إن كان من الصعب التحكم بشكل كلي بما يجري على الأرض، فمن المرجح البحث عن بدائل لإعادة الإنعاش، وحتى لا تبقى الخطط حبراً على ورق، أو ربما مجرد كلام للكلام كي تبرر الجهة المعنية أنها موجودة، وفق مقولة (أنا أخطط – حتى لو كلامياً – إذاً أنا موجود)، لا بد من أن تدعّم الأقوال بالأفعال، فتلك الوعود المثقلة بالوعيد لن تصبح عهوداً، إلا بعد تطبيقها.
أليس من المستغرب أنه بعد طرح الخمسين ليرة المعدنية للتداول، ظهرت بشكل خجول جداً، ولم تصل إلى جيوب المواطنين، فمع اهتراء العملات الورقية، أصبح من الصعوبة العثور على الجديد منها، مع أن لحضورها دور مهم، وفقدانها من السوق خلق حالة من الفراغ أدى إلى الكثير من المشكلات في التعاملات الشرائية اليومية لدى المواطنين، وفي تنقلاتهم، لذا كان التحوّل إلى العملة المعدنية الحل الوحيد لتجاوز مشكلة اهتراء العملة الورقية، فطبع نسخ ورقية جديدة لن يكون مفيداً في ظل استمرار التضخم وزيادة سرعة تداول هذه الفئة، كما أن تكاليف الطباعة باتت أعلى من قيمة العملة نفسها.
شح العملة المعدنية واهتراء الورقية، أدى إلى تراجع تداول تلك الأوراق المهترئة واستبدالها بأغراض عينية، وخاصة في وسائل النقل العامة، حيث يلجأ السائقون لإرجاع البسكويت أو السكاكر أو العلكة للركاب عوضاً عنها رغم اعتراضهم، لكنهم يسلّمون بالأمر كي لا يشعروا بضياع حقهم، وكذلك الأمر يتم في بعض البقاليات، والصيدليات، إذ يمكن الحصول على نصف ظرف من مسكّن الصداع بدل إعادة الخمسين ليرة.
من هنا تتملك المواطن حالات قلق حيال تصريف بعض الأوراق المالية المهترئة، إذ يصل الأمر في معظم الأحيان إلى رفض بعض الباعة أو سائقي الحافلات استلام تلك الأوراق من المواطنين، والعكس صحيح، وغالباً ما يكون سبب الرفض، أنه لا يمكن تصريف تلك الأوراق النقدية، حتى أن استبدالها من المصرف المركزي يكون صعباً بالنسبة للمواطنين العاديين.
فهل يخفي المعنيون شيئاً بخصوص طرح كميات إضافية من فئة الخمسين ليرة المعدنية، لأن عملية استبدال الأوراق النقدية التالفة بأخرى جديدة لا تحتاج إلى مدة زمنية طويلة، علماً أنه عندما تم طرح فئة الألف والألفي ليرة الورقية للتداول سرعان ما أخذت طريقها للتداول، إلا أننا حتى الآن نسمع وعوداً، لكنها أكبر من مقاساتها.
لينا شلهوب
التاريخ: الخميس 26-9-2019
رقم العدد : 17084