تترنح على أصابع ترامب في الخليج.. بريطانيا في خدمة الحروب الأميركية!!

 

 

ما هي الأسباب والدوافع التي حدت بالسياسيين والمسؤولين البريطانيين لتوجيه الأوامر باحتجاز ناقلة النفط الإيرانية غريس 1 قبالة مضيق جبل طارق يوم 4 تموز؟ فهل دار في خلدهم حقاً بأن الإيرانيين لن يعمدوا البتة إلى الرد بالمثل على ما يرون به تصعيداً خطيراً في الحرب الاقتصادية التي فرضتها أميركا ضدهم؟
من السذاجة المطلقة تصديق الرواية البريطانية التي تقول بأن الدافع لإرسال 30 عسكرياً من القوات البحرية الملكية في هوليكبتر للاستيلاء على الناقلة كان بهدف تطبيق العقوبات الأوروبية على سورية، وأن لا علاقة له بالعقوبات المفروضة من الولايات المتحدة على إيران.
وفي هذا السياق، قال وزير الخارجية الإسباني جوسيب بوريل مؤكداً أن بريطانيا عمدت إلى احتجاز الناقلة (تنفيذاً لأوامر الولايات المتحدة).
ثمة حقيقة واحدة حول السياسة الخارجية الإيرانية التي ينبغي أن تغور في عمق تفكير كل سياسي ودبلوماسي بريطاني، كما يتعين على جميع من في الشرق الأوسط الثقة بها، ألا وهي أن ما تفعلونه حيال الإيرانيين سيتم الرد عليه بالمثل في الوقت والمكان الذي يختارونه.
ويعتقد العديد من المحللين السياسيين بأن التفسير لاحتجاز بريطانيا ناقلة غريس 1 كان نتيجة خدعة حاكها أعتى صقور الإدارة الأميركية مستشار الأمن القومي جون بولتون.
ولكن تبدو الخطوة البريطانية أشبه بخيار استراتيجي يمليه الافتقار إلى خيارات أخرى، ذلك لأن المواجهة مع الاتحاد الأوروبي بشأن بريكست جعل بريطانيا دون خيارات سوى الاصطفاف بدرجة أكبر مع الولايات المتحدة الأميركية، ولا سيما أن لندن قد التزمت مع واشنطن في جميع الظروف التي حدثت منذ أزمة السويس عام 1965.
وإثر ما واجهته بريطانيا من معضلات استخلصت أنها بحاجة للتقرب والاصطفاف إلى جانب الولايات المتحدة، بينما توصل الفرنسيون إلى نتيجة معاكسة تتمثل بضرورة الارتباط بشكل وثيق مع دول القارة الأوروبية لتشكيل المجتمع الاقتصادي الأوروبي.
وتتمثل العلاقة الأحادية الجانب بين الولايات المتحدة وبريطانيا في عملية التدخلات العسكرية في العراق وأفغانستان، إذ يبدو أن مشاركة بريطانيا في الحربين قد جاء للتعبير عن موقفها من حيث كونها أكثر حليف موال لأميركا في الحين الذي يؤكد به الواقع افتقارها إلى سياسة محكمة وقوات كافية لخوض تلك الحروب.
أحد الأفكار التي ذكرها تقرير تشيلكوت حول دور السياسة البريطانية في الحرب على العراق بين عام 2003 و2009 كانت كيفية خروج القوات من هذا البلد، إذ خشية إثارة غضب الأميركيين، عمد البريطانيون (نتيجة سوء الحسابات) إلى اتخاذ قرار بإعادة تموضع قواتهم في افغانستان، حيث قتل أكثر من 400 منهم في هذه الحرب.
وفي مواجهتها مع إيران، أوقعت بريطانيا نفسها في ورطة نتيجة رغبتها امتطاء عدة أحصنة في آن واحد، إذ من المفترض أن يشكل تمسكها بالاتفاق النووي الإيراني دافعاً لمعارضة العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، لكنها عملياً لم تتخذ هذا الموقف، بل نجدها قد عمدت إلى احتجاز ناقلة غريس 1 الأمر الذي يؤكد اصطفافها مع واشنطن.
أحد ملامح الأزمة الحالية أنها ولدت احتجاز ستينا امبيرو الذي جاء رداً بالمثل اتخذته إيران، ويبدو أنها على يقين بأن بريطانيا لن تتمكن من اتخاذ أي إجراء حيال تصرفها، ونرى بأنه حان الوقت كي تبرهن إيران قوتها وتثبت الضعف البريطاني.
دون أدنى شك فإن طهران على ثقة تامة بأن لندن تتصرف كوكيلة لواشنطن، الأمر الذي ثبت بالدليل القاطع على مدى فترة طويلة من الزمن، لكن قيامها بدور العميل ربما يعد أمراً محفوفاً بالمخاطر في منطقة الخليج نظراً لطبيعة المواجهة المختلفة بين الولايات المتحدة وإيران التي يعلن كلا الطرفين عدم رغبته بالخوض في شن حرب شاملة.
ذلك الواقع دعا الولايات المتحدة للجوء إلى وكلاء مثل المملكة المتحدة، الأمر الذي يقلل من فرص تعرض الأميركيين للقتل، ولا سيما أنه ليس لدى ترامب من أسلوب سوى الانتقام بهذا الشكل، ولا ريب بأن إيران قد تضررت على نحو ملحوظ جراء العقوبات المفروضة عليها، لكن الشعب الإيراني ألقى باللائمة على الولايات المتحدة إزاء ما ألم به، كما وأننا لا نعتقد بأن الولايات المتحدة ستعمد إلى شن غزو بري، على غرار ما فعلته في العراق عام 2003، وأنها أيضاً في الوقت الراهن بعيدة عن إجراء محادثات، وفي الواقع فإن الأزمة التي تحيق بمنطقة الخليج تعد أدنى من أن تفضي إلى نزاع عسكري واسع النطاق ونرى أنها ستصب في نهاية المطاف لصالح إيران.
The Independent
ترجمة: ليندا سكوتي
التاريخ: الخميس 25-7-2019
رقم العدد : 17033

آخر الأخبار
المستقبل يصنعه من يجرؤ على التغيير .. هل تقدر الحكومة على تلبية تطلعات المواطن؟ الخارجية تُشيد بقرار إعادة عضوية سوريا لـ "الاتحاد من أجل المتوسط" فرق تطوعية ومبادرات فردية وحملة "نساء لأجل الأرض" إلى جانب رجال الدفاع المدني 1750 طناً كمية القمح المورد لفرع إكثارالبذار في دير الزور.. العملية مستمرة الأدوية المهربة تنافس الوطنية بطرطوس ومعظمها مجهولة المصدر!.  السيطرة الكاملة على حريق "شير صحاب" رغم الألغام ومخلفات الحرب    بين النار والتضاريس... رجال الدفاع المدني يخوضون معركتهم بصمت وقلوبهم على الغابة    تيزيني: غرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة كانت تعمل كصناديق بريد      تعزيز التعاون في تأهيل السائقين مع الإمارات بورشة عمل افتراضية     الإبداع السوري .. في"فعالية أمل" ريف اللاذقية الشمالي يشتعل مجدداً وسط صعوبات متزايدة وزير الطاقة: معرض سوريا الدولي للبترول منصة لتعزيز التعاون وتبادل الرؤى بطولات الدفاع المدني .. نضال لا يعرف التراجع في وجه الكوارث والنيران  وزير الطاقة يفتتح "سيربترو 2025"  وزير الطوارئ يتفقد مواقع الحرائق ويشيد بجهود الفرق الميدانية   500 سلة إغاثية لمتضرري الحرائق باللاذقية  السويداء على فوهة البندقية.. سلاح بلا رقيب ومجتمع في خطر  دمشق وأبو ظبي  .. مسار ناضج من التعاون الثنائي الحرائق تتمدد نحو محمية غابات الفرنلق.. وفرق الإطفاء تبذل جهوداً جبارة لإخمادها امتحانات البكالوريا بين فخ التوقعات والاجتهاد الحقيقي