الملحق الثقافي: عقبة زيدان :
بخلاف أوروبا القروسطية، شهد المشرق الإسلامي موجة عريضة من المؤلفات الفلسفية، التي نظرت إلى الدين باعتباره يهدف إلى تنظيم العلاقات بين البشر، ورأت في الفلسفة وسيلة للبحث عن الحقيقة.
لقد نهض هذا الفكر الفلسفي المتحرر، نتيجة لكون المنطقة العربية مسرحاً للقاء مختلف التقاليد الفلسفية والعلمية واغتنائها المتبادل.
ومن بين الفلاسفة الكبار والمؤثرين في العالم إلى اليوم، كان ابن سينا، الذي استطاع عبر كتابه «الشفاء» افتتاح عهد جديد من تاريخ العلم، فهو جاء تعبيراً عن خصوصية الثقافة العلمية في المشرق الإسلامي القروسطي، بما تميزت به، سواء عن العلم اليوناني القديم أو الأوروبي القروسطي، من تطلع إلى الربط بين المعرفة العقلية النظرية، وبين الممارسة التي لم تكن تشمل الحياة الأخلاقية والسياسية فحسب، وإنما الحياة عامة.
تجسدت خصوصية العلم العربي في التصنيف السينوي للعلوم، الذي على أساسه وضع ابن سينا مؤلفاته الموسوعية. ومتفقاً مع أرسطو، قسم ابن سينا المعرفة الفلسفية إلى ميدانين: علوم نظرية وأخرى عملية. فغاية العلوم النظرية هي إدراك الحقيقة، أما مقصود العلوم العملية فهو تحصيل الخير.
ساهم ابن سينا في تطوير أورغانون أرسطو، وأدخل تعديلات هامة على المنطق الأرسطي، تنم عن رغبة في تجاوز الطابع التأملي المفرط لمنطق المعلم الأول. وعمل ابن سينا على تقريب مبادئ الأورغانون من مهمات العلوم الطبيعية القائمة على التجربة والمشاهدة.
رفض ابن سينا بعضاً من أفكار أرسطو، قبل أن يبدأ العالم الغربي بقراءة أرسطو حتى. ولكن إهمال التراث الفلسفي العربي من قبل أبنائه، قابله نهم غربي وشوق إلى كل فكرة عظيمة لهذا الفيلسوف العربي الكبير ولآخرين كثر غيره.
التاريخ: الثلاثاء1-10-2019
رقم العدد : 967