«الأطفال أمل الأمة.. ومستقبلها المشرق الباسم الواعد..زوارق الرجاء في حياتنا وبذور آمالنا.. فلذات أكبادنا وسنابل القمح الشامخة..الطفولة عالم ساحرٌ بريءٌ لم يدخله كذبٌ ونفاقٌ ومشاعره الغضة مازالت تتميز بالرقي…» بهذه الكلمات بدأ محاضرته الشيقة شاعر الطفولة برهان شليل في حديقة رابطة الخريجين الجامعيين بعنوان «أدب الأطفال في سورية» وسنقتطع منها أجزاء صغيرة:
بدأ المحاضرة بأبيات للشاعر حطان بن المعلى عندما عبر عن الأطفال قائلاً:
وإنما أولادنا أكبادنا.. تمشي على الأرض
لو هبّت الريح على بعضهم.. لامتنعت عيني عن الغمض
أما الشاعر بدوي الجبل فكان يدعو الله من أجل أن يعم السلام جميع الأرض فيقول:
يا رب من أجل الطفولة وحدها
أفض بركات السلم شرقاً وغرباً
ولتطوير مكامن الطفل نحو الأفضل ومن أجلهم, ولتنشئتهم الجيدة يجب أن نهتم بالمعارض لكتّاب الطفل الذي تشارك فيه دور النشر متخصصة بأدب الأطفال وعرض الكتب الثقافية والعلمية المؤلفة بطريقة سهلة للأطفال والتي تناسب أعمارهم,وتعريف أطفالنا بتراث الأجداد العلمي والسير الذاتية للأبطال، وتعريفهم بآثار الجدود وحضاراتهم, وإقامة عروض سينمائية مناسبة لأعمارهم، ومسرحيات هادفة تزرع فيهم الوعي ذات مضامين مختلفة، وقصص وقصائد شعرية هادفة، وتنمية الحس الجمالي والتذوق لديهم عن طريق تنمية فن الرسم وصقل المواهب…
تعتبر الكتابة للأطفال من أصعب الأجناس الأدبية، لأن اختراق عالم الطفل ليس بالأمر السهل وهو مرحلة متقدمة في حياة الكاتب تأتي بعد غنى بالتجربة وتتطلب الكثير من المعرفة والثقافة والدراية النفسية، والكتابة للطفل اذا لم تكن نابعة عن عقليته ورؤيته للعالم فإنها لن تصل إليه.
لا يستطيع الكاتب أن يخاطب الطفل بلغة غير لغته أو مفردات ليست من قاموسه اللغوي, كما تقع على الكاتب أكثر من مهمة ضمن النص من حيث إطلاق الخيال وتشويق الطفل حتى يستمتع بما يقرأه, فالقصيدة بوزنها وموسيقاها تشد الطفل وتجعله يتفاعل معها.
ولكن الحديث عن أدب الأطفال في سورية ذو شجون، لأن لو جزأنا مشكلاته لوجدناها كثيرة وتحتاج إلى إعمال العقل وتسخير الجهد وبذل المال والوقت لتلافي النقص الذي نعانيه ومن أبرز المشكلات الخلط بين أدب يتوجه للطفل وأدب يدور حول الطفل وثقافته، والشعر الذي ينشر للطفل شعر على غالبيته منظوم سطحي ساذج فيه رخاوة لأسباب عديدة إما مادية أو الحصول على جائزة.
والقصة ليست بأحسن حال من الشعر، حيث بقيت في أجواء أرنوب وثعلوب, وقد حاول كتابها أن يوصلوا هذه الشخصيات المكررة إلى الطفل عبر حوار ساذج, وهكذا ظلت قصة الطفل بعيدة عن الخيال العلمي والتعلق بمعطيات الحضارة وثقافتها التي تعني للعقل رياضة وللمستقبل أفقاً مفتوحاً.
أما المسرحية الطفلية فهي مجرد تهريج لإضحاك الطفل وتسليته, حيث يجب أن تكون هادفة تزرع وعياً بيئياً في نفوس التلاميذ.
وتناول في نهاية المحاضرة تجربة كل من الشاعر سليمان العيسى وزكريا تامر.
وختم محاضرته قائلاً: «إن أدب الأطفال في سورية مازال طفلاً يحبو، وأملنا كبير في أن تمتد أقلام الأدباء المهتمة بالطفولة لتصوغ أجمل القصائد المملوءة بالحب..»
سلوى الديب
التاريخ: الأربعاء 31-7-2019
رقم العدد : 17038