السيف الدمشقي.. من فولاذ المعركة إلى برمجيات المعرفة

الثورة – لينا شلهوب:

لمع السيف الدمشقي كرمز خالد للقوة والدقة والجمال في قلب التاريخ، وتتقاطع الأسطورة مع الواقع، إذ كان السيف الدمشقي في عصور مضت، رمزاً للقوة والإتقان والهيبة، لم يكن مجرد أداة حرب، بل كان تحفة فنية تصنع بدقة لا تضاهى، ويروى عنها في أساطيرالشرق والغرب، هذا السيف، الذي خرج من قلب دمشق، حمل اسمها إلى أقاصي الأرض، رمزاً للفخر والمهارة والتميز. اليوم، وبعد قرون من الصمت، يعود السيف الدمشقي من جديد- لكن ليس من فولاد هذه المرة، بل من نورالمعرفة، ومن برمجيات تنبض بالذكاء، ومن تصميم رقمي يحمل جوهرالحرفية السورية.

“الثورة” التقت الخبيرالاستشاري في مشروع السيف الدمشقي FutureSet محمد الحسن المهباني، فأشار إلى أن السيف المصنوع في دمشق لم يكن مجرد أداة في يد المحاربين، بل كان تحفة تروي قصص الحضارة والمهارة التي تجذّرت في الحواري القديمة، وبلغت صداها حدود الشرق والغرب، واليوم، تعود هذه الأسطورة- لا في صورة السلاح، بل في هيئة جديدة كلياً، تدمج التكنولوجيا بالتعليم، والهوية بالإبداع، والمعرفة بالقوة.

رمزية التحوّل

العودة التي نتحدث عنها ليست حرفية، فالسيف الدمشقي الجديد لا يُشهرفي ساحة معركة، بل يُفتح في أيدي الطلاب على هيئة أجهزة تعليمية ذكية، صمّمت بلمسة دمشقية الأصل والجذر، وأفق عالمي المستقبل، هذا التحوّل الرمزي يعبّرعن جوهرالمشروع الذي أطلقته “فيوتشر است FutureEst”، وهي مبادرة تكنولوجية تعليمية سورية المنشأ، تهدف إلى تمكين الأطفال السوريين من أدوات المعرفة وسط أقسى الظروف.

المجموعة التكنولوجية التي تقدمها “فيوتشر است” تشمل هاتفاً ذكياً وغطاءً قابلاً للتحول إلى لوحة مفاتيح، ما يحوّل الجهاز إلى حاسوب تعليمي متنقل، هذه الأدوات ليست مجرد أجهزة، بل أدوات نهضة مصممة بروح الحرفي الدمشقي الذي كان ينحت فولاذ السيف بشغف ودقة، إن جوهرالمشروع لا يكمن فقط في الجانب التقني، بل في الرسالة التي يحملها: “نحن لا نستهلك المعرفة.. نحن نصنع أدواتها.

” سلاح في معركة الجهل في زمن الحروب، كان السيف الدمشقي رمزاً للانتصار، واليوم، وفي زمن الأزمات التعليمية التي يعاني منها ملايين الأطفال السوريين، يصبح الجهاز الذكي أداة في معركة من نوع مختلف: معركة ضد الجهل، والانقطاع عن العالم، وضياع المستقبل، فكلّ جهاز في يد طفل سوري يحمل إمكانية فتح أبواب العلم والابتكار والتواصل مع العالم، في وقت تراجعت فيه جودة التعليم وتقطّعت أوصاله في العديد من المناطق.

ما يميز هذا المشروع عن غيره من المبادرات المستوردة أو المستنسخة، هو أن الهوية السورية هي حجرالأساس فيه، من التصميم، إلى المحتوى، إلى الهدف، كلّ عنصر فيه ينطلق من سؤال جوهري: كيف نصنع أدواتنا بأنفسنا؟.

هذه الروح المستقلة في الإبداع تمثّل مقاومة من نوع آخر، مقاومة ضد التبعية التقنية، وضد فقدان البوصلة الثقافية.

في قلب كلّ عملية تعليمية حقيقية يقف المعلم، لا كمجرد ناقل للمعلومة، بل كملهم ومشعل للطريق، ومع هذه الأدوات، يصبح المعلم السوري شريكاً في هذه الثورة التعليمية الرقمية، يرافق طلابه في رحلة جديدة من الفهم والإبداع، ويعيد تشكيل علاقة الطفل بالعلم خارج النمط التقليدي المتآكل.

دمشق الجديدة

ليست دمشق بحاجة إلى إثبات تاريخها، فهي مدينة الحِرف، والصوت، والنور، لكنّها اليوم تقف على أعتاب دورجديد من رحم الألم، ومن قلب الأزمات، تخرج مشاريع كهذه لتعيد تعريف ما تعنيه “النهضة”، فدمشق التي صدّرت السيف الدمشقي للعالم، تصدّراليوم أداة رقمية بنفس الروح أداة لا تقاتل بالأذى، بل تبني بالأمل.

ويضيف الاستشاري المهباني: عودة السيف الدمشقي ليست شعاراً عاطفياً، بل إعلان عن ولادة جيل جديد من الأدوات التعليمية والتكنولوجية التي تعيد لسوريا مكانتها، إنه تمثيل رمزي للمجموعة المستقبلية ” فيوتشر است” التي صمّمت كما صنع السيف يوماً بدقة، وبهدف، وبقلب يعرف ماذا يعني أن تحمل هوية، فكما كان السيف يصنع لتحدي أقسى المعارك، صمّم هذا النظام الرقمي ليكون رفيق كلّ طفل سوري في أقسى الظروف، الهاتف الذكي والغطاء الذي يتحوّل إلى حاسوب، ليسا مجرد أجهزة، بل هما سلاح في معركة الجهل وأداة للنهضة، مضيفاً هذا السيف الجديد لا يشهر ضد خصم، بل يفتح على صفحات العلم، لا يقطع، بل يفتح آفاقاً لا يُراق به دم، بل تُبنى به عقول.

ونوه بأن عودة السيف الدمشقي تعني أننا لم ننسَ من نحن، وأننا سنبني المستقبل بأسلوبنا الخاص – لا عبرالاستيراد الأعمى، بل عبر الإبداع الجذري، ففي يد كلّ طالب، سيكون هناك سيف لا يُشهر، بل يقرأ، وفي قلب كلّ معلم، شعلة لا تنطفئ، ومع كلّ مجموعة مستقبلية، تولد دمشق جديدة.

مدير المحتوى التربوي في مشروع “فيوتشر است” ريم حداد بينت أنه لم نصمم هذه الأدوات لننافس شركات التكنولوجيا الكبرى، بل لنقدم بديلاً يراعي سياق الطفل السوري وظروفه.

المهندس في تصميم المبادرة ناصر عبود قال: كما كان الحدّاد الدمشقي لا يرضى بأقل من الكمال في صنع سيفه، نحن أيضاً لم نقبل بأن نقدّم منتجاً تعليمياً أقل من ممتاز، كل تفصيلة، من سرعة الجهاز إلى نوعية الغطاء، تم اختبارها بعناية لتناسب الواقع السوري.

الدكتورة هالة سويد (مستشارة استراتيجية) لفتت إلى أن عودة السيف الدمشقي هي رسالة بأننا نستطيع أن نصنع أدواتنا بأنفسنا، لم نعد ننتظر من الخارج أن يعلّم أبناءنا أو يفهم احتياجاتهم نحن من نفعل ذلك اليوم، وبكفاءة.

وأوضح فراس الزعبي – مطور برمجيات، أنه حرصنا أن تكون الواجهة البرمجية باللغة العربية الفصحى، وبأسلوب بسيط يتحدث بلغة الطفل، ويخاطب عقله وقلبه في آن واحد، أردنا برمجة لها هوية، لا مجرد ترجمات سطحية.

شركاء تربويون

سمر. د- معلمة في إحدى المدارس، تتوقع أن الفرق الذي يمكن أن يتم ملاحظته على الطلاب بعد استخدام الجهاز سيكون مذهلاً، سيصبحون أكثر اندماجاً، وأسئلتهم أعمق، وكأننا نعيد لهم حماسة التعلم التي فقدوها في خضم الأزمات.

إذاً.. عبر هذا المشروع، نحن لا نبني فقط أجهزة، بل نحيي الحلم، الحلم أن يكون لطفل في قرية نائية في سوريا نفس الفرصة المتوفرة لطفل في مدينة متقدمة، الحق في أن يقرأ، أن يتعلم، وأن يبدع.

آخر الأخبار
إنهاء التشوهات في سعرالصرف يتطلب معالجة جذرية  التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران