دور اللاجئين في إعادة الإعمار.. هل تشكل عودتهم عبئاً أم مساهمة؟

الثورة- نور جوخدار

من قوارب الموت في عرض المتوسط، من تركيا إلى اليونان، وصولًا إلى ألمانيا وهولندا وباقي دول أوروبا، هرب مئات آلاف السوريين من الوضع الأمني الخطير الذي فرضه نظام الأسد، ومن التجنيد الإجباري والنزوح الداخلي وقلة فرص العمل والفقر، ومن الخوف الذي خيم على يومياتهم، باحثين عن عيش كريم لهم ولأبنائهم.سنوات طويلة أمضوها في دول اللجوء، خاضوا فيها معارك يومية من أجل البقاء، تعلموا لغات جديدة، وامتهنوا مهنًا وأساليب حياة مختلفة، وواجهوا تحديات الاندماج والهوية والحنين، ولم تقتصر وجهاتهم على أوروبا فقط بل شملت حتى دول الجوار مثل لبنان والأردن وتركيا وبعض الدول العربية الأخرى.اليوم وبعد سقوط نظام الأسد ودخول البلاد مرحلة جديدة، تتجه أنظار اللاجئين نحو وطنهم سوريا، وهي تلملم جراحها وتعمل على إعادة الإعمار والبناء كي توفر البيئة المناسبة لعودتهم، في وقت بدأت فيه عودة جزئية للبعض، سواء طوعية أو قسرية تحت الضغوط القانونية.

فعلى مدى سنوات الحرب، تكبدت سوريا خسائر فادحة في قطاعات حيوية منها البناء والخدمات والزراعة والحرف المهنية، تزامنا مع هجرة الكفاءات واليد العاملة، ليعود اليوم الكثير منهم بخبرات مهنية وتقنية اكتسبوها في دول اللجوء في مجالات متعددة مما يفتح الباب أمام تساؤلات جدية: كيف يمكن توظيف هذه الخبرات في دعم سوق العمل واستثمارها في خطط إعادة الإعمار؟ هل سيشكلون عبئًا على الاقتصاد المنهك؟ أم سيكونوا قادرين على إحداث فارق في نهضة البلاد؟

في تقريرها السنوي بمناسبة اليوم العالمي للاجئين أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن عودة اللاجئين والنازحين السوريين لا تزال تواجه عراقيل بنيوية عميقة تتطلب معالجة جادة على مختلف المستويات القانونية، الإدارية، الخدمية، الأمنية، والاقتصادية رغم مرور أكثر من 6 أشهر على سقوط نظام بشار الأسد.

وبحسب تقارير الشبكة الميدانية فإن معظم المناطق التي شهدت عودة جزئية تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية، وتعاني نقصاً حاداً في الخدمات والتعليم والصحة، إلى جانب استمرار وجود الذخائر غير المنفجرة التي تسببت في مقتل 220 مدنيا، بينهم 41 طفلا و10 سيدات.

كما أشارت إلى أن أغلب العائدين يواجهون صعوبات في استعادة ملكياتهم بسبب فقدان الوثائق أو تعدد المرجعيات الإدارية وتحملهم الأعباء المالية الكاملة دون وجود برامج دعم فعالة من الدولة أو المجتمع الدولي، إضافة إلى ذلك تعاني المناطق من غياب التخطيط والاستقرار المحلي، مع ارتفاع نسب الفقر وتدهور الخدمات وقطاعات الصحة والتعليم.

ولفتت الشبكة إلى أن خطة دعم العائدين للعام 2025 لم تحصل إلا على 12% من التمويل التمويل الدولي المطلوب، ما يُفاقم من تعثر مشاريع الإعمار وإعادة التأهيل.يرى محللون سياسيون أن سوريا اليوم بحاجة إلى خطة وطنية شاملة لإدماج العائدين في سوق العمل والمجتمع بحيث يتحولون من “لاجئين سابقين” إلى “مواطنين فاعلين” عبر إطلاق مبادرات تدريب مهني وتقديم قروض للمشاريع الصغيرة وتسهيلات ضريبية ودعم حكومي أو مجتمعي لمبادراتهم، بما يساهم في إعادة تدوير هذه الطاقات لصالح الاقتصاد المحلي، بدل أن تتحول إلى عبء جديد.

وحول هذا الصدد دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقريرها إلى وضع خطة وطنية شاملة وشراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، تقوم على مبادئ عدة أبرزها تهيئة بيئة قانونية وآمنة عبر استقلال القضاء، إعادة تأهيل البنى التحتية والخدمات الأساسية، تفعيل هيئة العدالة الانتقالية، ضبط التهديدات الأمنية، إطلاق برامج اقتصادية داعمة للعائدين، وتوفير سبل العيش المستدام، ضمان تمثيل اللاجئين والنازحين في رسم السياسات الوطنية، تعزيز الرقابة الدولية على برامج العودة بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة.

كما طالبت الحكومة السورية بوضع سياسة شفافة وعادلة وعدم التمييز لعودة ومعالجة القضايا العقارية والوثائق الرسمية وإطلاق برامج دعم مالي وسكن مؤقت وربطها بخطط إنعاش محلية وتعزيز الأمن عبر قوى مدنية منضبطة وضمان مشاركة النساء والناجيات من الانتهاكات في صنع القرار، إدارة شفافة للتمويل الدولي بالتعاون مع رقابة مستقلة.

ودعت الشبكة الأمم المتحدة إلى إنشاء آليات رقابة مستقلة لمتابعة ظروف العودة وتوثيق الانتهاكات ودعم هيئة العدالة الانتقالية فنياً وتقنياً، وتوثيق ملفات الإخفاء القسري وتمويل برامج إعادة الإدماج والدعم النفسي والتمكين الاقتصادي وإشراك المنظمات السورية المستقلة في الرصد والمتابعة بالإضافة لوضع خطط حماية خاصة للفئات الهشة.وحثت الشبكة الدول المضيفة على احترام مبدأ عدم الإعادة القسرية، وتوفير بيئة قانونية وخدمات أساسية للاجئين، وتسهيل إصدار الوثائق بالتعاون مع البعثات السورية، ودعم التوعية بحقوق اللاجئين، وضمان المساعدة أثناء عمليات العودة. > mayssoun: فيما طالبت الدول المانحة بدعم جهود الحكومة الانتقالية لإعادة الإعمار ضمن إطار حقوقي شفاف، وربط التمويل بمبادئ العدالة دون فرض وصاية سياسية، وتمويل مشاريع مصالحة محلية وبناء سلام محلي.يبقى ملف اللاجئين العائدين إلى سوريا من أعقد الملفات وأكثرها تأثيرًا على مستقبل البلاد، فهل تنجح الحكومة والمجتمع الدولي بادماجهم وإحداث فارق حقيقي في إعادة بناء وطن أنهكته 14 سنة من الحرب؟

آخر الأخبار
رئيس الهيئة المركزية للرقابة : لن نتوانى عن ملاحقة كل من يتجاوز على حقوق الدولة والمواطن   الرئيس الشرع: محاسبة مرتكبي مجازر الكيماوي حق لا يسقط بالتقادم   حشرات وعناكب بالألبان والأجبان   تشجيعاً للاستثمار .. محافظ درعا يتفقد آثار بصرى الشام برفقة مستثمر سعودي  إبراز المعالم الوقفية وتوثيقها في المحافل الدولية بالتعاون مع "الإيسيسكو" معرض دمشق الدولي..ذاكرة تتجدد نحو تنمية مستدامة  "خطوة خضراء لجمال مدينتنا".. حملة نظافة واسعة في كرناز 10 أطنان من الخبز... إنتاج مخبز بصرى الشام الآلي يومياً نداء استغاثة من مزارعي مصياف لحل مشكلة المكب المخالف قرابة  ١٠٠٠ شركة في معرض دمشق الدولي ..  رئيس اتحاد غرف التجارة:  منصة رائدة لعرض القدرات الإنتاجية تسهيلاً لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة في حلب "الزراعة" تمضي نحو التحول الرقمي.. منصة إرشادية إلكترونية لخدمة المزارعين  اجتماع تنسيقي قبل إطلاق حملة "أبشري حوران "   مبادرة أهلية لتنظيف شوارع مدينة جاسم الدولرة تبتلع السوق.. والورقة الجديدة أمام اختبار الزمن السلوم لـ"الثورة": حدث اقتصادي وسياسي بامتيا... حاكم "المركزي"  يعلن خطة إصدار عملة جديدة بتقنيات حديثة لمكافحة التزوير عبد الباقي يدعو لحلول جذرية في السويداء ويحذر من مشاريع وهمية "الأشغال العامة".. مناقشة المخطط التنظيمي لمحافظة حماة وواقع السكن العشوائي "حمص خالية من الدراجات النارية ".. حملة حتى نهاية العام  محمد الأسعد  لـ "الثورة": عالم الآثار خالد الأسعد يردد "نخيل تدمر لن ينحني" ويُعدم واقفاً