كمال ناصر في ذكرى استشهاده: وقل لوحيدي إذا زار قبري.. وحن لذكري.. بأني سأرجع يوماً إليه.. لأجني الثمر.
ثورة أون لاين – يمن سليمان عباس:
ليس الحبر وحده الطريق إلى النصر، ولا إلى القدس وتحرير الأرض المحتلة، وإن كان نغماً بسمفونية طويلة تتواشج فيها ألحان شتى.. تهدأ حيناً وتثور أحياناً أخرى..
لكنها تعرف أن الخلاص قادم لا بد منه.. الدم وحده خلاصة البذل والعطاء والتضحية والدم حبر الفداء.. الشاعر الكبير كمال ناصر واحد ممن غنوا جراح الأمة.. بذل على مذبح الحرية والغد دمه..
تمر هذه الأيام ذكرى اغتياله من قبل الكيان الصهيوني الغاشم..
وكم هو لافت أن الشاعر الذي آمن ببعث الأمة وقدرتها على التجدد استشرف في مجموعته “جراح تغني” الصادرة في بيروت عن دار الطليعة عام ١٩٦٠ يستشرف طريق الشهادة لاسيما في قصيدته “الوصية الأخيرة”..
يقول: كمال ناصر: حبيبي.. إذا ما أتاك الخبر وكنت وحيداً
تداعب بين يديك وحيدي وتهفو لموعدنا المنتظر..
فلا تبكني.. إنني لن أعود.
فقد هان عبر بلادي الوجود
ذليلاً.. جريحاً.
ورنّ بأذني نداء الخطر..
حبيبي..
إذا ما أتاك الخبر.. وصاح النعاة:
يقولون مات الوفي وغيضت رؤاه
ونام العبير بحضن الزهر..
فلا تبكني وابتسم للحياة.. وقل لوحيدي.. لأني أحب وحيدي
أبوك رؤى شعبه أضاءت دجى قلبه..
وحدت على دربه
شظايا فكر..
رأى الظلم يدمي رباه
فثار إلى مبتغاه.
وكان شهيداً.. وكل شهيد إله..
تسامى فلوّن معنى الصلاة..
وعمق من وحيها وابتكر..
فسالت نضالاً دماه..
لأني أحب وحيدي..
بأني تذوقت معنى العطاء..
ولذّ لقلبي جرح الفداء
ولم يبق مني إليه..
سوى زفرة من نشيدي.. وأشلاء عودي.
تكوّم في دارنا وانتثر..
وقل لوحيدي إذا زار قبري..
وحنّ لذكري..
بأني سأرجع يوماً إليه..
لأجني الثمر.
محطات في حياته
ولد كمال بطرس إبراهيم يعقوب ناصر في مدينة غزة عام 1924، وتربى في بلدة بيرزيت، شمالي رام الله، ودرس في مدينة القدس، وأنهى دراسته العليا في الجامعة الأمريكية في بيروت عام 1945 وتخرج فيها بإجازة في العلوم السياسية.
عاد إلى فلسطين عام 1945، وعمل مدرساً للأدب العربي، ساهم مع عدد من رفاقه في تأسيس فرع لحزب البعث العربي الاشتراكي في فلسطين في عام 1952، وأصدر جريدة “البعث” اليومية في رام الله.
انتخب كمال ناصر عضواً في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1969، وذلك في أعقاب سيطرة حركة فتح وباقي فصائل الكفاح المسلح على زمام المنظمة.
استشهد كمال ناصر، والقائدان الفلسطينيان كمال عدوان ومحمد يوسف النجار في عملية اغتيال قام بتنفيذها جهاز المخابرات الإسرائيلية “الموساد” في شارع فردان بالعاصمة اللبنانية بيروت يوم 10/4/1973.
كتب كمال ناصر مقالات سياسية وتأملية كثيرة، وكتب القصة القصيرة، كما صدرت له مجموعة شعرية، هي “جراح تغني” عن دار الطليعة في بيروت عام 1960، أما معظم آرائه ومواقفه فكان يضمنها في ما كان ينشره من مقالات شبه يومية في الصحف والمجلات، فضلاً عما كان يحتفظ به كمخطوطات. وحسب موقع ديوان العرب: ذكر يوسف أسعد داغر (1899م-1980م) أن أول قصيدة نشرها كمال ناصر كانت في جريدة «الأهرام» سنة 1937م بعنوان «فلسطين الأبية»، فيكون قد نظم الشعر وله من العمر 12 سنة، وهي قصيدة «في الثورة الفلسطينية الكبرى»، يقول فيها:
هذي فلسطينُ الأبيةُ في السلاسل والقيودْ
يقضي بها الخصمُ العنيدُ وليس تنفعها الجهودْ
قرّتْ بها عين الجبان وكلُّ نمّامٍ حسود
ما بين ظلم الإنكليز، وبين طغيان اليهودْ
لا بدّ للتاريخ يوماً أن يعود وأن يسودْ