الملحق الثقافي: عقبة زيدان:
يعتمد الإدراك الفني إلى حد كبير، على ما يسمى «القوى النفسية». هذه القوى تنشأ من الخصائص الفاعلة لعناصر الجسد الفني أياً كان. إن تموضع العناصر وحجمها وعلاقاتها مع بعضها تؤثر بشكل مباشر على العملية الإدراكية.
وبالتالي، فإن رد فعل الإنسان يكون نتيجة طبيعية لتلقيه العمل الفني، ومنه ينطلق إلى تقييم ما شاهده أو قرأه، أو سمعه. ومن ثم يقوم المتلقي بخلق تصورات خاصة به، تنم عن قدرته على التخيل والتحليل وحتى التأمل بما يمكن أن يفضي إلى عالم أفضل.
عندما يصادف الإنسان أشياء غامضة أو معقدة، فإنه يحاول تفسيرها وإدراكها، بداية بأبسط الطرق، ثم يعمل تفكيره العالي، ويربط الأشياء بطريقة خاصة جداً، تتدخل فيها القوى العقلية والنفسية أيضاً، لتخلق في النهاية صورة تخص الإنسان الذي يتلقى العمل، وليس سواه.
تحفز القوى النفسية الإنسان، تخلق لديه تصوراً جديداً للعمل الفني الذي يتلقاه، وربما يكون هذا التصور جديداً غير موجود أصلاً في العالم الواقعي. ومن هنا يبدأ الفن بتحفيز الإنسان ودفعه إلى داخل العملية الإبداعية.
ليس كل الفن، هو فن يؤثر في المتلقي بشكل عال، فهناك كمّ هائل مما ينتج في العالم ولا يجد سوى عدد قليل من المؤيدين والمتأثرين. الفن الراقي هو الذي صمد عبر العصور، وكان أنموذجاً يحتذى، وفتح آفاقاً جديدة أمام المغرمين بالتجديد والتحديث.
يقول نيوتن «الخطأ ليس في الفن، بل في صانعيه». والفن الجيد هو الذي ينقذنا من الواقع، أو كما يقول نيتشه «لقد اخترعنا الفن، كي لا نموت من الحقيقة».
التاريخ: الثلاثاء17-9-2019
رقم العدد : 965