بلا مقدمات نسأل : هل آن الأوان أن نتجاوز إشكالية أساسية مزمنة وهي الأولويات والشعارات والأهداف والتوصيات المتراكمة دفعة واحدة وهي نقطة ضعف كبيرة تعاني منها مؤسساتنا واجتماعاتنا ومؤتمراتنا عندما يتم طرح القضايا والمتطلبات بطريقة ( الدوكمة ) وبالتالي يصعب تنفيذها كلها دفعة واحدة في حين يجب أن تكون الأولويات محددة وفقاً لزمن تنفيذها وأيضاً بما يتناسب مع الإمكانيات المتوفرة إضافة إلى أنه عندما تكون بنداً واحداً يكون قابلاً للتنفيذ ويحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع ثم الانتقال إلى غيره أفضل بكثير من الأهداف والأولويات التي تطرح بالجملة وتختلط القضايا مع بعضها وتظل حبراً على ورق . هذه الإشكالية المزمنة تبدو عصية على أي حل وهي أن موضوع التطوير الإداري يكاد يدخل ضمن دائرة المهام المستحيلة أو أنه لم يخرج من دائرة التنظير ولذلك يبدو السؤال مشروعاً : أين تكمن المشكلة .؟
نأخذ مثالاً واحداً من الأمثلة الكثيرة عن أولويات الحكومات المتعاقبة التي كانت تضع مكافحة الفساد في صدارة اهتمامها نظرياً لكن السؤال هنا : ماذا فعلت وإلى أين وصلت في تطوير آلية الرقابة والحد من انتشار الفساد في مفاصل العمل الحكومي .؟ وهل أنتجت آليات مناسبة ومؤثرة لمكافحة الفساد وهل استطاعت أن تنجز شيئاً في موضوع الكسب غير المشروع ولا سيما من قبل ذوي المناصب والمسؤوليات وهل قدمت لنا نتائج ومؤشرات واضحة تدلل على انجاز خطوات حكومية واضحة .؟ ثم لماذا يبقى كل ما يعلن عنه من أهداف وشعارات وأولويات ضمن دائرة التنظير ولا يظهر منها إلى النور أي شيء .
السؤال الذي يبدو مشروعاً اليوم أيضاً : إلى أين وصلنا في انجاز المنهجية الواحدة المتجانسة لكل الوزارات ومشروع القياس والدعم الإداري الذي يقوم بوضع الهيكليات والتوصيف الوظيفي والآليات اللازمة لقياس الأداء والأنظمة الداخلية للمؤسسات وقياس الإجراءات بين المواطن والمؤسسات أو داخل المؤسسات أو فيما بينها وقياس رضا المواطن والموظف ومكافحة الفساد ووضع خارطة للموارد البشرية الموجودة بشكل تفصيلي ودقيق وخارطة للشواغر وربط الخارطتين مع بعضهما البعض من خلال التوصيف الوظيفي ؟!
أين هي هذه المنهجية وأين قياس الأداء ومتى يتم الفرز بين من يعمل ومن لا يعمل بين من يكون داعماً للمؤسسة ومن يكون عبئاً عليها ..؟ وماذا فعلت الوزارات المعنية لقياس الأداء وكيف تقوم بقياس رضا المواطن والموظف؟ إنها أسئلة مشروعة تحتاج إلى متابعة جدية قادرة على ترحيلها من دائرة التنظير إلى دائرة الفعل والعمل الحقيقي وإلا فإن الأولويات التي يتم تكرارها تظل منسية وضمن دائرة التنظير فقط .
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 13-8-2019
رقم العدد : 17049