
يوجد في محافظة درعا خمس ثانويات صناعية موزعة.. ثانويتان في مدينة درعا, وثلاث ثانويات موزعة في مناطق ازرع والصنمين وجاسم, تقوم هذه الثانويات باستيعاب جميع الطلاب المتقدمين إليها بعد حصولهم على الشهادة الاعدادية، والذين معظمهم لم يؤهلهم مجموع علاماتهم الالتحاق بالتعليم الثانوي العام، حيث بين المهندس محمد غزاوي مدير الثانوية الصناعية الأولى بدرعا أن الثانوية الصناعية الأولى بدرعا تضم ست مهن وحرفة وهي: تقنيات الحاسوب، تقنيات إلكترونية، ميكانيك المركبات، التصنيع الميكانيكي، اللحام وتشكيل المعادن، ونجارة الأثاث والخشب، ويتم فرز الطلاب على هذه المهن من خلال مفاضلة تجري بداية العام الدراسي للطلاب المتقدمين ليتم فرزهم على هذه المهن حسب رغبات الطلاب في اختيار المهنة التي يرغب بها ومعدل العلامات في الشهادة الاعدادية، مشيرا أن أعداد الطلاب في الثانوية شهد خلال العام الدراسي الحالي ازدياداً ملحوظا لاسيما بعد تحرير كامل محافظة درعا وانفتاح جميع المناطق والقرى وعودة الأمان والاستقرار ليصل عدد الطلاب الحالي أكثر من /500/ طالب، وتقوم مديرية التربية بتأمين كافة مستلزمات العمل من كادر تدريسي نظري وعملي، ويتم عرض منتجات الطلاب من أجهزة إلكترونية ودارات ولوحات كهربائية وموبيليا وغيرها من خلال المشاركة في معارض ضمن المحافظة والمشاركة بمعرض دمشق الدولي في دورته الأخيرة خلال العام الماضي.
وضمن هذا التوجه نفذ طلاب الثانوية الصناعية من خلال ورشها بمساعدة المعلمين وإشراف المعنيين في دائرة التعليم المهني بتربية درعا خطة إنتاج المقاعد المدرسية, بدءاً من بداية العام الماضي 2018 حيث تم انجاز /6250/ مقعداً، كل ذلك يأتي ضمن خطة وزارة التربية في ربط التعليم المهني والتقني بحاجات المجتمع وسوق العمل، وبهدف تزويد المدارس المتضررة بالأثاث المدرسي بعد إعادة تأهيلها.
ضيق ونقص المعدات في قاعات العملي
ولكن من خلال جولة على قاعات التعليم العملي في الثانوية والتي تشترك جميعها بضيق المكان وقدم الآلات والمعدات فيها بالإضافة الحاجة الضرورية لترميم هذه القاعات والتي تعاني من رشوحات مائية سواء في اسقفها وجدرانها، وبالرغم من وجود العديد من آلات الخراطة وعددها ١٨ مخرطة والمقاشط الآلية في قسم التصنيع الميكانيكي وجميعها قديمة وثلاثة منها يتم استخدامها في تعليم الطلاب علما ان القسم بحاجة إلى خمسة آلات خراطة ومنشار آلي على الاقل، بالإضافة إلى نقص شديد بمعلمي الحرف في القسم والمتوفر حاليا ٢, بينما حاجة القسم ١٦ معلما مهنيا لاحتواء القسم على عدة اختصاصات حسب ما ذكر لنا خلدون الحريري معلم حرفة بالقسم, ليتناسب مع عدد الطلاب المتزايد في القسم، وهذا الواقع ينطبق على باقي قاعات العملي حيث أشار أمين المحاميد رئيس قسم الميكانيك إلى ضيق القاعة ونقص معلمي الحرف وعدم تناسب أعدادهم مع اعداد الطلاب البالغ ٨٠ طالبا, وعدم وجود حفرة نظامية لتعليم الطلاب الجانب العملي في فحص الآليات بالرغم من توفر المكان المناسب لهذه الحفرة بجانب القاعة، وهذا ينطبق على قسم نجارة الأثاث حيث ذكر عز الدين ابازيد إلى وجود منجرة كاملة من عام ٢٠١١ داخل القسم ولكن لم يتم وضعها بالخدمة حتى تاريخه لضيق القاعة؟! إضافة إلى عدم توفر المواد الأولية وخاصة الخشب وآلة حفر على الخشب بالرغم من حاجة القسم لها،وكذلك قسم لحام وتشكيل معادن.
واشار بدر الدين ابوحلاوة رئيس القسم إلى إحداث مادة منجور الألمنيوم منذ ثلاث سنوات والتي يتم تدريسها نظريا ولكن لم تطبق عمليا لعدم تأمين مستلزماتهم؟ وكذلك ضيق المكان وعدم توفر مساحة امان للطلاب بالرغم من وجود المكان المناسب لمشغل الإنتاج المعدني ولكنه بحاجة لمن يقوم بتنفيذه، ويتم تأمين حاجة جميع المدارس بالمحافظة من الخزانات والبواري والأثاث المكتبي من إنتاج الطلاب في الثانوية.
فيما تطرق رزق سويدان مدير الثانوية الصناعية الثانية اختصاص كهرباء إلى ضيق المكان واقتصاره على قاعتين صفية للجانب النظري وواحدة للعمل تستوعب ١٢٠ طالبا يتم التناوب فيما بينهم في القاعات.
3 معاهد تقنية ومطالب محقة..
المعهد التقاني الصناعي مدة الدراسة فيه سنتان ويحوي على اختصاصات هندسة البرمجيات وهندسة الحواسيب والشبكات الحاسوبية والتقنيات الإلكترونية والتقنيات الكهربائية وميكانيك المركبات والانشاءات المعدنية, والمعهد التقاني التجاري المصرفي ومدة الدراسة فيه سنتان ويحوي اختصاصين: المحاسبة والمصارف والتأمين.
يوجد في المعهد التقاني الصناعي في تربية درعا على/ 8/ اختصاصات تشتمل على تقنيات كهربائية والكترونية وميكانيك مركبات وانشاءات معدنية وشبكات حاسوبية وهندسة برمجيات وهندسة وتقنيات حواسيب, يبلغ عدد طلابه 1172طالبا وطالبة يتوزعون على السنتين الأولى والثانية.
معظم أقسام المعهد التقاني الصناعي في درعا يناشدون وزارة التربية من تأمين النقص الحاصل في الكادر التدريسي وتأمين دورات تدريبية على المخابر الحديثة التي وضعت حديثا 2017, علما أنه احيانا يتم تزويد المعهد بكادر لا يمتلك اي خبرات عملية اي زيادة عدد هذا النقص كان وليدة الحرب التي من خلالها انتقل بعضهم, وآخر من هاجر، وقسم تقاعد, هذا الى جانب المشكلة التي تشكل عقبة حقيقية وخاصة لدى من يختص في علوم الحاسوب والتي تتبدى من خلال عدم وجود الكادر من ذوي الخبرة التراكمية كون من يشرفون على العملية التعليمية هم من الخريجين الحديثين في المعهد ذاته.
الثانوية المهنية للبنات.. هموم ومطالب
فدوى السلامة مديرة الثانوية التجارية للبنات تحدثت عن هموم وواقع التعليم في الثانوية التجارية للبنات والذي يجب أن ينال الاهتمام الأكثر من قبل الدولة ليصبح ذا إقبال من قبل شريحة الطلاب والأهالي وذلك من خلال رفع نسبة القبول الجامعي والراتب المهني للطلاب إلى 5000 ليرة إضافة إلى اعتماد علامة الرياضيات كمقياس للدخول في التعليم التجاري كون النسبة الأعظم مستواها ضعيف بهذه المادة موازاة بتحديد طبيعة عمل جيدة لان هذا التعليم يحوي أعمالاً تحتاج إلى مجهود مضاعف ولا ننسى تأمين ما تحتاجه الثانوية من مستلزمات وقرطاسية..
ضيق المكان هاجس لدى القائمين على الثانوية من كادر تدريسي وإدارة حيث يتواجد /200/ طالبة في الثانوية التي تم الانتقال إليها مع بدايات الأزمة و16 مدرسا و9 إداريين ومستخدم واحد.. المطلب الوحيد لكادر ثانوية البنات التجارية الإسراع في تأهيل البناء الاساسي للثانوية في حي الصحاري مقابل دار الثقافة والتي تعد من المدارس التجارية النموذجية لما تتمتع به من سعة في المكان وقاعات صفية تصل إلى 15 قاعة خصص فيها مخبر للحاسوب ومكتبة وأمانة سر وغرفة ارشاد للبنات بينما المكان الحالي الذي يتواجد في حي السبيل يتكون من 6 شعب صفية خصص منها غرفة مشتركة للكادر التدريسي والاداري.
معهد الفنون النسوية بدرعا..
صديقة العيد أمين السر في معهد الفنون النسوية والتي تتقاسم المكان نتيجة الحرب على سورية مع بداية 2011 مع الثانوية التجارية للبنات واعداد المدرسين والثانوية النسوية الاول بدرعا ومعهد الباسل, هذه التشاركية في المكان ترتب عليها الكثير من العقبات والمصاعب والتي تشترك هي والثانوية التجارية للبنات بها من ضيق في المكان وعدم توفر قاعة حاسوب الى جانب عدم وجود قاعات صفية للنظري مع ضيق قاعات العملي حيث لا يتجاوز عدد طلاب المعهد 100 طالبة يتوزعن على 5 قاعات يتم تقسيم الطلاب على مجموعات, هذا الى جانب أن الكهرباء في معظم قاعاتها تحتاج إلى صيانة عاجلة.
هذا كله إلى جانب المعاناة الحقيقية التي يعاني منها طلاب الريف في انطلاق وسائط النقل إلى ريفي درعا الشرقي والغربي قبل الانصراف من مدارسهم راجين التنسيق من قبل الجهات المعنية من أجل الزامهم بالانطلاق مع انتهاء أوقات دوامهم والاخص أيام الامتحانات.
في الختام
واقع التعليم المهني في محافظة درعا قبل عام 2011, شكل رديفا حقيقيا للأقسام الجامعية التي يتواجد بينهم قاسم مشترك من حيث نفس الاهتمام والنهج, كون مثل هذه العلوم تنهض بالواقع الصناعي للمجتمع وتغني مؤسساته الصناعية والحرفية والتقانية التي من خلالها يطور الفرد مقدراته في شتى مختلف العلوم المهنية ؛ ما يشكل في نهاية تحصيله العلمي لبنة أساسية في صرح الدولة وتطورها.
بينما اليوم وبعد أن أتت الحرب على الكثير من مدارسنا ومعاهدنا وخاصة التي تعني بالعلوم المهنية تراجع واقع هذا التعليم نتيجة الأضرار التي لحقت بأبنيته حيث خرج بعض منها عن الخدمة نهائيا هذا الى جانب «غياب» قسم كبير من الكادر التدريسي نتيجة الحرب التي ألمت بالوطن اوالتقاعد المبكر اوالوفاة دون ترميم النقص الحاصل وخاصة في المعهد التقاني الصناعي بدرعا وان تواجد الكادر في بعض أقسامه إما من خارج الملاك اولا يمتلكون الخبرات المؤهلة لإعداد جيل قادر على التحصيل العلمي الأعلى وعلى الإبداع وخاصة في مجال علوم الحاسوب وتقنياته.
عبدالله صبح – سمير المصري
التاريخ: الاثنين 1-7-2019
الرقم: 17013