حذّر الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله من الخطر الذي قد تشكّله المظاهرات المناوئة للحكومة إذ قد تؤدي إلى «الفوضى، والمواجهة والحرب الأهلية»، ما هو سيناريو الحرب الأهلية، وهل هذا الاحتمال فعلي؟ يعتقد الشعب اللبناني أن الاحتجاجات انطلقت بسبب الضرائب المفروضة على رسائل الواتس آب.
في الواقع السبب هو تعرض لبنان لمجموعة من العقوبات التي فرضتها أميركا على البنوك اللبنانية وعلى أشخاص ميسورين اتهمتهم أن لهم علاقة بحزب الله، كما انتشرت إشاعات أن هناك المزيد من العقوبات تحضر لها أميركا للمساس بالمزيد من البنوك وبحلفاء حزب الله، تأذى الكثير من اللبنانيين الأغنياء والطبقة الوسطى من نتائج الإجراءات الهجومية التي اتخذتها الولايات المتحدة بحق البلاد، فقد تضعضع النظام المصرفي والثقة ما أدّى إلى خطر تهريب الأموال خارج البلد، فالعديد من اللبنانيين سحبوا سيولتهم المالية من البنوك وحولوها إلى الخارج، رغم النفي المتكرر، مارس الرئيس ميشيل عون ضغوطاً متزايدة على البنك المركزي للمحافظة على قيمة الليرة (١٥٠٠ ليرة مقابل الدولار الواحد) الأمر الذي سيكون له تأثير إيجابي على العملة المحلية في دولة يُستخدم فيها الدولار كأساس في عمليات الشراء.
بالإضافة إلى ذلك وصل الدين إلى ٨٥ مليار دولار، واقتربت نسبة العجز إلى ١٥٥% من صافي الإنتاج المحلي، أما عموم الشعب الذي يعيش على ما يصله من أموال من الأقارب في المهجر نراه اختنق أمام المضايقات الأميركية إذ لم يعد يجرؤ مهجري واحد من إرسال المال خشية اتهامه «بدعم الإرهاب».
فالإجراءات الأميركية آذت كل المجتمع اللبناني وكذلك التجارة التي تراجعت جداً، أيضاً توقّفت حركة العقارات أمام ارتفاع الأصول المالية، وأُغلقت الشركات الصغيرة كما تضررت الكهرباء والماء بالإضافة إلى ارتفاع الأسعار، أمام تراكم الخلل الوظيفي الناجم عن فوضى العقوبات أصبحت الدولة أكثر عرضة لسيناريو حرب أهلية.
توقفت العديد من الدول عن تقديم الدعم المعتاد للبنان بحجة أن «حزب الله يسيطر على الحكومة» لكن الحقيقة لأنه ساهم في إخفاق مشاريع تلك الدول التي تعاونت مع أميركا لإسقاط الحكومات العراقية والسورية واليمنية… سئمت الولايات المتحدة والسعودية من «محور المقاومة» واستغلت كل فرصة لإضعاف هذا المحور وأخيراً توصلت إلى آخر حل: الحرب الأهلية. وبهذا حذّر السيد حسن نصرالله أن مثل هذه الاحتجاجات ستؤدي إلى الفوضى والانهيار والحرب الأهلية، ما هو المنظور الفعلي للحرب الأهلية؟ يحصل الجيش اللبناني من أميركا وبريطانيا على أسلحة خفيفة إذ لا يسمح للبنان بالحصول على أسلحة هجوم أو دفاع ثقيلة تمكنه من منع الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة له.
سيناريو الحرب الأهلية مجرد احتمال لا يمكننا تجاهله، وتعتقد بعض الأطراف أن أميركا والسعودية تنتظران الفرصة لإثارتها من خلال ضخ الأموال كما فعلتا في سورية، وأنه أمام هذه الأمور لا بدّ وأن تمنح الدولة اللبنانية دوراً أقوى لحزب الله، بحال تم ضخ الأموال فالمرشح الأول لحمل السلاح هو سمير جعجع الحليف السابق لإسرائيل والذي تموله اليوم السعودية وأميركا، وإذا أدى مسار الأحداث إلى حرب طائفية بين حزب الله و»القوات اللبنانية» لن يتردد حلفاء حزب الله في التدخل… أما الجيش اللبناني تحت قيادته الحالية لا يمكنه التدخل لصالح حزب أو آخر لكن قد ينقسم ضباطه وهنا تمارس الولايات المتحدة نفوذها لدعم من يقاتل ضد حزب الله.
وكما نجحت روسيا في إحباط الخطط الأميركية التي سعت لتغيير الحكومة في سورية، أيضا اذا حدثت حرب مماثلة في لبنان ستدخل وتحبط خطط تغيير الحكم في لبنان وبالتالي ستتمكن من منع الانتهاكات الاسرائيلية للسيادة اللبنانية مما يحقق الاستقرار للمنطقة ويمنع حدوث أي تفاقم الصراع الفلسطيني.
فلقد أبدت إيران استعدادها لتزويد لبنان بالأسلحة وجددت روسيا نفس العرض، كما يمكن لروسيا، إيران والصين إعادة بناء البنية التحتية في لبنان متى رفعت أميركا الحظر عن العلاقة اللبنانية-الصينية، أما حزب الله فهو الضامن الوحيد للبنان من الهجمات الإسرائيلية، فهل تدرك الولايات المتحدة أنها في كل حرب تطلقها في الشرق الأوسط يقوى خصومها أكثر.
موندياليزاسيون
بقلم: إيليا جي
ترجمة: سراب الأسمر
التاريخ: الثلاثاء 19 – 11-2019
رقم العدد : 17126