الملحق الثقافي:عقبة زيدان:
لم يسلم ابن سينا من حسد بعض معاصريه، ولم يسلم أيضاً من حسد لاحقيه كالغزالي، ولا يزال إلى اليوم موضع حسد من كثير من الرافضين لفلسفته، التي أثبتت عبقريته وسبقه لعصره. ومهما قيل ويقال، يبقى ابن سينا فيلسوفاً مؤثراً في الفلسفة العربية والغربية على السواء. وقد صيغت فلسفات بعض الأوروبيين على ما قدمه ابن سينا، ومنهم على سبيل المثال الراهب توما الإكويني، الذي استخدم أفكار ابن سينا حول الروح وطبيعتها وميعادها.
وشغلت أفكار ابن سينا في الماورائيات تفكير روجر بيكون، وقد وضحت هذه الأفكار في كتابات بيكون، الذي لا يزال مؤثراً في الثقافة الغربية إلى اليوم. وأدخل ألبير الكبير عدداً كبيراً من مؤلفات ابن سينا إلى موسوعته الفلسفية والعلمية، وقدمها على أنها فلسفة سيناوية، إضافة إلى إعلائه من شأن العلوم التي تحدث بها ابن سينا، وتجربة تركيباته الكيماوية في صناعة الكبريتيك.
تعدت فلسفة ابن سينا التدريس في الجامعات الغربية، لتصبح معيناً لإشادة فلسفات ونظريات جديدة. ووصل الأمر ببعض الفلاسفة الغربيين إلى اقتباس وشرح فلسفة ابن سينا، باعتبارها فلسفة خاصة به، كما فعل وليام أوكهام.
يقول عنه جورج سارتون: «إنه ظاهرة فكرية عظيمة، ربما لا نجد من يساويه في ذكائه أو نشاطه الإنتاجي. إن فكر ابن سينا يمثل المثل الأعلى للفلسفة في القرون الوسطى». واعتبره دي بور فيلسوفاً عظيم الشأن، وفي المقام الأول كأرسطو.
لا تزال صورة ابن سينا حتى الآن تتوسط أكبر قاعات كلية الطب في جامعة باريس؛ تقديراً واعترافا بفضله وعبقريته.
okbazeidan@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء29-10-2019
رقم العدد : 971