(الزير سالم)..قراءات تتجدد وإسقاط يحاكي الواقع

 قصة ملحمية تعاد هنا وهناك على مدى احتفاء عالم الفن بها، إنها قصة الزير سالم تلك الحكاية التراثية التي حملت أوجها وأوجها في عيون الأدباء والكتاب والمبدعين، فظهرت مختلفة وفق وجهات النظر والرؤيا والأشكال الفنية، فهي عالم بأكمله، غني بالدراما والأحداث والإسقاطات، حيث تم تناوله بشكل دائم عبر الفنون المختلفه بدءاً من الدراما التلفزيونية إلى المسرح والقصص الشعبية، و يعود ذلك لإمكانية توظيفها في اتجاهات عديدة.
وهاهي نفس القصة، تعود إلى الواجهة من جديد، فكان عرض (الزير سالم ) (الفرد فرج) بشكله الأخير على صالة مسرح متعددة الاستعمالات بدمشق بإشراف الأستاذ حسن عويتى كعرض تخرج دفعة التمثيل للفصل الاول في المعهد العالي للفنون المسرحية، حيث تم توظيف أحداث النص بشكل مختلف، وقد ارتبطت أصلا بدوافع انسانية وعادات وتقاليد ومفاهيم الثأر والوفاء وغيرها الكثير ما دفع الزير سالم إلى الانتقام لأخيه كليب.
ففي حالة مقابلة في الدراما التلفزيونية، تم تناول الموضوع من قبل الكاتب الراحل ممدوح عدوان بمنطقية موضوعية، وقد تعاملت الشخصيات مع الأحداث والحالات بشكل خاص، فكانت أفعالها منطقية دوما، وكانت ردا على المقدمات التي بدأت بها، ردود أفعال إنسانية تتوازن مع الأفعال وحوارات غنية وفق آليات، نهضت على أرضية مقنعة، ارتبطت بالطباع الانسانية والحدث، وإعطاء كل شخصية حقها في التعبير عن ذاتها كشخصية حاضرة، جعلت العمل لا يغيب عن الشاشات الفضائية، رغم إنتاجه منذ عشرات السنين، أما هنا تناول العرض قصة الزير سالم بآليات مختلفة ورؤية معاصرة، فتم التقديم للكثير من الأفكار المتجددة التي تقدم مقولة، ارتبطت بأحداث راهنة عشناها وهي الحرب، مسلطة الضوء على الافكار السوداوية التي اتسمت بتطرف مقيت، عادت للزير، لكن هنا حضر طرف آخر، كان نقيضه، تحلى بالإيجابية ونسيان الماضي من أجل المستقبل، فحضور محاور جديدة، دعت إلى السباق مع الواقع وتجاوزه، وذلك لخطورة تلك الأفكار التي استندت على الانتقام، وهي كفيلة بتدمير أي حالة صحية في المجتمع.
من هنا تم لفت النظر إلى مسألة ضرورة التغلب عليها, لأن تجاوز المشكلة تلك مهما كان مستحيلا، هو الحالة الصحية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وذلك بحضور حلول بديلة كالعقلانية والتسامح، لأن النتيجة خطيرة على الجميع، خصوصا أن المجتمع السوري عانى ماعاناه من الحرب، ليحمل العرض إشارات بضرورة التغلب على الواقع الذي جلب المأساة ليتم تجاوزه، لذلك لابد من حلول أخرى مختلفة، تكون قادرة على تجسيد الحل الايجابي القادر على تجاوز الصعاب والتغلب عليها، وهذا ما جسده المحور الذي يعود لابن كليب.
نص الزير سالم وعالمه عالم غني جدا، امتلك إمكانية توظيفه في مجالات عديدة، مثلما كان هنا في العرض المسرحي الذي جسده الطلبة بآليات احترافية، أظهرت إتقانهم لشخصيات هذا العالم والمهام المراد إيصالها مع النص الجديد، حيث حمل إسقاطات تتماشى مع قضايا راهنة، رغم كثرة الأعمال الفنية التي تدل على تميز القصة الشعبية التراثية، التي عاشت في وجدان الناس لأكثر من سبب، وإن كان منها ما هو بدافع من الوقاء والبطولة، إلا أن المبالغة في أي حالة كانت، تحمل الكثير من المساوئ، وهنا جمالية الفن القادر على تقديم القراءات المختلفة لآي حالة إشكالية.

آنا عزيز الخضر
التاريخ: الاثنين 9-3-2020
الرقم: 17212

آخر الأخبار
5 آلاف سلة غذائية وزّعها "الهلال  الأحمر" في القنيطرة آليات لتسهيل حركة السياحة بين الأردن وسوريا دمج الضباط المنشقين.. كيف تترجم الحكومة خطاب المصالحة إلى سياسات فعلية؟  قمة المناخ بين رمزية الفرات والأمازون.. ريف دمشق من تطوير البنية الصحية إلى تأهيل المدارس   زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن.. تفتح آفاقاً جديدة للتعاون الاقتصادي     تحسن ملحوظ في سوق قطع غيار السيارات بعد التحرير  "إكثار البذار " : تأمين بذار قمح عالي الجودة استعداداً للموسم الزراعي  دمشق تعلن انطلاق "العصر السوري الجديد"   من رماد الحرب إلى الأمل الأخضر.. سوريا تعود إلى العالم من بوابة المناخ   الطفل العنيد.. كيف نواجه تحدياته ونخففها؟   الجمال.. من الذوق الطبيعي إلى الهوس الاصطناعي   "الطباخ الصغير" .. لتعزيز جودة الوقت مع الأطفال   المغتربون السوريون يسجلون نجاحات في ألمانيا   تامر غزال.. أول سوري يترشح لبرلمان آوغسبورغ لاند محاور لإصلاح التعليم الطبي السوري محافظ حلب يبحث مع وفد ألماني دعم مشاريع التعافي المبكر والتنمية ابن مدينة حلب مرشحاً عن حزب الخضر الألماني خاص لـ "الثورة": السوري تامر غزال يكتب التاريخ في بافاريا.. "أنا الحلبي وابنكم في المغترب" سوريا تفتح نوافذ التعاون العربي عبر "معرض النسيج الدولي 2026"  رفع العقوبات إنجاز دبلوماسي يعيد لسوريا مكانتها ودورها الإقليمي