سهير زغبور في رصيدها ثلاث مجموعات شعرية, بدأتها بطقوس الحب, ومن ثم نايات, إلى المجموعة الاخيرة التي حملت عنوان تسكنني السماء, في رحلة البحث عن المغاير باللغة والصورة واللمعة الإبداعية تبدو زغبور على قلق لا يثبت عند منجز ما.. وهذا ما يسم مجموعاتها التي تدل على قدرة الشاعرة باكتشاف غور اللغة ومن ثم العمل على صهر مفرداتها بنص تظنه قد خرج للتو من وجدان الصهر الإبداعي..
في مجموعتها الثالثة التي كما أشرنا تحمل عنوان «تسكنني السماء» تقفز عما كان في طقوس الحب وتشتغل على رؤى اكثر تشبثا باللغة الصوفية التي تنتقي المفردات لتكون بعمق البحر وعلو كعب السماء.
من العنوان تسكنني السماءيبدا التميز فكيف للسماء أن تسكن القلب والشعر.. الا يذكرنا ذلك بقول الشاعر.. اتزعم انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر.. واللغة التي نظنها مفردات بسيطة عادية هي هذا الكون الذي لا حدود له.. انها سماء الشاعرة التي تسبح ببحرها فتشتعل اللغة بحقول دلالية ثرة.. تقول زغبور:
يا سفر الأزرق في عيني
يا لون تلك المدينة كأول قصة للخلق..
صففت أحلامي..
ما بللتني الريح وانا..
أمشط شعث الغيم ما طوقتني النار وانا افك قيد الشمس..
بمثل هذا التكثيف الذي يشي بكل ما يمكن للخيال أن يصل إليه.. تمضي زغبور في سماء لغتها المبدعة وقدرتها على التكثيف القادر على التقاط مفردات الحياة وجعلها نغما شعريا.. والوطن هو الشموخ العالي عندها:
في وطني لأيتام الحور
الا واقفا تراوده ابتهالات القمر..
قرب ذاك الموقع حين تتهجد الجدة صلاة حب
لاديم قلم تجاعيدها
حتى نبتت في بنانها مواسم الشهادة
سهير زغبور تنسج بهدوء قميص تجربتها الشعرية وتعرف كيف تجعل القصيدة حقل ياسمين لا لون له الا بياض السمو والبوح.
التاريخ: الثلاثاء 3-12-2019
الرقم: 17137