الضَّميــــــر والتنــويــر

 

نشر ثقافة مقاومة الظلم والجور والخطأ، وتثوير الوعي وتجديده، مقرونة بثقافة التسامح مع من يرتد عن الظلم أو يعترف بالخطأ ثم يحسن عملاً، ثقافة كل ما يبعث إنسانية الإنسان ابتداء من وجوده وهويته مروراً بلقمة عيشه وليس انتهاء بكرامته وكيانه وكبريائه وليس إلى ما تشاء أعماقه الإنسانية وما تنزع إليه من نور ونقاء وعلاء وحضارة ومجد ورقي.. إن نشر هذه الثقافة والتمكين لها مسؤولية كل فرد وكل مجتمع وكل مؤسسة.. ولو لم أغال لقلت يجب تكريسها بتدريسها كمناهج لكبار أعلام التاريخ الإنساني والوطني تحديداً في شتى مجالات إبداعاتهم ورؤاهم واختصاصاتهم وتفرُّدهم..
«صح النوم».. أول كلمة وتعبير عامي يقال لمن ينتبه من غفلته سواء أكان نوماً أم شروداً أم تيهاً أم ضياعاً أم انشقاقاً أم ميلاناً أم خروجاً عن جادة الصواب والحق والعقل.. فليس عيباً أن ننتبه إلى أننا نائمون هاجعون سابتون ويجب أن ننهض لفعل تنويري حقيقي فكيف وإن بدأت بذور التنوير لهذا الفعل العميق الدقيق الهائل في نفوس المهمَّشين والأنقياء وعلى لسانهم وبمجهودهم.. والتي بدأت من بذرة تتصل بأعمق أعماق النفس البشرية تلك التي يسمُّونها «الضَّمير»، فكانت شخصيات التنوير والنهضة والمقاومة عبر كل العصور، وأعلام المسرح والفن والتمثيل والغناء، والشعراء والأدباء والكتاب، والساسة ورجال الدول الذين نهضوا بأوطانهم ونهضوا بشعوب وأمم بأكملها، والثوار المقاومون المدافعون عن الهوية والوجود والأرض والحضارة، وكان حملة الفكر ومشاعل التنوير والتثوير، ورواد الحب والفن والجمال والوعي، ورسل الحقيقة وشهداء الحق والمضحون لأجل إحداث وعي جديد ضمن الوعي على تتالي الأيام وتعاقب السنوات من عمر البشر والأوطان.. ترى هل قلت الضمير؟.. بلى لقد كان وعي شعبنا العظيم، وإحساسه الحقيقي بالجمال لا يتخلى في النهاية عن قوة الأرض، عن الجذور الشعبية الأخلاقية، عن الجمال البسيط للحياة، عن أغنية الطبيعة والروح التي باتت أيقونات كفيروز.. كصرخة نزار قباني وحكمة درويش.. كفكر أدونيس.. كصرخة ثوار يستصرخون لكرامة الأرض ضد الدخلاء.. ولتحل محل أفضل الأمثال والمعتقدات الأخلاقية: «.. الحقيقة ضميري، والوجدان عقيدتي».
إنَّ المقولة التي لا تنتمي إلى الضمير لا يمكن أن نتبعها بروحنا كلها.» إن الضمير هو أساس أخلاقي، حصن أخلاقي، يحتاج إلى اكتشاف في أنفسنا، حتى لا نهلك, ومع ذلك، فالضمير إن لم يكن صوتاً من الحقيقة العليا المجردة فلا يمكن أن يهز أرواحنا، وفي الروح نفسها، في ذلك الأساس العميق والأبدي لها، تتوضع تلك البذور الإلهية لذرا الحقيقة، وأعالي الأخلاق.
لذلك، وفي الفعل الضميري رداً على السؤال الأبدي: «ترى هل تعيش حقًا أيها الإنسان، هل فقدت كرامتك وشرفك، هل نفذت واجبك؟» فقط هو جزء من الروح مع تلك البذور المخزنة في الروح يرن في البداية، ونور الطموح إلى الكمال ينير كل الزوايا الخفية، تماما كالأشعة السينية، هو الذي يكشف كل ما لا يليق ويعزز مسألة الضمير، موجات من الشعور بالخجل والعار تحرق الروح، ومع الندم، الذي يركز على التصحيح، ينقذ من هذا الحريق الذي لا يطاق، تماماً كالقانون الأسمى الضمير الذي يغدو قوة تحول الوجود الأرضي وتخلق مصير البشرية جمعاء وكل شخص على حدة، في هذه القوة الروحية، تندمج قوة الحب وقوة الإنجاز وقوة المعرفة وقوة الإبداع، ليست فقط موجات الندم تأتي للعيش وفقا للضمير، عندما ينحرف عن المسار الروحاني الصحيح، ولكن أيضا موجة من السعادة والإبهار الإبداعي عندما يكون الطريق صحيحاً. وإذا كان الإنسان يعيش في الحقيقة ولها، وإذا كان يسترشد في الحياة بالضمير، فهو مفكر حقيقي، ومثقف حقيقي.. ومواطن حقيقي.. أوطاننا بحاجة إلى ضمائرنا الحية الوجدانية الصادقة ثقافة سلوكٍ وفكرٍ وعمل ٍوتخطيطٍ ومنهجٍ ونهجٍ قولاً وفعلاً تنظيراً وسلوكاً وتطبيقاً.. فهيا أيُّها المؤمنون..

ليندا ابراهيم
التاريخ: الجمعة 22-11-2019
الرقم: 17129

 

آخر الأخبار
خطوة نحو إنجاز المشاريع.. نمذجة معلومات البناء وتطبيق التكنولوجيا الرقمية باراك: العالم كله يدعم سوريا رفع العقوبات وانعكاسه على مستقبل قطاع الطاقة في سوريا سحب مياه معدنية غير صالحة للاستهلاك من أسواق دير الزور الحرائق في سوريا ترسم صورة نادرة لتفاني رجال الإطفاء والدفاع المدني إعادة إعمار سوريا.. تحديات هائلة تعوق الانطلاق خبير عقاري لـ"الثورة" تكاليف فلكية إلى جانب غياب قنوا... يطيح بتعاميم النظام المخلوع.. محافظ حلب يصدر قراراً يُنصف المفصولين اجتماع أردني- سوري مرتقب في عمّان لتسوية الخلافات المائية The New Arab نصف مليون سوري يعودون منذ التحرير عودة طوعية للاجئين من الدول العربية وتركيا حضارة وادي الزيدي بدرعا.. هل يتم استثمارها سياحياً؟ الأمم المتحدة: رجال الدفاع المدني السوري يخاطرون بحياتهم لإخماد "حرائق اللاذقية" السيطرة على بعض بؤر النيران في ريف اللاذقية "بريكس" ترحب برفع العقوبات عن سوريا وتدعو"إسرائيل" لسحب قواتها رئيس مجلس مدينة القرداحة: نتخذ أقصى الاحتياطات شبكات صرف متهالكة والمناطق المخدمة بمحطات المعالجة لا تتجاوز 40% دور اللاجئين في إعادة الإعمار.. هل تشكل عودتهم عبئاً أم مساهمة؟ وزير الأوقاف يتابع المشاريع الوقفية والتنمية في حمص تنسيق سوري ودولي لضمان عودة طوعية وتدريجية تقييم احتياجات مركز الرعاية الصحية الأولية في خان أرنبة