الثورة – ديب علي حسن:
منذ أكثر من نصف قرن والسوريون يعيشون تحت وطأة وكابوس الدولار في الصرف وفي التعامل.. إذ كان يكفي أن يهمس أحدهم باسمه حتى يذهب في رحلة العذاب، فكيف بمن يتعامل به؟!.. طبعاً إلا المسؤولين الذين يقرشون كل شيء عليه، وأنت عليك أن تصمت وتدفع.. فما حكايته..؟
من المعروف أن العالم كان يستخدم العملات المعدنية (نحاس- فضة- ذهب.. إلخ) هذا يعني أن البلد، أي بلد بمقدار ما يملك من هذه المعادن يملك نقوداً، الأمر الذي دعا إلى العمل المضني في البحث عن هذه المعادن، حتى عندما ابتكرت العملة الورقية في الصين، كان لابد أن يقابلها رصيد من هذه المعادن.
أميركا تخدع العالم
ظلت العملات الورقية مدعومة برصيد كما يقول نيكولاي ستاركوف في كتابه “الأزمة كيف تفتعل؟”
(ظل الأمر على هذا المنوال حتى عام ١٩١٣م إلى أن قام الأمريكيون باكتشاف جديد، إذ توفرت إمكانية إصدار نقود ورقية من دون التقيد بشرط تأمينها بالذهب).
لتصبح الثروة فاحشة ومن دون حدود، ومن أجل ذلك لابد لك من سلطة، ولابد من النقود للاستيلاء على السلطة والحفاظ عليها للحصول على الثروة العالمية لابد من سلطة عالمية.
وللمحافظة على السلطة على العالم لابد من منبع نقود لا ينضب، لذلك تطلب الأمر أن يسيطروا على عملية إصدار النقود في دولة عالمية كبرى، وإبعاد أي دولة أخرى قادرة على إصدار النقود والاعتراض على حق دولة واحدة بإصدار نقد غير مدعوم وإبعادها عن الخريطة السياسية.
وكان إنشاء نظام الاحتياط الفيدرالي في أميركا وأول طابعة نقود خاصة في العالم ذلك عام ١٩١٣م حصلت على حق إصدار النقد.. وليس مصادفة بعدها أن تكون الحرب العالمية الأولى لإزالة أربع إمبرطوريات منافسة.
ومن المعروف أن حاكم البنك الفيدرالي لا يمكن لرئيس الولايات المتحدة أن يستبدله، فهو الشخص الوحيد العصي على ذلك، لأنه ينتخب من قبل سبعة بنوك تشكل الفيدرالي الذي هو بنك خاص، أي أن أميركا لا توجد فيها بنوك عامة، ومنذ ذلك الحين هو الذي يسك النقود، وبالتالي بين يديك دولار نظام الاحتياطي الفيدرالي وليس دولار الولايات المتحدة.
العملة قوة عظمى
مع فورة الاقتصاد تغير كل شيء ولم تعد القوة العسكرية هي القوة التي لا ترد، فكما يقول صاحب كتاب الأزمة كيف تفتعل، (فالعملة صعبة اليوم- ليست مجرد نقود، وليست مجرد سك وطباعة، أو وسيلة للدفع، إنها سلاح فائق الأهمية في الصراع مع المتنافسين، فيما مضى كان نفوذ الدولة ينتهي حيث تمكنت الدبابات من الوصول، فالدبابات السوفييتية مثلاً وصلت إلى برلين الشرقية- وهناك نفوذ الاتحاد السوفييتي).
في أيامنا ينتهي نفوذ الدولة حيث وصلت عملاتها، هذه ليست استثناء بالولايات المتحدة، لذلك هي الدولة الرئيسة في زمننا الحالي، لأن دولارها وصل إلى كل مكان.
اليوم تدخل العملة أولاً، وبعد ذلك الدبابات، تلعب اليوم دوراً بوليسياً، مهمتها ألا تتيح لدولة أخرى أن تزيح العملة من منطقة ما.
ولتأمين هيمنة حركية في العالم، تملك أمريكا أضخم آلة تكتيكية في الكوكب، أي زحف، أي محاولة للاعتداء على الآلة الطابعة تجتثها من الجذور.
العملة سيادة
هنا علينا أن نذكر أن عملتنا الوطنية هي الرمز، ويجب أن تبقى بمكانتها والتعامل بها بشكل دائم لنعبر هذه المرحلة الصعبة.