يُعتقد أن أول ما تُذكر به عملية التسلل التي قام بها مسؤولون أميركيون إلى الأراضي السورية «إدلب» هو تسلل جون ماكين إلى المناطق ذاتها التي تنتشر فيها مُرتزقة واشنطن وأنقرة، مع فارق الزمن الذي انطوى على مُتغيرات كثيرة جعلت أهداف عمليتي التسلل تتباين إلى أقصى الحدود، لكن من دون أن يُؤشر ذلك إلى حدوث أي تغيير بنمط تفكير تحالف العدوان.
وأول ما تَطرحه عملية التسلل الأميركية إلى إدلب ربما هو السؤال عن جدوى التسلل زحفاً على البطون من بعد اندحار الحُثالات والأذرع الإرهابية الأميركية الصهيونية التكفيرية! ما الجدوى إذا كان زحف الحثالات الأكبر الذي رعته واشنطن قد انتهى لاندحارها؟ هل يَزحف المسؤولون الأميركيون على البطون تَسللاً إلى مناطق انتشار الإرهاب لتحقيق هدف رفع معنويات الفلول المُنهارة؟ أم لتوريط اللص أردوغان ومُضاعفة مأزقه؟ أم استغراقاً بوهم استنقاذ الإرهابيين والحيلولة دون اندحارهم النهائي؟.
إذا كان يُراد من عملية التسلل الأميركي توجيه رسائل في اتجاهات مُتعددة لتأكيد عدم تخلي واشنطن عن مشروعها العدواني، أو لتأكيد استمرار حضورها الداعم لفصائل الإرهاب وتنظيماته لاسيما «تنظيم القاعدة – النصرة»، فإنها تُوجه رسائل خاطئة ستتضاعف معها الارتدادات الكارثية عليها وعلى معسكر أدواتها، وستكون كمن يُفاقم أزمته بيده، وكمن بحماقته يَندفع، ويَدفع أردوغان كأحد أهم أدواته التخريبية، نحو الهاوية بدل التقاط الفرصة السانحة للانسحاب بهدوء وبأقل الخسائر من ميدان أتخمه بالخيبات!.
مُحاولة الاستنقاذ، أو محاولة منع انهيار واندحار التنظيمات الإرهابية، هي فاشلة، وإذا كانت مُحاولة مُركزة الهدف باتجاه رفع المعنويات لأردوغان أو للحُثالات، فهي بائسة، وأما إذا كانت تنطوي على محاولة تعقيد الحالة والوضع شراءً للوقت أو رهاناً على إحداث تغيير في ربع الساعة الأخير، فهي محاولة عبثية لا تُعبر إلا عن عقل يُفكر على طريقة اللصوص وبنمطية قُطّاع الطرق والمُقامرين!.
زحفُ المسؤولين الأميركيين على البطون تسللاً إلى إدلب بتوقيت الهزيمة وفي مراحل الاندحار الأخيرة، هو تَعبير وقح عن العناد بمُواصلة ارتكاب الحماقات والجرائم والانتهاكات، وهو تَكريس لواقع أن الإدارة الأميركية – ومعها باقي أعضاء تحالف العدوان – مُنفصلة عن الواقع، أو هي على الأقل عاجزة عن قبوله والتصالح معه ومع ما آلت إليه الأمور من نتائج أتت مُخالفة لكل التقديرات الصهيوأميركية.
الزحفُ من بعد الاندحار، لا شك هو شكل من أشكال العجز، ومن جهة أخرى هو انتحار، وفضلاً عن هذا وذاك هو دليل جديد يُضاف إلى حزم الأدلة القاطعة التي تُدين الولايات المتحدة ومنظومتها، لن يُغيّر، بل لن يَقوى على إحداث أيّ تَغيير بالمسار ناهيك بالنتائج، فالعودة إلى الخلف مُستحيلة، وإن الجغرافيا السورية التي تَطهرت من الحثالات والغزاة والمحتلين باتت قاب قوسين من أن تَكتمل يقبض عليها بثقة بواسل جيشنا البطل. وللتذكير فقط ربما من المُفيد تذكير ترامب، لا أردوغان، أنّ هدف إخراج القوات الأميركية من المنطقة ليس شعاراً يُرفع، بل هو هدف حقيقي جدي سيَتحقق .. أردوغان جُزئية وتفصيل، بل فُقاعة.
الافتتاحية بقلم رئيس التحرير: علي نصر الله
التاريخ: الخميس 5-3-2020
الرقم: 17209