كثيرون الذين سمعوا صراخ الإسرائيليين وهم يوبخون ذلك الأحمق نتنياهو على عدوانه الأخير على الأراضي السورية، لكن هل أحد منكم سمع أنينهم أيضاً!؟، لاسيما أن معظمهم لا يزالون يقضون ليلهم ونهارهم في الملاجئ تحت الأرض هلعاً وخوفاً من صواريخ المقاومة الفلسطينية، فكيف هو الحال إذا دخلت الصواريخ السورية على الخط ومعها صواريخ محور المقاومة بشكل عام؟!، ترى هل بإمكان أحد عندها أن يخبر ذلك الأحمق كيف سيكون شتاء إسرائيل الذي لبدت غيومه وسماؤه صواريخ الفلسطينيين التي أمطرت الكيان الصهيوني بالجزع والفزع خلال الأيام الماضية.
هذا غيض من فيض، تلك الأسئلة الغزيرة التي أمطرت نتنياهو خلال الأيام القليلة الماضية حول ماهية الدوافع التي تقف وراء العدوان على سورية وفي هذا التوقيت تحديداً، لاسيما أن معظمها أي معظم تلك الدوافع هي سياسية محضة تتعلق بشخص نتنياهو على وجه الخصوص، وهو الذي يبحث عن رافعة يصعد بها ومن خلالها إلى سدة رئاسة الحكومة مجدداً ما يمكنه من الهروب من ملفات وقضايا الفساد التي تلاحقه.
وفيما يحاول نتنياهو البحث عن مخارج حقيقية لأزماته المتدحرجة، تبدو معادلات وقواعد الاشتباك التي يحاول الأخير العبث بها ثابتة وراسخة ويستحيل تغييرها أو حتى مجرد السماح بالعبث بها، وهذا ليس استنتاجاً أو تحليلاً، بل هو واقع ملموس يرتكز على قرار واضح وحاسم من محور المقاومة بشكل عام الذي يبدأ وينتهي في سورية، ولعل سيناريو صواريخ المقاومة الفلسطينية التي أمطرت بها الكيان الصهيوني قبل أيام بعد أن حولته إلى مدينة أشباح كانت رسائله واضحة في هذا الشأن، فهو في النهاية ليس سوى سيناريو مصغر لما سوف يجري في حال استمرت إسرائيل باللعب بالنار.
لقد باتت الأهداف الإسرائيلية من وراء هذا التصعيد الذي يبدو أنه سوف يكون مفتوحاً على كل الجبهات خلال الأيام القادمة مكشوفة ومفضوحة، وهو الأمر الذي قد يدفع بكل الخيارات والاحتمالات إلى سدة المشهد، بما فيها تلك الاحتمالات الكارثية التي قد تذهب بالكيان الصهيوني والولايات المتحدة.
ما هو مؤكد أن نتنياهو مأزوم جداً وإلى درجة الهستيريا التي تضغط عليه لنقل الصراع الإسرائيلي الداخلي إلى صراع خارجي بيقين منه أن ذلك سوف يوحد الإسرائيليين بمختلف الأحزاب تحت راية القضاء على الخطر الذي يهدد إسرائيل، سواء أكان هذا الخطر من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة أم من خارجها – من سورية أو من لبنان أو من العراق أو من اليمن أومن إيران، وهذا ما قد يدفع المزاج الإسرائيلي إلى الاتفاق والتكتل خلف حكومة طوارئ يترأسها الأحمق نتنياهو تكون له رافعة للعودة إلى المشهد السياسي، في وقت تبدو فيه صورة الردع الإسرائيلية محطمة نتيجة صواريخ المقاومة الفلسطينية.
ناهيك عن أن هذا التصعيد هو حاجة وضرورة أميركية في هذا التوقيت تحديداً من أجل خلط الأوراق في المشهد الميداني في الشمال السوري، وهذا مجدداً يكشف مدى التناغم بين الأميركي والصهيوني لجهة الأهداف والأدوار والغايات، ولعل القرار الأميركي الأخير بشرعنة المستوطنات الإسرائيلية يندرج ضمن سياق هذه اللعبة، لعبة توازع الأدوار بين الأميركي والإسرائيلي.
بكل الأحوال، وبالرغم من كل ما سبق وكما قلنا قبل أيام فإن الدوافع الإسرائيلية للتصعيد تبدو حاضرة بقوة في الإستراتيجية الإسرائيلية بهدف تغيير قواعد الاشتباك التي رسختها دمشق وحلفاؤها – محور المقاومة- في الميدان السوري، ما يعطي هذا التصعيد الإسرائيلي وفي هذا التوقيت تحديداً بعداً إقليمياً ، لجهة توسيع دائرة المواجهة والاستهداف مع كل محور المقاومة بما في ذلك المستجد اليمني الذي دخل على خط المواجهة مع الكيان الصهيوني.
فؤاد الوادي
التاريخ: الاثنين 25-11-2019
الرقم: 17130