الجرائم الاقتصادية في سوريا.. تخطيط مسبق ومشهد قاتم للاقتصاد السوري
“الجرائم الاقتصادية في سوريا” عنوان محاضرة الصناعي عصام تيزيني التي ألقاها في ندوة الثلاثاء الاقتصادي بالمركز الثقافي “أبو رمانة”، وبدأها بتوصيف لمشهد اقتصادي قاتم عاشته سوريا عن قصد، وتخطيط ونهج محكم بدأته مجموعة من الانقلابيين المتعطشين للسلطة عام 1963 كان أبرزهم حافظ الأسد الذي استطاع بمكره أن ينقضّ على السلطة وقاد اقتصاد سوريا إلى الظلمات منذ ذلك التاريخ.
ارتكبت باسم القانون
وأضاف الصناعي تيزيني: إن حاجة البلاد من السكر يتم استيرادها كلياً، إما بشكل خام لمصافي التكرير أو جاهز للبيع، وفي كلا الحالتين كان المستوردون يتمولون ثمنه دولاراً من الخزينة بسعر رخيص ويبيعون المادة بسعر الدولار الأسود، ولكم أن تستنتجوا حجم الدولارات التي صرفت وهدرت وصارت في جيوب الحيتان نتيجة هذه السياسة الخبيثة المقصودة المتدرجة التي امتدت قرابة خمسة وعشرين عاماً، كان يتبناها ويقوم على رسمها أزلام النظام المخلوع وأعوانه، ضاربين بعرض الحائط سبل التطور الصناعي والزراعي الذي كان يمكن لو تبناه المخططون لحصلنا على نتائج مغايرة كلياً.
ويسأل تيزيني لماذا نعتبر هذا الأمر جريمة اقتصادية؟. وهنا يفترض أن المخططين قاموا بأمرين فقط:
وثانياً: إذا قام المخططون بتوجيه المعنيين بتطوير خطوط الإنتاج في الشركة، بحيث تصبح طاقتها الإنتاجية متصاعدة، وآلاتها محدثة بشكل مستمر (كما يفعل القطاع الخاص عموماً)، لا مهترئة كما هو حالها اليوم، ولو قاموا بتدريب العمال بشكل مستمر ومواكبة كل جديد في عالم هذه الصناعة.

بناء يعتمد على الهدم
أين تكمن الجريمة هنا؟.. يقول تيزيني: إن الحاكم المستبد حينذاك لم يكن ليعمل على توطين أهل الأرياف في قراهم وبلداتهم، بأن يسمح بإنشاء مشاريع إنتاجية مثمرة تشغل أهل هذه البلدات، ولم يكن ليسمح بإقامة مصانع ضخمة استراتيجية حول هذه القرى أو محيطها بحجة أنها أراض زراعية لا يجوز تلويثها أو استنزاف بيئتها.
والملفت بالأمر- بحسب تيزيني، أن هذا كله تمّ بشكل مشرعن عبر إصدار قوانين ومراسيم ظاهرها تنظيمي جميل وباطنها تهجيري قبيح، -فعلى سبيل المثال- يمنع على كلّ من يرغب أن يقيم مصنع أجبان وألبان مثلاً في قريته أو محيطها، بل عليه أن يذهب إلى المدينة الصناعية في محافظته، فلنتخيل مثلاً هناك من يسكن في قرية شمال حمص ويريد إقامة منشأة صناعية متوسطة مثل هذه، وهي تحتاج مواد أولية كالحليب الذي تكون مصادره مزارع الأبقار،عليه أن يذهب إلى حسياء، حيث المدينة الصناعية جنوب حمص، ولا يسمح له أن يقيم هذا المصنع في قريته أو على أطرافها والحجة دوماً هي التنظيم.
من هنا يصف هذا الأمر أنه جريمة منظمة مخطط لها ومدبر، إذ لا يمكن لعاقل أن يقبل هذا المنطق بأي شكل من الأشكال، ولكن الحجة جاهزة عند صاحب القرار وهي أن المدينة الصناعية فيها ماء وكهرباء وخدمات ونافذة واحدة لاستخراج التراخيص أقامتها الدولة لخدمة من يرغب بالصناعة، فلا يعقل أن نتركها ونقيم مصانع في مناطق غيرها فهذا حرام وممنوع ودونه الهدم والإغلاق والمخالفة الجسيمة، علماً أن المدينة الصناعية في حسياء (كما مثيلاتها في حلب الشيخ نجار وفي دمشق عدرا الصناعية) بعيدة عن المدينة، فما بالكم عن أريافها.
القضاء على “الوسطى”
