«الإبداع هل هو إلهام من قوة خارجية عليا؟ أم هو استلهام مما هو مغروس، أم إن الإبداع يكون موجوداً في تراثنا المعاصر..» كان هذا محور محاضرة الدكتور أحمد دهمان في فرع حمص لاتحاد الكتاب العرب بعنوان:»الإلهام والاستلهام» سنقتطف بعضا مما ورد منها:
حيث تناول الشخصية الإنسانية، مهما تعمقنا في دراستها ومهما كانت الأضواء التي نلقيها عظيمة نافعة لا تزال في صميمها لغزاً معقداً لم نستطع حلّه بعد، فالفنان يضحي بحياته وسعادته الشخصية في سبيل أن يشبع ثورته الإبداعية التي تدفع به دائماً نحو الجدة والابتكار والأصالة, فالفنان هو الإنسان الذي لا يكف عن ارتياد الأصول والبحث عن المصادر في ظلمات الشعور أم في مرايا اللاشعور، وكأنه يحاول باستمرار الارتقاء إلى المصادر الأصلية والارتواء من الينابيع النقية..
وأضاف:أصبح الأسلوب مصطلحاً في النقد الأدبي, ويعده بعضهم أداة جاهزة في الاستخدام الإبداعي الأدبي، وقد يفشل بعض الأدباء في استخدامها، في حين يعود بعضهم الآخر خاصية عفوية مرتبطة بكل عمل على حدة, وغالباً ما يصف النقاد غياب الأسلوب المتميز في عمل فني بالبلاغة الجوفاء أو العبارات الإنشائية أو المحاكاة الساذجة، أو التقليد الأعمى، وعندما يغيب الإلهام وينعدم الوحي، وتنعدم الرؤية وتضمحل الثقافة عندها لابد للأسلوب أن يختفي ويتلاشى, فالكاتب في هذه الحال يحاول تحقيق عمله بالاستلهام بتقدير الكتاب المستلهمين..
وإن الإلهام هو الأسلوب وجهان لعملة واحدة هي الإبداع الفني, وهي عملة تختلف من أديب لآخر كاختلاف بصمات الأصابع, بل تختلف من جزء إلى آخر في العمل الفني..
وباختصار فإن الأسلوب نتيجة للعملية الإبداعية قبل أن يكون سببا لها ولذلك فهو بصمة خاصة للمبدع..
وأضاف دهمان: الإلهام حالة تطلق على الفنان بصفة عامة وعلى الأديب بصفة خاصة، عندما يبدع بطريقة تختلف تماماً عن غيره من الصناع والحرفيين الذين يعتمدون فقط على خبراتهم وتجاربهم الخاصة وقدراتهم العقلية والجسدية لإنتاج ما يطلب منه على وجه التحديد,أما الأديب فيبدع بدافع من قوة عليا غامضة تحدد طبيعة العمل الفني وشكله اللذين لا يمكن تحديدهما إلا بعد وضع اللمسات الأخيرة للعمل.
قد كان تطور لغة الشعر وموضوعاته وقيمه الفنية وفق مستويات المتلقين فقد هجر الأدب العربي الشعر القديم القصيدة العربية شكلاً ومضموناً لحد كبير، ومن ثم الخروج عن النظرة الشعرية التقليدية التي أطلقوا عليها عامود الشعر وعناصره المعروفة وبضوء ذلك ونتيجة لخصومة الأدباء والمحدثين, واستجابة لعوامل سياسية واجتماعية وحضارية نشأت أزمة الشعر المحدث..
وتناول كيف يرى أبو نواس الإبداع: بأن التجديد المقلق أفضل ألف مرة من التقليد الناجح لأن الأول دليل حياة والثاني موت متكرر.
فالفنان يبدع لأنه يستمتع بعملية الإبداع التي تشكل حافزاً على الكتابة وفيها يتخلص من وطأة الظروف على نفسه.
سلوى الديب
التاريخ: الجمعة 13-3-2020
الرقم: 17216