أوابد التراث المعماري الرافدي ومعطيات جديدة

 

بدأت الحضارة الانسانية والمدنية المتطورة كما تشير المعطيات الآثارية في بلاد الرافدين , اي ما بين النهرين , وسيمر دهر دون أن نحصل على كل ما تركته هذه المدنية هناك, إذ تتكشف كل يوم معطيات جديدة نتيجة التنقيب والبحث الاثري الذي يرفدنا بمعطيات انتظرناها زمنا, قد يكون بعضها معروفا, ولكنه يحتاج إلى دراسات تدعمه, وبعضها الآخر يزداد حضورا بما تقدمه المعطيات المكتشفة حديثا.
الجديد في هذا الاطار كتاب العمارة الملكية في بلاد الرافدين من عصر سلالة اور الثالثة الى نهاية العصر البابلي القديم تأليف الدكتور حسان عبد الحق، صدر الكتاب عن الهيئة العامة السورية للكتاب بدمشق , وهو سفر ضخم يقع في في أكثر 750 صفحة من القطع الكبير يقدم دراسات موسعة حول القصور الملكية في تلك الفترة التي يتناولها , ويعرض مخططاتها المعمارية كما تم اكتشافها من قبل بعثات التنقيب التي تعمل هناك منذ قرن من الزمن , كان بعضها أجنبيا , والآن بمعظمها قبل الحرب العدوانية على سورية , هي بأياد سورية.
وظائف القصور من الموضوعات المهمة التي يمكن للمتابع أن يقدم إيجازا عنها كما جاء في الفصل الخامس , تحت عنوان: الوظائف الرئيسية للقصور , وهي مدخل للحديث عن قصور ماري , يقول المؤلف: تفاوتت القصور الرافدية القديمة بحجمها , فهناك قسم تميز بحجمه الكبير , وكان يضم عددا كبيرا من الاجنحة المخصصة للوظائف المختلفة. مثل قصر ماري الملكي, وقسم آخر منها اتصف بحجمه الصغير مثل قصر (كارني ليم في تل ليلان)وعدد الاجنحة قليل في هذا النوع من القصور , ما أثر سلبا في عدد المهام التي كان يقوم بها القصر , لذلك يمكن القول حسب المؤلف: إن الوظائف التي عرفت في القصور الكبيرة لا تتكرر بنفس الصورة في القصور الصغيرة. وفي معظم القصور الرافدية , هناك جناح رسمي , يشغل مركز القصر وكان يتكون من عدد من الأفنية ذات الاحجام الكبيرة , وكان يقوم بمهمة سياسية فقد كان يمثل المكان الذي يلتقي فيه الملك مع ضيوفه في داخله , لاسيما قاعة العرش التي كانت معدة لهذا الغرض , وكان له دور هام في اظهار العظمة الملكية من خلال قاعاته الكبيرة وباحته المركزية التي تعد الفناء الاكبر في القصر. ويقدم قصر ماري الملكي مثالا هاما عن هذه الوظيفة , تبرز أحد الرسوم الجدارية التي في الباحة قوة الملك, وعظمته , فمن خلال الحماية والرعاية الالهية له استطاع أن يزود بلاده بالماء الوفير الذي كان اساس الحياة , ومن جهة أخرى البقايا المعمارية والاثرية لبعض المباني تشير إلى أن الجناح الرسمي كان يقوم ببعض المهام الاقتصادية والدينية.
يتميز قصر ماري الملكي بدرجة حفظ ممتازة مقارنة بغيره من القصور الرافدية , ما ساعد على تزويد الباحثين بوثيقة استثنائية حول الجناح الرسمي الذي احتوته معظم قصور بلاد الرافدين ,وحسب الباحث فإن القاء نظرة على القصر تدل على وجود بابين على الجدار الفاصل بين القاعتين الكبيرتين , وفي كل زاوية باب , حين يشير المخطط التقليدي الرافدي لهذا الجناح الى وجود باب واحد في هذا الجدار. أما معنى كلمة قصر كما ترد في الدراسة فهي كما يقدمها المؤلف: المعنى الحقيقي لكلمة قصر في الشرق الادنى القديم هو بيت الملك , أما الألفاظ المستخدمة للدلالة عليه في بلاد الرافدين فكانوا يستخدمون كلمة ايكالوم , فهي صيغة سامية مشتقة من السومرية تشير الى البيت الكبير الذي كان مخصصا للملك , وتشير في الاصل الى المعبد.
خلاصة القول : الكتاب دراسة مهمة جدا تضيء على جانب معماري وثقافي وحضاري لقصور ما بين النهرين , ومن خلالها نقف على مدى عمق التطور الذي شهدته المنطقة وما قدمته للعالم من إنجازات تتكشف كل يوم.

يمن سليمان عباس
التاريخ: الجمعة 13-12-2019
الرقم: 17145

آخر الأخبار
مخبز بلدة السهوة.. أعطاله متكررة والخبز السياحي يرهق الأهالي عودة الحركة السياحية إلى بصرى الشام خبير اقتصادي لـ"الثورة": "الذهنية العائلية" و"عدم التكافؤ" تواجه الشركات المساهمة اشتباكات حدودية وتهديدات متبادلة بين الهند وباكستان الرئيس الشرع يلتقي وزير الزراعة الشيباني أمام مجلس الأمن: رفع العقوبات يسهم بتحويل سوريا إلى شريك قوي في السلام والازدهار والاقتصاد ... "الصحة العالمية" تدعم القطاع الصحي في طرطوس طرطوس.. نشاط فني توعوي لمركز الميناء الصحي  صناعتنا المهاجرة خسارة كبيرة.. هل تعود الأدمغة والخبرات؟ ترجيحات بزيادة الإمدادات.. وأسعار النفط العالمية تتجه لتسجيل خسارة تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة تربية طرطوس تبحث التعليمات الخاصة بامتحانات دورة ٢٠٢٥ مُنتَج طبي اقتصادي يبحث عن اعتراف سوريا أمام استثمارات واعدة.. هل تتاح الفرص الحقيقية للمستثمرين؟ دعم أوروبي لخطة ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا