تعمل بعض جهاتنا المشرفة على شؤوننا العامة لتحريض ذاكرتنا، حيث الحاجة ملحة لتطوير سياسات تتوافق مع خطط التنمية وحاجات سوق العمل، مع وضع تصورات عدة لسير عملية نهضتها، لما لذلك من تأثير إيجابي على خطط التنمية، ولا بد لنجاح عملية التقويم والرصد ووضع الخطط المرتبطة بها، من أن تكون مبنية على أسس تعتمد بيانات، ومعلومات دقيقة تغطي كل الأوجه المتعلقة بالسياسة المرسومة والخطط الموضوعة والفئات المستهدفة.
يبرز حالياً مشروع قانون الكشف عن الذمة المالية، والذي سيحل محل القانون 64 لعام 1958 الخاص بالكسب غير المشروع، وفكرته تنص على تقديم الموظفين والعاملين بالدولة تصاريح بالذمم المالية قبل التعيين بالوظيفة العامة، وعند انتهاء الخدمة لتبيان إذا ما حصلت زيادة غير منطقية أو غير مبررة في ثروتهم، إذ إن تطبيقه يشكل خطوة مهمة على جبهة مكافحة الفساد.
يعوّل على المشروع المنتظر أن يقتص من كل فاسد يتاجر بالمال العام، فهو – إن أخذ مساره كما هو محدد له – سيكون ليس كفيلاً بالحفاظ على المال العام فحسب، بل بتطوير الأداء الحكومي ولا سيما لجهة التركيز على الكوادر الكفوءة والنزيهة، لأن معظم سرقة المال العام أصحابها يتطاولون على القوانين، الأمر الذي تؤكده العديد من المشاهد التي تجعلنا نبحث عن الحقيقة المخبأة تحت عباءة القانون الذي بات شفافاً إلى درجة يستطيع الجميع من خلالها رؤية الواقع الذي يفيض بالمخالفات المثيرة للدهشة.
نأمل أن يكون القانون المرتقب المخلّص والمنقذ للمال العام الذي أضحى فريسة سهلة بنظر عدد من متسلقي المناصب، وأن يضبط حالات الكسب غير المشروع عبر إلزام من تسند إليهم مهام وظيفية ذات صلة بالمال العام أو الخاص بالإفصاح عن ممتلكاتهم وأموالهم بهدف الحد من ظاهرة الكسب غير المشروع، حيث يسمح مشروع القانون بمراقبة حركة الأموال والممتلكات والذمم المالية للفئات المستهدفة.
اجتراح الحلول لا يكون فقط بإقرار القوانين، أو وضع آليات جديدة للعمل أو التغني بالكشف عن مكامن الفساد، أو مساءلة المعنيين بـ (من أين لك هذا).. بل في التقيد بالمسؤوليات وتنفيذ هذه القوانين، وأداء المطلوب بعيداً عن نهج الاستثناءات، مع تفعيل المحاسبة والكفاءة والنزاهة والحرص على خدمة المواطنين والاهتمام بقضاياهم، بعيداً عن التقصير بأداء المهام والواجبات.
لينا شلهوب
التاريخ: الخميس 19 – 12-2019
رقم العدد : 17150