ثورة أون لاين – بشرى حاج معلا – طرطوس:
كل الدروب ضيقة ومسدودة لم لا ترسم شارعا وتسير فيه…؟
كل الجبال عالية تمارس علينا صمودها لم لا نكن أول الواصلين…؟
وكل الزمن يبعثر أمامنا خيباته.. لم لا نكن له الحياة … ونعلمه كيف نكون بخير …؟
لكن من لا يملك الإرادة يبقى صفر اليدين…!!
فحكايات الصمود تتوالى..
وقصص البطولة في سوريانا كثيرة وفي طرطوس أيضا أسماء تلمع في بحر الإرادة..
رغم ظهور بعض العجز والاعاقة..
وهذا ما أكده لنا الشاب مياس علي سلمان من مواليد 21/4/1988 طرطوس الشيخ بدر من قرية النويحة حيث قال: أعاني منذ الولادة من نقص أكسجة دماغية أدت لشلل دماغي وحركات لا إرادية، لحسن حظي أنني تواجدت بأسرة رائعة لم تخجل من اعاقتي بل عملت ما في وسعها لأكون ناجحا في المجتمع رغم أني لم أستطع المشي حتى أكملت عامي الثالث لكن اهلي أحبوني وساعدوني.. بعد أن استنفذوا جميع المحاولات للشفاء توجهوا إلى محاولة دعمي لأصبح فاعلا بالمجتمع فلم يخجلوا من إعاقتي يوما..
كانت أمي تحملني كل صباح إلى المدرسة بسبب وقوعي المتكرر ولكن مع ذلك كانت فرحة بأن الله منّ عليّ بالذكاء..
ودخلت المرحلة الابتدائية رغم أنني لم أستطع الكتابة إلا بصعوبة ولكن الجميع كان يشهد بذكائي وامكانياتي العقلية وأشكر كل مدرسي وأصدقاء المرحلة الابتدائية..
بعد ذلك انتقلت للمرحلة الإعدادية وتفوقت فيها كنت فرحا لأنني أصبحت قادرا بالاعتماد على نفسي في المشي واجهت بعض الصعوبات في البداية من الانسجام في المدرسة التي تضم أعداد كبيرة من الطلاب ، ولكن بمساعدة طلاب الصف الذين أحبوني وساعدوني والمدرسين استطعت التأقلم بسرعة..
في المرحلة الثانوية أردت أن أدرس الفرع العلمي ولكن صعوبة الكتابة ونصائح المدرسين جعلني أتجه للفرع الأدبي الذي تفوقت به كنت أرغب بجمع العلامة التامة لولا سوء الحظ والقدر ففي الامتحان النهائي كانت من يكتب لي مدرس غير مختص في مادة اللغة الإنجليزية وبعثوا لي مدرس لغته فرنسية وهنا تحطمت احلامي لكي اخسر 13 علامة نتيجة عدم قدرتي على نقل الإجابة للكاتب وذهبت لي خمس علامات في مادة الجغرافيا نتيجة صعوبة رسم المصور لأجمع علامة 202 من أصل 220
بعد البكالوريا وفي العام 2006 دخلت كلية الحقوق على أمل أن أصبح مدافعا عن حقوق ذوي الاعاقة وتخرجت من الكلية بأربع سنوات بمعدل 67%
وأنا حاليا أعمل موظفا في مديرية المالية وناشطا في مجال الإعاقة.. وعملت في المجلس الفرعي للإعاقة لمدة /6/ سنوات..
رافقت الكثير من أصحاب الشأن العاملين بقضايا الاعاقة لإعطاء محاضرات عن قصة نجاحي وأكون دافعاً لغيري..
في عام 2015حدث أصعب شيء في حياتي وهو استشهاد أخي الاصغر مني الذي كان يساعدني بالكثير من الأشياء، ولكن ذلك زادني قوة وإصرارا لأن أكون ناجحاً أكثر ولأخفف بعض الحزن عن أبي وأمي..
وبعد ذلك وفي عام 2019 اتتني فرصة رائعة في دمشق في مخيم الدمج أقامه فريق عدسة سلام بتمويل من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عشنا معا لمدة عشرين يوما من التدريب حتى طلعنا بفكرة إطلاق اول منصة تعنى بمفهوم الدمج بين الأشخاص ذوي الاعاقة والأشخاص من غير ذوي الاعاقة كان لي الشرف أن أمثل أصدقائي بالمؤتمر الصحفي الذي أطلق منصة دال وتعني “دمج أفضل للمجتمع”
ومنذ أيام خضت في دمشق لدورة بالدعم النفسي والاجتماعي قام بها مدربين من ايطاليا بدعم من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي..
وهنا أريد أن أقول رسالتي للجميع..
” أعتبر الإعاقة نقطة تميّز لا نقطة عجز، وكل شخص خصّه الله بنقاط قوة يجب أن يستغلها ففي النهاية لا يوجد أحد كامل، فالكمال لله “
ويمكن أن أقول..
بعد سنوات الحرب يجب أن نؤكد بأن دمج المعاقين في المجتمع واجب أخلاقي ووطني فقد زادت نسبة الإعاقة بشكل كبير وأغلبهم من جرحى الحرب الذين ضحوا بجزء من جسدهم ليبقى الوطن..
واول خطوه يجب أن تكون بالدمج هي توفير البيئة المكانية والاجتماعية المناسبة فعلى سبيل المثال المكاتب الخاصة بخدمة ذوي الاعاقة، الحصول على بطاقة إعاقة، إضافة لتسهيل الحركة على المعاقين ووضع خدماتهم في الطوابق الأولى لا في الطابق الثالث في مديرية الشؤون الاجتماعية فصعود الدرج من أهم الصعوبات التي تواجه ذوي الاعاقة والحل بسيط بنقل المكاتب للطابق الأول..
ولكن لا أحد يهتم.. فهناك الكثير من التسهيلات التي يجب أن تتوفر في وسائل النقل العامة.. نتمنى مع مرحلة إعادة الإعمار أن تتم تجهيز بنية تحتية تلائم حاجات ذوي الاعاقة نحن نملك بيئة تشريعية وقوانين رائعة لو طبقت لحصل ذوي الاعاقة على حقوقهم ولكن للأسف المشكلة تبقى بآلية تطبيق القانون..
في الختام..
جميعنا يدرك بأن تواجد الإعاقة لا يعني أبدا نهاية الحياة.. لا بل هناك الكثير من الأمثلة في الحياة كانت عنوانا وكانت قصة يقتدي بها الأجيال.. لكن تبقى أمنياتنا أن يحظى موضوع الإعاقة والدمج نصيبه من الاهتمام بما يكفي.. ولا تكن النصوص فقط هي سبيل الدعم دون التطبيق.. لنكن في النهاية بمجملنا داعمين..