ثورة أون لاين_علي قاسم: لم يكن ينقص حمد وسعود سوى برنار ليفي كي تكتمل جوقة الحقد، وتصبح الحقيقة عارية حتى من ورقة التوت الأخيرة. صحيح أن الأمر منذ البداية واضح، لأن الهدف المشترك بين البعض العربي وإسرائيل لم يغب عن الذهن للحظة واحدة، لكن حين يكون التقاطع في الأفكار والطروحات والدعوات إلى هذا المستوى بين برنار ليفي كما نقلته هآرتس عنه، وبين ماتحدث به سعود الفيصل باسم دول « التآمر » الخليجي، فإن الأمر يحتاج إلى لحظة توقّف، وكثير من التأمل والتمعن. فقد ثبت وبالدليل القاطع أن الهواجس التي تحكم الطرفين لا تبتعد عن بعضها، ولا هي خارج الأولويات التي يعملان عليها سراً وعلانية.. خلف الكواليس وأمام المنابر، فالتخطيط اتضح أنه بأفكار إسرائيلية، فيما كان المطلوب أن يتم التنفيذ بأيد عربية. وما عجزت عنه إسرائيل وأدواتها في الماضي تكفّل به البعض العربي في الحاضر.
لم نتفاجأ بهذا التلاقي الواضح في الطرح بين ليفي وسعود، ولن نتفاجأ لو رأينا تطابقاً بين حمد وليبرمان في توجعهما مما يجري في سورية وإنسانيتهما المفرطة حيال الأحداث وسعيهما إلى التخفيف من معاناة السوريين عبر مزيد من الأسلحة وأدوات القتل إلى العصابات والإرهابيين والتنظيمات التكفيرية!!
لا ننكر أننا كثيراً ما تجاهلنا معطيات، وتغاضينا في أغلب الأحيان عن وقائع أو مؤشرات، وغضضنا الطرف عن صغائر هنا وواقعة هناك وتعاملنا مع مواقف أوغلت في استهدافنا صمتاً أو بالتجاهل، وحتى هذه اللحظة ثمة ما يدعونا أحياناً إلى ذلك.
غير أن الأمر تجاوز كل شيء.. وذهب بعيداً في كل شيء.. فإذا كانت المواقف السياسية والإعلامية لها اعتباراتها فإن الموقف الشعبي لا يبدو محكوماً بها.. بل لا يأخذ في أغلب الأحيان بهذه الاعتبارات وينظر إليها على أنها مجرد ذرائع وحجج لا تقدم ولا تؤخر أمام الحقيقة المرّة التي باتت عارية حتى من ورقة التوت!
نعرف أن الملايين من السوريين قد حسمت رأيها وموقفها.. وبين خيار التعبير عنها أو الأخذ بالاعتبارات السياسية والإعلامية نجد أنفسنا مضطرين للانحياز إلى أصوات الملايين تلك.
ملايين السوريين ضاقت ذرعاً بتلك الأصوات المبحوحة.. أخرجتها دعوات التسليح واستجداء التدخل الخارجي بأي ثمن، عن طورها وهي لا تستطيع أن تكون حيادية حيالها.. وليس بمقدورها أن تنأى بنفسها بعيداً عنها.. لأن أصحاب تلك الدعوات بالغوا في غيّهم.. وبالغوا في الحضيض الذي ذهبوا إليه وتمادوا في استهداف السوريين بدمهم وكرامتهم وحياتهم.
لم يعتد السوريون يوماً على السكوت عن ضيمٍ.. ولا تجاهل من يمس لهم طرفاً أو يتطاول عليهم تحت أي ذريعة أو حجّة.. وقد لمسوا بالدليل القاطع هذا التطابق في الأهداف بين مشيخات الخليج وبين الغايات والمساعي الإسرائيلية الفاضحة.. وتلك الملايين هي الأقدر على معرفتها وقد راكمت لديهم السنوات ما يكفي من أدلّة على الوجه القبيح لأولئك وبهذه الدونية المريبة.
حين يلتقي سعود وليفي ومعهما حمد على المسار ذاته يزداد يقين السوريين بأنهم على صواب .. ويتأكدون أكثر من أي وقت مضى أنهم في المسار الصحيح .. وهم الذين خبروا السنوات والتجارب والصعاب والمحن والأزمات.. وتجاوزوها بصبر وأناة وتصميم.
دم السوريين المستباح اليوم في أجندات سعود وليفي وحمد ومعهم جون ماكين وغيره من المتصهينين عرباً وأجانب، هذا الدم غالٍ على السوريين وثمنه أغلى بكثير مما يتوهّمون .. وهذا الدم سيسجّل يوماً انتصاره، ولن يقبل بأقل مما هو مطلوب .. ولن يرضى بأقل مما يجب أن يكون، ولا تجعلوه يفيض أكثر لأنه سيغرقكم كما أغرق من سبقكم من طغاة وعملاء وخائنين!!
لم نكن يوماً نريد أن يصل الأمر إلى هذا الحد .. لكنه العداء المعلن والاعتداء الممنهج والشهية لسفك الدم السوري .. وحين يصبح هذا كله لغة ممالك النفط الوحيدة .. للسوريين حينها كلام آخر لا يزالون حتى اللحظة يتمنون ألا يضطروا لقوله يوماً أو للأخذ بمقتضاه..!!
a-k-67@maktoob.com