الثورة – بسام مهدي:
في خطوة علمية بارزة ترسّخ موقع سوريا على خارطة التحول الرقمي العالمي، نظّمت الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية، الحفل الختامي للمسابقة الوطنية الأولى لأولمبياد الذكاء الاصطناعي IOAI، وذلك في المكتبة الوطنية بدمشق، وتم الإعلان رسمياً عن أسماء الفريق الوطني السوري الذي سيمثل البلاد في الأولمبياد العالمي للذكاء الاصطناعي المقرر إقامته في مدينة بكين عاصمة الصين، خلال الفترة من 2 إلى 9 آب 2025، بمشاركة أكثر من 60 دولة حول العالم، وضم الفريق والذي عدده خمسة من طلاب المرحلة الثانوية وهم: جورج يازجي، بشارة عبد الله ناشد، محمد ورد، جوليان وسوف، جوليا الإيتوني.
إعادة تموضع سوريا
ويأتي هذا الحدث الوطني المهم تتويجاً لسلسلة من الأنشطة والجهود العلمية التي بذلتها الجمعية خلال شهر حزيران الماضي، عقب حصولها على الاعتمادية الرسمية كشريك وطني للأولمبياد الدولي للذكاء الاصطناعي IOAI، بالتنسيق مع اللجنة الدولية المنظمة، في إنجاز يندرج ضمن استراتيجية إعادة تموضع سوريا في مصاف الدول المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي والمعلوماتية.
وشهدت المسابقة الوطنية منافسات قوية بين طلبة المرحلة الثانوية من مختلف المحافظات السورية، امتدت من 14 وحتى 30 حزيران، وتضمنت مرحلتين تدريبيتين مكثفتين بإشراف نخبة من الخبراء المحليين في مجالات لغة Python، التعلم الآلي، الشبكات العصبية، تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي الرمزي.
وتم ترشيح الفريق الوطني بناء على نتائج الاختبارات النهائية التي أُجريت في بيئة تحاكي المسابقة الدولية.
وأكدت الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية أن الفريق الوطني سيخضع لمعسكر تدريبي مكثف خلال تموز الجاري في مقر الجمعية بدمشق، بإشراف مدربين ومرشدين محليين وعالميين، بهدف رفع جاهزية المشاركين وتطوير مهاراتهم في بيئة محاكاة تنافسية.
يُذكر أن أولمبياد الذكاء الاصطناعي الدولي IOAI هو أبرز مسابقة سنوية في العالم لطلبة المرحلة الثانوية في هذا المجال، وقد أُقيمت دورته الأولى في آب (أغسطس) 2024 في مدينة بورغاس البلغارية، بينما تستعد الإمارات العربية المتحدة لاستضافة نسخته الثالثة في عام 2026، برعاية جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي.
12 طالباً متفوقاً
أشاد رئيس الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية الدكتور باسل الخشي، بجهود الطلبة وأهاليهم وافتخاره بهم، وقال: نخن أدخلنا الأولمبياد للجمعية منذ شهرين، وفتحنا باب التسجيل ولمن يرغب، ولم يكن بإمكاننا أن نعمم على المدارس حلال هذه الفترة، وفتحنا على موقع الجمعية بإعلانات لمن يحب أن يشارك مع شروط بسيطة أن يعرف لغة بايثون والذكاء الاصطناعي، وخضعوا لتدريب كثيف جداً حتى استطعنا أن نختار 12 طالباً متفوقاً، واستمرينا بالتدريب معهم حتى نختار أربعة منهم، والذين سوف يسافرون إلى الصين لتمثيل سوريا في هذه المسابقة العالمية، وتابع: لقد كانت توجيهات وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات مستمرة في مجالات دعم التحول الرقمي وتمكين الشباب السوري رقمياً الأثر المباشر في إطلاق هذه الفعالية والتي تمثل اليوم ثمرة جهد وطني مشترك، ومؤشراً حقيقياً على التقدم المتسارع الذي تحققه سوريا في مجالات التكنولوجيا والمعرفة.
وشكر الخشي وزارة الاتصالات وتقانة المعلومات على رعايتها لهذ الحدث، وقال: أود أن أشكر جميع المؤسسات الرسمية الشريكة، وخصوصا وزارة التربية والتعليم، والتعليم العالي والشؤون الاجتماعية والعمل، ووزارة الطاقة، والمكتبة الوطنية التي استضافت هذا الحدث، ممثلة بمعالي وزير الثقافة والكوادر الإدارية، وهيئة التميز والإبداع، والمدارس المشاركة، والأهالي، والشركات الراعية، بنك البركة وشركة بي أوردر، والمدربين والمتطوعين وكل من ساهم في إنجاح هذه التجربة من المدربين المحليين والمدربين السوريين الموجودين في أميركا، والذين تبرعوا من وقتهم ليدربوا الفريق.
بزمن قياسي
وبدوره صرح رئيس مسابقة الفريق الوطني السوري لأولمبياد الذكاء الاصطناعي الدولي أحمد فراس حمادة وقال: نحن في الجمعية العلمية المعلوماتية السورية استطعنا بزمن قياسي خلال شهر ونصف إلى شهرين، ومن خلال التحدي لأول مرة لفريق وطني للذكاء الاصطناعي، يمثل سوريا استطعنا أن نعمل تصفيات أولية، ثم معسكر مركز أول، وبناء عليه اخترنا الفريق من خلال فترة 15 إلى 30 حزيران، وحالياً نحن في المعسكر الثاني، إذ يتدرب كل الفريق الوطني والذي عدده 12 طالباً وتتم تهيئتهم أيضاً إلى السنة القادمة، حتى نستطيع أن نأخذ جوائز، والتحدي الحقيقي مع الفرق العالمية، مثلاً الفريق الأميركي كانت فترة تحضيره سنة ونصف السنة، مؤكداً أن الفريق السوري قد تدرب على أيدي أفضل المدربين العالميين السوريين.
ونسعى أن تكون المسابقة العالمية 2027 أو 2028 موجودة في سوريا.
وعبّر المنسق الوطني للمسابقة الأستاذ أحمد محمد بسام حنذي عن فرحته ما بعد التحرير بأننا كسوريين أصبح بإمكاننا المشاركة في هذه المسابقة العالمية، وكانت هناك حسرة لعدم إمكانية المشاركة فيها لمنعنا دولياً في السابق، وتم أخذ الاعتمادية في الشهر الخامس 2025 من اللجنة العالمية من عدة دول من شراكات لعدة جامعات، منها جامعة محمد بن زايد بالإمارات، وبعدها باشرنا بالعمل من أجل إقامة مسابقة وطنية على مستوى سوريا، واليوم الحفل الختامي لهذه المسابقة.
وسنستمر في المعسكر التدريبي لآخر شهر تموز، ليكون الأولمبياد العالمي في أول شهر آب في الصين. حتى نستطيع أن نؤسس لجيل برمجي يعتمد على الذكاء الاصطناعي في السنوات القادمة.
فريقنا قادر
عبر أحد أعضاء الفريق الوطني الطالب بشارة عبد الله ناشد من مدينة حمص، والذي سيمثل سوريا في الصين عن أن الفريق حاول تغطية كل المحاور عن بعد، وأن الفريق الذي سيمثل سوريا قادر، وخصوصاً أن هناك فترة شهر من التدريبات المكثفة ستغطي كل المحاور.
وأما الطالبة من المرحلة الثانوية جوليا ممدوح الأيتوني من دمشق، والتي ستمثل سوريا في المسابقة، فقد عبرت عن فرحها بتمثيل سوريا في هذه المسابقة العالمية، وقالت سأفتخر ببلدي أمام باقي الدول.
وعن المهارات المطلوبة للمتقدمين من الطلبة السوريين من طلاب الصفوف الثانوية في السنة القادمة لهذه المسابقة، قالت جوليا: يجب أن يعرفوا لغة البرمجة بايثون بشكل جيد، ومن خلال التدريبات سوف يتعلمون كل شيء عن الذكاء الاصطناعي.
وأنا شخصياً كانت معرفتي في البرمجة ضعيفة، ولكنني تقدمت بفضل المدربين الرائعين، الذين شرحوا لنا بأبسط طريقة، ولا أنسى دعم أهلي الذين منحوني الطاقة والأمان، ومع الأيام صرت أعرف كيف أعمل موديل، وأشكر زملائي والمدربين والدكاترة، وخاصة الدكتورة الباحثة ماسة البعلي والتي تعمل في تقنيات الكلام لشركة أدوبي، وكيف كانت تقود عمليات التدريب من أجلنا، وأخيراً كل الشكر للجمعية العلمية المعلوماتية السورية التي أتاحت لنا هذه الفرصة حتى نشارك في هذه المسابقة.
تأكيد على الإرادة الوطنية
وشهد الحفل حضوراً لافتاً لممثلي الجهات الداعمة، من بينها هيئة التميز والإبداع التي ساهمت في دعم الفريق الوطني، إلى جانب رعاة رسميين، في إطار دعم المواهب السورية الناشئة وتمكينها من المنافسة الدولية.
وتأتي هذه المشاركة الأولى لسوريا في أولمبياد الذكاء الاصطناعي الدولي تتويجاً لمخرجات المؤتمر الوطني الأول للذكاء الاصطناعي الذي انعقد في أيار 2025، وتأكيداً على الإرادة الوطنية للنهوض بالكفاءات التقنية الشابة وبناء جيل متمكن من أدوات المستقبل الرقمي.
